روما - العرب اليوم
تتولى إيطاليا "الثلاثاء" الرئاسة الدورية للاتحاد الأوروبي خلفا لليونان، والتي تستمر لمدة ستة أشهر وسط أجواء من الترقب لاسيما في ظل تولي رئيس وزراء ايطاليا الجديد ماتيو رينزي الذي ينتظر منه الكثيرون إحداث تغييرات ملموسة في السياسات الأوروبية.
ونجح رينزي في كسب ثقة المواطنين بعد اختياره رئيسا لوزراء إيطاليا في فبراير الماضي وحصوله على ثقة مجلس النواب الإيطالى بتأييد 378 صوتا ليصبح بذلك أصغر رئيس للوزراء في تاريخ إيطاليا، ثم استطاع رينزي تعزيز هذه الثقة بعد الفوز التاريخي للحزب الديموقراطي الإيطالي الذي يتزعمه وحصوله على أكثر من 40% من الأصوات في انتخابات البرلمان الأوروربي التي جرت في مايو الماضي، وهو أمر لم يحققه أي حزب إيطالي من قبل مما ساهم في تعزيز موقع رينزي وسطوع نجمه على الساحة الأوروبية.
ومع تولي إيطاليا الرئاسة الدورية للاتحاد الأوروبي خلال النصف الثاني من العام الجاري، يتوقع العديد من المراقبين أن يحدث رينزي تغييرا ملحوظا في السياسات الأوروبية.
وعلى الرغم من أن الرئاسة الدورية للاتحاد الأوروبي قد تقلصت صلاحياتها منذ تعيين رئيس دائم للمجلس الأوروبي منذ خمس سنوات غير أن الكثيرين يعولون على رينزي في أن يضع بصمة له على سياسات الاتحاد الأوروبي وأن يعيد لإيطاليا دورها المؤثر بعد تراجعها لسنوات بسبب تفاقم الأزمة الاقتصادية هناك ورتفاع معدلات البطالة.
وحول أولويات الرئاسة الإيطالية..أعلن رينزي أنها ستتركز على محورين رئيسيين هما تبني سياسة اقتصادية تعتمد على النمو والعمل، وتعزيز إدارة الحدود الخارجية ضد الهجرة غير الشرعية.
وفيما يتعلق بالمحور الأول، فقد أعلن رينزي أن الرئاسة الإيطالية للاتحاد الأوروبي ستركز بشكل أساسي على "النمو والعمل" حيث دعا إلى تبني نهج سياسي يهتم بالنمو الاقتصادي في أوروبا محذرا من الاثار السلبية لاستمرار السياسات التقشفية.
وشدد رينزي على أهمية التخلص من التعامل مع سلسلة توصيات الاتحاد الأوروبي باعتبارها قائمة يجب تنفيذها مشيرا إلى أن هناك بعض الساسة الأوروبيين يرون أن أوروبا تعتمد فقط على الاستقرار وهو أمر غير دقيق لأن الاستقرار دون نمو يؤدي إلى جمود خطير، كما شدد على أن الوحدة النقدية لا تكفي لبناء الاتحاد بل يجب بناء هذا التكتل الأوروبي على أساس وحدة القيم، لأنه اليوم أصبح "مجرد أرقام وخال من الروح".
وأكد رينزي على ضرورة مراجعة القواعد المنصوص عليها في "ميثاق الاستقرار والتنمية الأوروبي" لتكون أكثر مرونة مشيرا إلى أنه سيستغل فترة رئاسة بلاده للاتحادالاوروبى للبحث في كيفية تحسين هذه القواعد بحيث تخدم النمو الاقتصادي بدرجة أكبر. فعلى سبيل المثال يرى رينزي ضرورة حصول الدولة على المزيد من الوقت لتخفيض العجز في حال التزمت بإجراء إصلاحات، كما يفضل أيضا استثناء الاستثمارات من حسابات العجز والعمل على تنشيطها بصورة أكبر خاصة وأن السياسات التقشفية قد أدت إلى انخفاض حاد في استثمارات القطاع العام والخاص في منطقة اليورو. وقد دعا رينزي بالفعل إلى دفعة للاستثمارات من قِبَل الاتحاد الأوروبي بقيمة 150 مليار يورو.
أما فيما يخص المحور الثاني من أولويات الرئاسة الإيطالية فهو يتركز على وضع سياسات لتنظيم مسألة الهجرة غير الشرعية خاصة وأن إيطاليا تعتبر من أكثر الدول تأثرا بموجات المهاجرين غير الشرعيين حيث أنها تعد إحدى البوابات الأوروبية الرئيسية بالنسبة للمهاجرين الهاربين من الأزمات السياسية والاقتصادية والحروب ببلادها.
ووفقا لوزارة الداخلية الإيطالية فإنه تم إنقاذ قرابة 15 ألف مهاجر فى إيطاليا منذ أكتوبر الماضي بإجمالي تكلفة تزيد عن 9 ملايين يورو شهريا.. وطلبت إيطاليا مساعدة مالية من الاتحاد الأوروبي لمواجهة الوضع الذى يتطلب القيام بدوريات فى المياه بين الجزر الإيطالية الجنوبية وشمال أفريقيا وعمليات إنقاذ ودعم المهاجرين غير أن الاتحاد ينفق في الوقت الراهن عبر وكالة "فرونتكس" حوالي 80 مليون يورو سنويا على هذه الأمور، وهو مستوى يصفه المسئولون الإيطاليون بأنه غير كاف.
وفي هذا الصدد أكد رينزي أن الاتحاد الأوروبي بحاجة إلى سياسة هجرة موحدة خاصة وأنه قد تقاعس عن مساندة الكثير من الدول وعلى رأسهم إيطاليا في مواجهة هذه المشكلة التي تمثل تحديا كبيرا لبلاده.
واتفق المراقبون على أن قضية الهجرة يمكن أن تقدم فرصة لإيطاليا للقيام بدور أكثر أهمية فى عملية صنع السياسة فى الاتحاد الأوروبي، خاصة وأن تأثير إيطاليا قد تراجع على الساحة الأوروبية خلال السنوات الأخيرة بسبب الأزمات الاقتصادية وعدم الاستقرار السياسي.
وفي السياق ذاته يعول الكثيرون على النجم الصاعد ماتيو رينزي في استعادة الريادة الإيطالية على الساحة الأوروبية والاضطلاع بدور أكبر في توجيه الاتحاد الأوروبي خلال الستة أشهر القادمة وتحقيق "ربيعا أوروبيا" من التجديد الاقتصادي والسياسي بعيدا عن السياسات التقشفية المتبعة والتي باتت لا تخدم عدد كبير من أعضاء الاتحاد.
وعن صلاحيات الرئاسة الدورية للاتحاد..من المعروف أن الرئاسة الدورية للاتحاد الأوروبي قد فقدت الكثير من صلاحياتها بعد سلسلة من التعديلات التي أدخلت على معاهدة الاتحاد الأوروبي خلال السنوات الأخيرة إذ في الوقت الذي كانت فيه رئاسة الاتحاد تقود السياسة الاقتصادية للدول الأعضاء في الاتحاد وتعقد سلسلة من المؤتمرات والقمم بهذا الشأن، فإن الأمر انتقل إلى المسئولين الدائمين، رئيس الاتحاد هيرمان فان رومبوي ومسئولة السياسة الامنية والشئون الخارجية كاثرين أشتون، في بروكسل.
ومع ذلك ما زالت تتمتع الرئاسة الدورية للاتحاد الأوروبي باختصاصات مهمة تتعلق بعقد الصفقات التشريعية التي تدفع عجلة الاتحاد، وترؤس الاجتماعات الوزارية، ولعب دور الوساطة في الاتفاقات بين الدول الأعضاء هذا بالإضافة إلى الدور الذي ما زال يضطلع به قادة الدول الأعضاء في صياغة السياسات العامة للاتحاد.
نقلًا عن "أ.ش.أ"
أرسل تعليقك