القاهرة ـ العرب اليوم
بعد أن ملّ الناس الحبس المنزلي الإجباري، اتقاءً من "الفيروس التاجي"، يتوقّع خبراء السفر أن تشهد السياحة الطبيعيّة حالياً رواجاً كبيراً، وأن يزداد البحث عن نقاط محليّة أو عالميّة حباها الله بالجاذبيّة والثروات من أهداف السياحة الطبيعيّة أو السياحة البيئيّة، التشجيع على زيارة الأماكن الثريّة في كنوزها النباتيّة والحيوانية والمائيّة، للتعريف بها، وتغذية الوعي بأهميّة الحفاظ عليها. وتتّفق أهداف السياحة الطبيعيّة مع توق الأنفس راهناً إلى زيارة المتنزّهات والشواطئ و... للترويح عن الذوات، والقيام بالنشاطات في الهواء الطلق. وفي هذا الإطار، تتوقف "سيدتي" في محطّتين سياحيّتين في العالم العربي؛ أولاهما في مصر، وثانيتهما في لبنان.
"بلو هول" أو "الثقب الأزرق" أو "مقبرة الغوّاصين"، تسميات لموقع طبيعي في "دهب" بمحافظة جنوب سيناء في مصر يُقال إنّه تشكّل بفعل مذنّب، ويرد على "لائحة أمنيات" كل غوّاص في العالم أو مهتمّ في أعماق "الأزرق الكبير" وكائناته وشعابه المرجانية بعد رحلة بوساطة الباص تمتدّ لنحو ساعة، انطلاقاً من "شرم الشيخ"، يصل السائح المكان ذا الجاذبيّة، حيث تخلب رؤى انعكاسات الشمس على الكائنات في الأعماق الألباب. وبخلاف الشائع، ليست زيارة المكان حكراً على الغوّاصين المحترفين فحسب، إذ يمكن الطفو على سطح الماء في مكان قريب للغاية من الشاطئ، كما الانخفاض حتّى 40 متراً، في إطار الغوص الترفيهي، من دون أية مخاطر في تضاريس "الثقب" البالغ عمقه 110 أمتار؛ ثمّة نقطة عبارة عن فتحة تسمّى بـ"السرج" على عمق 6 أمتار، ويمكن النفاد منها إلى البحر، أمّا نقطة "القوس" فتنخفض إلى أكثر من 50 متراً، يليها النفق (طوله 26 متراً)، حيث من الممكن أن تسحب المياه الغوّاص غير المجهّز من دون رجعة.
في حديث "سيدتي" مع الغوّاص المحترف هشام الحسناوي، يقول الشاب التونسي الذي زار "الثقب الأزرق" لمرّتين إنّ "غالبيّة حوادث الغرق تحدث في المكان لسوء تقدير الغوّاص مستوى مهاراته، والتجهيزات اللازمة لمغامرة مماثلة". ويضيف أنه "يُفضّل التنسيق مع أحد مراكز الغوص الكثيرة المتوافرة في "دهب" في شأن أجهزة الغوص، أو القيام بالمغامرة صحبة مرشد محلّي، لأن المكان شهد على قضاء نحو 200 غواص من جنسيّات مختلفة خلال السنوات العشر الأخيرة الشاب التونسي الذي يجول العالم، بحثاً عن مواقع طبيعيّة للسياحة والغوص، يشدّد على أهمّية الاستراحة بعد إتمام الغوص في الـ"بلو هول"، بعيداً عن العودة مباشرة إلى "شرم الشيخ"، وذلك لتفادي أي مشكلات صحّية ناتجة عن الاختلاف في الارتفاعات على السائح. وهو ينصح بقضاء يوم كامل في "دهب" الهادئة، لاكتشاف المنطقة التي كانت في الماضي قرية للصيّادين، وتذوّق أطباق السمك وثمار البحر، مع زيارة شاطئ "ذا كانيون" البعيد نحو كيلومترين عن الـ"بلو هول"، وهذا الأخير يمثّل نقطة شهيرة أخرى للغوص. إشارة إلى أن الـ"كانيون" يشير إلى كهف تحت عمق المياه".
2. دروب "القمّوعة"
بعد مشوار يمتدّ لساعتين ونصف الساعة، بوساطة السيارة، انطلاقاً من بيروت، يصل السائح سهل القمّوعة، وسرعان ما يشعر بأن توليفة الهواء النقي وحفيف الأشجار وأصوات الطبيعة الأخرى وخضرتها مسيطرة عليه، فينسى مشقّة الطريق يقع سهل القمّوعة (أو السهلة كما يسمّيها المحلّيون) في منطقة فنيدق (شمالي لبنان)، وهو يعرف تنوّعاً بيئيّاً هائلاً، على مساحة 11 كيلومتراً مربعاً، بالإضافة إلى كيلومتر مربع خاصّ بغابة العذر الواقعة على طرف سهل القمّوعة، الغابة التي تضمّ أشجار العذر المعمّرة التي لا مثيل لها في الشرق الأوسط. عموماً، تكثر في "السهلة" الأشجار الباسقة، بخاصّة الشوح والشوح الكيليكي النادر والأرز اللبناني واللزاب، والنباتات، مع توثيق أربعين نوعاً من نبات الـ"أوركيديه" وحدها في السهل، وبعضها نادر في لبنان. ومن فرط غنى السهل النباتي، يقدّر أن 60% من التنوّع البيئي الخاصّ بلبنان مكانه القمّوعة، علماً أنّها تتدرّج في الارتفاع من 1400 متر عن سطح البحر، وصولاً إلى 2300 متر في "قلعة عروبة"، وتزنّرها الهضاب بشكل شبه دائري. و"السهلة"، هي أكبر خزان ماء يغذّي منطقة عكار العليا بمياه الشفة كان مرّ الإنجليز في المكان، كما الفرنسيّون، ويقال إن شجر اللزاب كان يقطع منها زمن الحرب العالميّة الأولى، ويستخدم في صنع البوارج، لصلابته.
من الناحية السياحيّة، السهل هو مقصد كلّ هواة السياحة الطبيعيّة، من المحليين والأجانب، ويستقبل بخاصّة الراغبين في المشي في الطبيعة، فقد عيّنت مجموعة بيئيّة محليّة تسعة دروب للمشي في القمّوعة للمستويات البدنيّة كافة، كلّ درب منها يمتدّ على عشرة كيلومترات. تسمح دروب القمّوعة في التعرّف إلى ثراء الغابات العديدة، والالتحام بالطبيعة البكر وتقديرها. علماً أن بعض الدروب مناسب للرحلات الدرّاجة. وتشتمل النشاطات الأخرى المقترحة على السائحين في السهل: تسلّق الصخور، بالإضافة إلى كل الرياضات التي تمارس في الهواء الطلق في لقاء "سيدتي" مع المرشد الجبلي المحلّي في عكار عثمان طالب، يتحدّث الشاب عن ذيوع صيت المنطقة أخيراً في صفوف السائحين المحليين والأجانب، فقد كان سهل القمّوعة يستقطبهم، قبل جائحة "كورونا"، ولا سيّما هواة الطبيعة المهتمّين بخاصّة في اكتشاف دروبه مشياً. ويلاحظ أن الغالبيّة تردّد بعد الجولات المنظّمة أن "لعكار مستقبلاً واعداً على صعيد السياحة البيئية"، لافتاً إلى جهود يقوم بها على صعيد "مجموعة درب عكار"، لتوثيق الثروة النباتية والحيوانية في عكار، والحفاظ على بيئة عكار، وتدريب المرشدين من الشباب لمرافقة السائحين.
قد يهمك أيضــــــــــــــــًا :
منطقة أسني المغربية تحتضن فعاليات "الجوز" وترفع من شان المنطقة اقتصاديًا
مطارات وفنادق مصر جاهزة لعودة السياحة الروسية
أرسل تعليقك