أطفال النفايات في العراق يتكاثرون والجهات الحكومية غائبة عن مساعدتهم
آخر تحديث GMT11:13:30
 العرب اليوم -

أطفال النفايات في العراق يتكاثرون والجهات الحكومية غائبة عن مساعدتهم

 العرب اليوم -

 العرب اليوم - أطفال النفايات في العراق يتكاثرون والجهات الحكومية غائبة عن مساعدتهم

أطفال النفايات في العراق
بغداد – نجلاء الطائي

الكثير من الأطفال بعمر الزهور نراهم متجمعين ليس وسط الحدائق لجمع باقات الزهور وإنما وسط المزابل لجمع علب الألمنيوم أو البلاستيك أو الأخشاب أو أسلالك النحاس وغيرها من المواد التي يمكن بيعها والاستفادة منها. وهؤلاء الأطفال يكون لديهم عادة من يرأسهم ويستولي على ما يعثرون عليه ويحلمون بالسلاسل الذهبية أو بعض الحلي أو النقود أو بالمواد التي تصلح للبيع أو الاستعمال وحتى الأكل لهم أو للحيوانات.

إنّ الأطفال المشردين أو أطفال النفايات وأكوام القمامة، وجوههم مسودة ومفحمة من اثأر الأوساخ، وملابسهم رثة ووسخة من اثار الزيوت والأوساخ، وأيديهم متسخة وأظافرهم طويلة تحتوي تحت طياتها كما من الجراثيم والقاذورات، وهناك روائح كريهة تنبعث منها أنواع الغازات والسموم من آثار التفسخ والتعفن لبعض اللحوم من الحيوانات الميتة التي ترمى في تلك المزابل والقمامات والروائح الكريهة والدخان المتصاعد ليل نهار جراء حريق القمامة والأكياس السوداء المكدسة وهذه الأوساخ والروائح تزكم الأنوف وتؤثر على صحة الرئتين، أما أقدامهم فهي حفاة عراة يدوسون على كل أنواع الأوساخ ويعبرون في المياه المتعفنة النتنة والآسنة ويتسلقه من أعالي القمامات كأنها جبال بحثا عما يحتاجونه.

مصطفى ثامر طفل عراقي يبحث في القمامة عن قناني المشروبات الغازية من أجل جمعها وبيعها  بسعر زهيد، وحالة مصطفى هذه، حال آلاف الأطفال العراقيين الذين يبحثون في القمامة عما يسد رمقهم ورمق عائلاتهم في بلد ميزانيته السنوية أكثر من مائة مليار دولار.

ولقصة مصطفى تفاصيل أخرى، يتحدث هذا الطفل كيف توفي والده في أحد التفجيرات، ووالدته تبحث عن وظيفة منذ سنوات عديدة، لكن جميع الأبواب التي طرقتها أغلقت في وجهها لعدم انتمائها لأي حزب.

وأشار الى ان "أحد اخوته قد توفي بسبب مرض نقل اليه من الاطعمة الملوثة التي كان يتناولها من القمامات ولم تستطع والدته توفير العلاج له وخضوعه لعملية جراحية لاكياس ظهرت في اسفل صدره".

 و قصة طفل اخر وهو أكرم سعد فيقول إني اسكن مع جدتي التي يتجاوز عمرها الـ80 عاما بعد ان استشهد جميع إفراد أسرتي اثر حادث مؤسف، ولأنني انا أتولى أمر المعيشة من خلال البحث عن فضلات الخبز وعبوات المشروبات الغازية وبيعها في القمامات بين شارع وأخر.

ويعيل كرار عبد الأئمة 12 عاما أسرته ، معتمدا على استخدام زجاجات البلاستيك وعلب الألمنيوم الفارغة التي تبقيهم ( هو وعائلته ) على قيد الحياة. ففي مكب نفايات قرب منزل كرار في مدينة الصدر ذات الشوارع الضيقة والأحياء الفقيرة المنخفضة التي بنيت فيها مساكن لأكثر من 3 ملايين نسمة ، وهي منطقة مترامية الأطراف وعانت سنوات من الإهمال ، حيث ينتشر الرجال والنساء والأطفال وتتزاحم على أكوام من القمامة النتنة.

كرار يمضي عطلته الصيفية المدرسية من خلال حصوله على مبالغ مقابل  تفريغ القمامة في بغداد حتى يتمكن من إعالة أسرته ، وهو صبي نحيل يرتدي ملابس قذرة ، يعمل مع الأطفال الآخرين لاستقبال وصول الشاحنات التي تحمل النفايات الطازجة وينتظر بفارغ الصبر لتفريغها على الرغم من رائحة الأوساخ غير المحتملة.

ويقول كرار"نحن نكسب عيشنا من خلال هذه القمامة" . وعقد كيس كبير وربط المعادن ، ثم أضاف "علينا أن نبدأ العمل في الصباح ، ونحن نجمع علب البيبسي وزجاجات البلاستيك وبعد ذلك يمكننا بيعها. لقد بدأت العمل في هذا المكان منذ أن كان عمري ثلاث سنوات".

أطفال النفايات في العراق يتكاثرون والجهات الحكومية غائبة عن مساعدتهم

العاملون من الأطفال مع كرار يبعون كل كيلوغرام من الزجاجات البلاستيكية أو علب الصودا مقابل 250 دينارا ، ويكسبون ما بين 2000 إلى 4000 دينار يوميا.

والدة كرار وأحد أشقائه يعملون معه في وحول مدينة الصدر. وفي نهاية الشهر يجمعون ما استطاعوا الحصول عليه ليتراوح بين 300 الى 400 الف دينار ، والأرباح الضئيلة التي يحصلون عليها هي لدعم العائلة الكبيرة. الاخوة تعمل فقط خلال العطل المدرسية ، ولكن هناك  أطفال آخرون تركوا المدرسة وبدأوا العمل في تفريغ جمع القمامة بدوام كامل.

إحدى الأمهات التي يعمل أطفالها العشرة في جمع القمامة الذين اضطروا إلى هذا العمل لأنهم فقراء وزوجها عاطل عن العمل. تقول وهي مرتدية قناعا  من القماش يحميها من الرائحة الكريهة لأنها أفرغت كيسا من الزجاجات " ليس لدينا أي شيء ، نحن نعيش في منزل من الطين وزوجي مريض" . بينما يحاول سجاد كاظم الاتصال بزوجته كل 10 دقائق ليحاول ان يخفف من قلقهم المستمر ويؤكد لهم انه على قيد الحياة. وسجاد هو جامع قمامة، حيث يقول " أن مهنته هي واحدة من أخطر المناطق في المدينة، حيث يمكن إخفاء القنابل تحت أي كومة من النفايات " .

وكان قد قتل  أكثر من 500 عامل نظافة خلال السنوات الماضية بسبب تفجيرات وقتل متعمد ، ويؤكد سجاد الذي بدأ جمع القمامة في عهد النظام السابق. "إننا مستمرون ونضع أرواحنا في أيدينا". ويضيف " القمامة في كل مكان من هذه المدينة ، حيث  تغطي الجزرات الوسطية للشوارع ، وحفات أزقة كثيرة نتنة وينتشر حولها الذباب.

إلى ذلك يقول مسؤول الدائرة الإعلامية في بلدية الاعظمية المهندس علي كريم عطية لـ"العرب اليوم" أن عمل النبّاشة يتم تنفيذه في بقية دول العالم وفق أسلوب مهني صحيح، وليس بهذه الطريقة التي تحط من قدر العامل وسلامته المهنية.

ويلفت عطية إلى أن عمل الأطفال بهذه المهنة يشكل خطورة عليهم، واصفاً إياه بأنه جزء من عمالة لا إنسانية وغير قانونية في نفس الوقت، وناشد الجهات المعنية ومنظمات المجتمع المدني بعمل جولات ميدانية ورصد هذه الظاهرة الخطيرة.

أطفال النفايات في العراق يتكاثرون والجهات الحكومية غائبة عن مساعدتهم

وقالت الناشطة في مجال حقوق المرأة والطفل "أبتسام عبد الله " في حديث لـ "العرب اليوم" إن "قانون العمل العراقي منع استغلال الأطفال أو تشغيلهم بأي شكل من الأشكال، وأن هناك تحايلا على القانون من قبل بعض أصحاب الورش والمحال، فضلا عن أن منع الأطفال من العمل قد يتسبب بقطع ما تحصل عليهم عوائلهم من دخل بسيط في ظل غياب المعالجة الحكومية التي ينبغي أن توفر لهؤلاء الأطفال ولعوائلهم دخلا ثابتا يقيهم على الأقل مشكلة دفع صغارهم إلى أسواق عمل لا ترحم.

وتضيف" للأسف نلاحظ بأنّ محافظة ذي قار وبحسب لجنة التخطيط الإستراتيجي في مجلس محافظتها المركز الرابع بين المحافظات العراقية الأكثر فقرا حسب تقديرات وزارة التخطيط الاتحادية"، مبينةً "ان منظمة الأمم المتحدة لرعاية الطفولة "يونيسيف" كانت قد أكدت في تقريرها الذي صدر عام 2014 بوجود 41 ألف طفل متسرب من مقاعد الدراسة في محافظة ذي قار فقط، فكيف الحال لو ببقية المحافظات".

أطفال النفايات في العراق يتكاثرون والجهات الحكومية غائبة عن مساعدتهم

الباحثة الاجتماعية والنفسية ليلى كامل قالت في حديث لـ "العرب اليوم" إن "الأطفال الذين يجبرون على العمل مبكرا هم في الأغلب من الأيتام أو من عوائل فقيرة لا تستطيع إيفاء مستلزمات الحياة التي تشهد تصاعدا كبيرا، لذا فإن عملية التحاق الأطفال بأسواق العمل مستمرة بالنمو دون معالجات فاعلة، خصوصا أن البلاد تمر بضائقة مالية كبيرة خصوصا مع حالة التقشف التي أعلنت عنها الحكومة والتي ستزيد من نسبة الفقر وبالتالي المزيد من الأطفال الملتحقين بسوق العمل وهذه حالة خطيرة جدا يجب الوقوف عندها من قبل وزارة العمل والشؤون الاجتماعية ومن قبل الجمعيات المناهضة للعنف ضد المراة والطفل".

أطفال النفايات في العراق يتكاثرون والجهات الحكومية غائبة عن مساعدتهم

ويعيش في منطقة القمامات والمزابل عدد كبير من العوائل الفقيرة بأكواخ وخيم صغيرة وبسبب الغلاء المعيشي والبطالة والقتل والتهجير الخطف والسلب تكونت هناك جماعات كبيرة من العوائل معتمدة على معيشتها على تلك القمامات وبسبب عدم وجود وسائل الراحة والثقافة وعدم إرسال الأطفال إلى المدارس والفقر الكبير يجعل الأطفال يتعاطون التدخين والمخدرات والاعتداء الجسدي والجنسي لبعض الأطفال الذين ليس لهم عوائل وكلهم يحلمون بالسعادة والسكن الجيد الصحي والمناخ النظيف وبوجود المستشفيات والمدارس والأسواق والبيوت النظيفة الصحية والماء والكهرباء والطرق الواسعة والأماكن المفتوحة والحدائق فلما لا يكون الحلم حقيقة".

arabstoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

أطفال النفايات في العراق يتكاثرون والجهات الحكومية غائبة عن مساعدتهم أطفال النفايات في العراق يتكاثرون والجهات الحكومية غائبة عن مساعدتهم



تارا عماد بإطلالات عصرية تلهم طويلات القامة العاشقات للموضة

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 20:33 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

فساتين الكاب تمنحك إطلالة ملكية فخمة
 العرب اليوم - فساتين الكاب تمنحك إطلالة ملكية فخمة

GMT 20:14 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

أفكار هدايا مبتكرة ومميزة في موسم الأعياد
 العرب اليوم - أفكار هدايا مبتكرة ومميزة في موسم الأعياد

GMT 03:23 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

تناول المكسرات يوميًا يخفض خطر الإصابة بالخرف

GMT 03:50 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

قمة الرياض.. لغة قوية تنتظر التنفيذ

GMT 14:56 2024 الإثنين ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

أداة ذكية لفحص ضغط الدم والسكري دون تلامس

GMT 03:43 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

ليلة ليلاء؟!

GMT 22:52 2024 الثلاثاء ,12 تشرين الثاني / نوفمبر

سامباولي مدرباً لنادي رين الفرنسي حتى 2026

GMT 02:02 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

ترامب يعلن أن إيلون ماسك سيتولى وزارة “الكفاءة الحكومية”

GMT 04:32 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

مدربة كندا تفصل نهائيًا بسبب "فضيحة التجسس"

GMT 12:45 2024 الثلاثاء ,12 تشرين الثاني / نوفمبر

وفاة أنجولو لاعب منتخب الإكوادور في حادث سير

GMT 05:40 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

بايرن ميونيخ يتعرض لغرامة مالية بسبب الالعاب النارية

GMT 06:07 2024 الإثنين ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

ماكرون يعتزم حضور مباراة كرة القدم بين فرنسا وإسرائيل

GMT 20:35 2024 الإثنين ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

العاهل البحريني يجتمع مع الملك تشارلز الثالث في قصر وندسور

GMT 22:44 2024 الثلاثاء ,12 تشرين الثاني / نوفمبر

غرامة مالية على بايرن ميونخ بسبب أحداث كأس ألمانيا

GMT 05:02 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

غارات إسرائيلية تقتل 46 شخصا في غزة و33 في لبنان

GMT 20:55 2024 الثلاثاء ,12 تشرين الثاني / نوفمبر

إلهام علي تكشف عن ملامح خطتها الفنية في 2025

GMT 17:27 2024 الثلاثاء ,12 تشرين الثاني / نوفمبر

غارة على أطراف بلدة العدّوسية جنوبي لبنان

GMT 06:59 2024 الثلاثاء ,12 تشرين الثاني / نوفمبر

هيفاء وهبي حاضرة في منافسات سينما ودراما 2025
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab