تولى معارضو سياسة التقشف الاثنين مقاليد السلطة في اليونان بقيادة رئيس الوزراء اليساري الجديد الكسيس تسيبراس الذي ينذر تحالفه مع حزب يميني سيادي في الحكم بمفاوضات صعبة مع الاتحاد الاوروبي.
وقد حذرت اوروبا من الان الكسيس تسيبراس (40 عاما) زعيم حزب سيريزا المناهض لاجراءات التقشف، من انها غير مستعدة لشطب ديون البلاد التي يطالب حزبه باعادة جدولتها.
لكن يبدو ان النهج المتشدد حيال دائني البلاد، الاتحاد الاوروبي وصندوق النقد الدولي، قد اعتمد مع اعلان اتفاق لتشكيل حكومة بين سيريزا وحزب اليونانيين المستقلين، اليميني السيادي.
وسيؤمن الحزبان غالبية من 162 مقعدا (149+13) من اصل مقاعد البرلمان ال300. وقد ادى تسيبراس اليمين الدستورية الاثنين رئيسا لوزراء اليونان، ليكون اصغر شخص يتولى هذا المنصب في تاريخ اليونان.
ومن المتوقع ان يعلن تسيبراس حكومته الاربعاء.
وكسر تسيبراس الذي كان يرتدي بزة زرقاء بدون ربطة عنق كعادته، التقليد المتبع باداء القسم الديني في اليونان البلد المسيحي الارثوذكسي، فاختار اداء قسم مدني متعهدا "خدمة مصالح الشعب اليوناني دائما".
وقال قبيل ادائه القسم اثناء اجتماع مقتضب مع رئيس الدولة ان "طريقا وعرة تنتظرنا".
وتسيبراس رئيس حزب سيريزا منذ 2008 ونائب رئيس اليسار الاوروبي منذ 2010، هو اصغر رئيس وزراء منذ 150 عاما في اليونان.
وسيريزا الذي حصل على 149 مقعدا من اصل 300 في البرلمان، مع 36,34% من الاصوات، هو اول حزب حاكم في اوروبا يرفض صراحة سياسات التقشف التي تدعو اليها خصوصا المانيا. كما يدعو سيريزا الى خفض الدين اليوناني الذي يلقى رفضا بين دائني البلاد، الاتحاد الاوروبي وصندوق النقد الدولي.
وبعد ادائه القسم، توجه تسيبراس الى جدار كيسارياني القريب من اثينا حيث اعدم مئتا شيوعي رميا بالرصاص في 1944 على يد النازيين.
وردود الفعل على تغير المشهد السياسي في اليونان كانت متحفظة لا سيما من المانيا.
واعتبرت المستشارة الالمانية انغيلا ميركل ان على الحكومة اليونانية الجديدة "احترام التعهدات التي قطعتها" الحكومة السابقة. وحذرت وزارة المالية الالمانية من ان خفض الدين غير وارد موضحة انه يمكن فقط بحث تمديد برنامج المساعدة لليونان على المستوى الاوروبي اذا قدمت اثينا "طلبا" في هذا الصدد.
كما اعلن الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند الاثنين ان "التعهدات التي قطعتها" اثينا حيال دائنيها في الاتحاد الاوروبي وصندوق النقد الدولي "يجب التقيد بها"، ووجه دعوة لرئيس الوزراء اليوناني الجديد لزيارة باريس سريعا.
واضاف الرئيس الاشتراكي ان "اليونان في منطقة اليورو وتريد البقاء في منطقة اليورو وستبقى في منطقة اليورو".
من جهته قال رئيس المفوضية الاوروبية جان كلود يونكر ان خفض الديون اليونانية "غير موجود على شاشة رادار المفوضية" الاوروبية.
وقال في مقابلة مع شبكة اي ار دي الالمانية الرسمية "لا توجد ضرورة ملحة للتحرك" بشأن الديون اليونانية، مضيفا "لا اعتقد انه ستكون هناك غالبية في يوروغروب وخصوصا في منطقة اليورو مع تخفيض الدين" اليوناني.
ورغم ان اليونان تمكنت من تثبيت استقرار ماليتها العامة بعدما وصلت الى حافة الافلاس، لكنها لا تزال تحصل على مساعدات من الاتحاد الاوروبي وصندوق النقد الدولي اللذين قدما لها 240 مليار يورو كقروض منذ العام 2010 مقابل اصلاحات هيكلية وسياسة تقشف صارمة.
وقال رئيس مجموعة اليورو يورين ديسيلبلوم ان "الانتماء الى منطقة اليورو يعني انه يجب احترام كل الاتفاقات الموقعة" فيما عقد وزراء مالية منطقة اليورو اجتماعا في بروكسل.
وابدى صندوق النقد الدولي استعداده الاثنين "لمواصلة دعم اليونان"، معبرا عن امله في بدء محادثات مع الحكومة الجديدة.
وقال صندوق النقد الدولي "نحن مستعدون لمواصلة دعم اليونان ونامل في بدء محادثات مع الحكومة الجديدة".
وقد بدد رئيس الوزراء اليوناني الجديد آمال الشركاء الاوروبيين للبلاد برؤية اليسار المتشدد يلين موقفه بخصوص الدين والتقشف لو انه تحالف مع تنظيم مؤيد لاوروبا مثل "تو بوتامي" (النهر) الذي حصل في المرتبة الرابعة مع 17 مقعدا.
والتحدي بالنسبة لرئيس الوزراء اليوناني الجديد سيكون ايجاد حلفاء في صفوف اعضاء منطقة اليورو.
واعتبارا من الاحد حذر تسيبراس من ان التقشف اصبح من الماضي مؤكدا انه مستعد للتفاوض على حل "يفيد الجميع".
في الواقع ان ما يسعى اليه تسيبراس هو تخفيض للديون الهائلة (300 مليار يورو و175% من اجمالي الناتج الداخلي)، الى جانب امكان افساح المجال لليونانيين لاستعادة الانفاس في حياتهم اليومية، وزيادة الحد الادنى للاجور من 580 الى 751 يورو او الغاء عدد من الضرائب، ما يخالف ارادة الترويكا.
وناشد رئيس البنك المركزي الالماني ينس فايدمان تسيبراس "عدم قطع وعود واهمة" لمواطنيه.
وقال يورغو المتقاعد من اثينا "بالنسبة لنا نحن الفقراء سيبقى الوضع على حاله، لن يتغير شيء بغض النظر عن تغير الحكومة"، مضيفا "الوعود الانتخابية جميلة لكنها نادرا ما يتم الوفاء بها".
ولم تتاثر الاسواق المالية العالمية بفوز حزب سيريزا في اليونان، فيما سجلت بورصة اثنيا تراجعا بنسبة 3,2% عند الاغلاق.
وادى نجاح سيريزا الى احياء امال سائر احزاب اليسار الراديكالي الاوروبية. ورحب رئيس حزب بوديموس الاسباني بابلو اغليسياس بان اليونانيين بات لديهم "رئيس حقيقي، وليس مندوبا (للمستشارة الالمانية) انغيلا ميركل".
وفي فرنسا تحدث رئيس حزب اليسار جان لوك ميلانشون عن "تيار كاسح" و"صفحة جديدة لاوروبا".
ويبدو ان حكومة انطونيس ساماراس المحافظة عوقبت لسعيها للاستجابة الى اقصى الحدود لمطالب الترويكا على مستوى الاصلاحات منذ 2012. فقد اتت الحصيلة قاسية على المواطنين الذين يعانون من نسبة بطالة بلغت 25% واقتطاعات حادة في الرواتب.
أ ف ب
أرسل تعليقك