مسقط ـ عبدالغني يحيى
تتمتع مدينة صلالة بأهمية كبيرة على خريطة السياحة العالمية؛ اذ تعد المدينة الواقعة بمحافظة ظفار جنوب سلطنة عُمان معقلا للبخور، الذي يعرف بالذهب الأبيض، إلى جانب الشواطئ الساحرة والمناظر الطبيعية الخلابة، وقد شاع استعمال أنواع البخور من جنوب عُمان في مختلف الحضارات القديمة؛ حيث عرف الإغريق والفراعنة والرومان مزايا الروائح العطرية، كما تم العثور على بقايا البخور في قبر توت عنخ أمون في وادي الملوك، كما أحب الإمبراطور نيرون والملك سليمان رائحة البخور، وفق وكالة الأنباء الألمانية.
وقد تطورت المنطقة الواقعة في محافظة ظفار في العصور القديمة واشتهرت بأنواع اللبان المختلفة، وقد كان يتم تقديم البخور للآلهة في معابد روما وبابل وبلاد فارس ومصر، وكان يطلق عليها اسم "دموع الآلهة".ولفترة طويلة لم يكن من المعروف من أين يأتي البخور، لكن قوافل الجمال كانت تحمل "الذهب الأبيض" منذ 2000 عام قبل الميلاد من منطقة ظفار العربية على طريق البخور الأسطوري وتمر به عبر اليمن، ثم الطريق التجاري على طول البحر الأحمر مرورا بمكة المكرمة ومدينة البتراء الأردنية، ثم تتجه الرحلة إلى دمشق أو إلى الإسكندرية.
سوق البخور
وقد أدت تجارة البخور إلى ازدهار المنطقة وثرائها، ولقد ظلت أصول هذه التجارة من الأسرار لفترة طويلة مع تأمين طريق التجارة جيدا.في البداية كان يتم جلب البخور من هذه المنطقة إلى مدينة أوبار، التي تعتبر مدينة القوافل ونقطة الانطلاق على طريق البخور، وكانت القافلة تضم ما يصل إلى ألفين من الجمال محملين بالتوابل والأحجار الكريمة والبخور.ويرتفع دخان البخور من أمام المتاجر الأخرى في سوق البخور، ويقع هذا البازار في المنطقة المجاورة لقصر السلطان ومتحف البخور، وخلف هذه المنطقة توجد أطلال البليد، والتي كانت تعتبر بمثابة ميناء البخور القديم في صلالة.
ويجلس التاجر أحمد طه في بازاره في صلالة ويتحدث عن فوائد اللبان، الذي كان يتمتع بقيمة أغلى من الذهب في العصور القديمة، وتنتشر رائحة حلوة ثقيلة في متجره، علاوة على أنه يقوم بحرق المزيد من الأنواع الأخرى من البخور، وربما يكون ذلك جزءا من استراتيجية البيع.وأوضح أحمد طه أن مزايا البخور لا تقتصر على الرائحة الطبية فحسب، بل إنه يعمل على تهدئة الروح وتحفيزها، ويوجد موقد البخور في كل بيت عماني، حتى أن بعض الأشخاص يستخدمون اللبان كعلكة لتنظيف الأسنان.
وإلى جانب أوبار كانت سمهرم التاريخية تعتبر نقطة انطلاق على طريق البخور، وقد تمت إعادة ترميم القلعة الكبيرة لهذه المدينة الساحلية مع ميناء البخور "خور روري" خلال عام 2014، والذي يشهد على الأهمية السابقة لتجارة البخور، التي تعتبر من أهم العوامل الاقتصادية لمحافظة ظفار حاليا إلى جانب النشاط السياحي بها.ويتم هنا إنتاج 7000 طن من البخور سنويا، والتي يتم بيعها في جميع أنحاء العالم، وبطبيعة الحال يأتي معظم السياح هنا من أجل الاستمتاع بالشواطئ الرملية المطلة على بحر العرب والتجول وسط المناظر الجبلية الخلابة.
قد يهمك أيضا:
سحر الراتنغ العطري الفريد يطغى على أجواء مدينة صلالة العُمانية
مدينة صلالة المحاطة بجبال ظفار مزيج الطاقة الإيجابية
أرسل تعليقك