بيروت - العرب اليوم
بعد ساعات على اللقاء المتفجر بين الرئيسين ميشال عون وسعد الحريري، جرى اتصال هاتفي بين البطريرك الماروني بشارة الراعي، والأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، أعرب فيه غوتيريش عن «اهتمامه الشديد بالوضع اللبناني وبضرورة تأليف حكومة والحفاظ على لبنان بعيداً عن الصراعات».وشرح له الراعي «حال اللبنانيين وموقف الدولة وعجز الجماعة السياسية عن الجلوس معاً والاتفاق على مشروع إنقاذي، في وقت انتشر فيه الجوع والفقر وتدهورت العملة الوطنية وشارف البلد على الانهيار التام». وأبلغ الراعي «الأمين العام أن اللبنانيين ينتظرون دوراً رائداً للأمم المتحدة، لا سيما أن لبنان عضو مؤسس وفاعل في المنظمة الدولية منذ تأسيسها». وكان الاتصال مناسبة ليُطلع البطريرك الراعي الأمينَ العام على الأسباب الموجبة التي دفعته إلى المطالبة بحياد لبنان وبعقد مؤتمر دولي خاص بلبنان.
واستقبل الراعي النائب في «الوطني الحر» فريد البستاني الذي أشار إلى أنه وضع البطريرك «في صورة ظروف تشكيل الحكومة والأمور المعيشية كرئيس لجنة الاقتصاد والصناعة والتخطيط في المجلس النيابي». وقال بعد اللقاء: «لمست لدى البطريرك تفهم الوضع المعيشي المأساوي الذي يعيشه الشعب وكانت له توجيهات في هذا المجال وسأنقلها إلى المسؤولين». وأشار إلى أن الراعي يدعو إلى الانفتاح والتسوية قدر الممكن أو تغيير الذهنية في طريقة تشكيل الحكومة مع احترام موقع رئاسة الجمهورية وموقع رئاسة الحكومة».
وتركت المواجهة الأخيرة بين عون والحريري تداعياتها على الوضع السياسي في لبنان، حيث سجّل أمس عدد من اللقاءات لا سيما في القصر الجمهوري فيما يسود الترقب لما ستشهده الأيام المقبلة من تطورات. وقالت مصادر في «التيار الوطني الحر» لـ«الشرق الأوسط»: «إن عون بدأ منذ اليوم (أمس) سلسلة لقاءات واتصالات بعضها سياسي وبعضها دبلوماسي لشرح وجهة نظره حيال ما حصل في ملف تشكيل الحكومة ووضع النقاط على الحروف، والأمر نفسه على الصعيد الداخلي، حيث تجري اتصالات مع الأطراف المعنية لوضع الجميع في أجواء ما يمكن أن يقوم به الرئيس لوضع حد لما يحصل».
وعُقد لقاء، أمس، بين عون والسفيرة الفرنسية في لبنان آن غرييو. كما استقبل رئيس الحكومة المكلف سعد الحريري، سفير الكويت عبد العال القناعي، حيث تم عرض آخر المستجدات السياسية، بينما كان موقف لافت من نائبة المنسق الخاص للأمم المتحدة في لبنان نجاة رشدي، التي التقت أيضاً عون، ودعت القادة السياسيين اللبنانيين إلى التركيز على تشكيل حكومة تتمتع بالصلاحيات كخطوة أساسية لمعالجة أزمات البلاد المتعددة والخطيرة ولتطبيق الإصلاحات المطلوبة. وقالت: «يجب المضيّ قدماً بهذه الخطوة التي لم تعد قابلة للتأجيل بعد الآن».
ومع تفاقم الأزمة الاجتماعية والاقتصادية، دعت رشدي القادة اللبنانيين إلى ترك خلافاتهم جانباً، وتحمل مسؤولياتهم، وإنهاء حالة الشلل القائم، والاستماع إلى دعوات اللبنانيين اليائسة، مؤكدة أن الأمم المتحدة تبقى ملتزمة بدعم الشعب اللبناني واستقرار البلد واستقلاله السياسي وسيادته.
في المقابل، استمرت المواقف من «تيار المستقبل» التي حمّلت رئيس الجمهورية وفريقه مسؤولية ما يحصل. وكتب النائب محمد الحجار على «تويتر»: «طال مسلسل التعطيل تارة بالتذاكي وطوراً بالتلطي ومرات بالقفز فوق الدستور والتحجج بحقوق مزعومة، فيما الهدف واحد: الثلث المعطِّل. لقد فضحت ورقة رئيس الجمهورية نكرانه وتمسكه بثلث التحكم بالبلاد إرضاءً لصهره ومستقبله السياسي. أما آن الأوان لتصير رئيساً لكل لبنان وليس لفريق واحد فيه؟».
بدوره قال مستشار الحريري، النائب السابق مصطفى علوش، إن «العهد هو الذي أنهى العلاقة مع بيت الوسط (مقر الحريري) منذ استقالة الأخير بُعيد الانتفاضة الشعبية في أكتوبر (تشرين الأول)، ولكن على الطرفين أن يتقبل كل منهما الآخر والذهاب إلى تشكيل حكومة بغضّ النظر عن العلاقة المقطوعة بينهما والتي لا يمكن جسرها بأي طريقة من الطرق لا سيما مع ولي العهد (في إشارة إلى النائب جبران باسيل)»، مشدداً على أن «البلد يغرق ولا تَرَف في تحالفات جديدة تؤدي إلى اصطفافات لا إلى نتيجة»، معتبرا في الوقت عينه أن «أي خلاف يجب أن يصل إلى تسوية معينة».
ورداً على سؤال عن احتفاظ الحريري بالتكليف حتى نهاية عهد الرئيس عون، قال علوش: «نحن نعمل بناءً على المعطيات التي تُسجل، والآن الحريري هو الرئيس المكلف، ومن هو منزعج فليستقِلْ». وعن احتمال توجه نواب كتلة «المستقبل» إلى الاستقالة، أكد علوش أن الأمور مفتوحة على كل الاحتمالات، وحتى الآن البرنامج القائم هو الاستمرار في السعي للوصول إلى نتيجة في تشكيل الحكومة.
ولاحقاً، رأى علوش في حديث تلفزيوني أن ثمة سعياً حثيثاً من رئيس الجمهورية وفريقه لكسر الجرّة مع الرئيس الحريري. وأكد أن «الاعتذار غير مطروح من الحريري»، كاشفاً أن «خيارات تيار المستقبل مفتوحة، ولدينا اجتماعات قريباً لاتخاذ القرارات المناسبة للفترة المقبلة». وقال علوش: «أعتقد أن خطاب السيد نصر الله شجّع رئيس الجمهورية على اتخاذ هكذا موقف»، لافتاً إلى أن «من يتجاوب مع قرارات الخارج هو الرئيس عون، وإيران لا تريد حكومة في لبنان في الوقت الحالي».
قد يهمك أيضــــــــــــــــًا :
عون يبحث مع الحريري تشكيل الحكومة اليوم
عون يدعو الحريري إلى «التأليف الفوري» للحكومة أو إفساح المجال «أمام كل قادر»
أرسل تعليقك