تمر اليوم 27 يناير/كانون الثاني الذكرى الـ 70 لتحرير الجيش الأحمر السوفيتي لمعتقلي معسكر الموت أوشفيتز بيركيناو في بولندا خلال الحرب العالمية الثانية.
ويقام اليوم في المتحف التذكاري في بولندا، احتفال إحياء لهذه الذكرى دعي إليه 10 أشخاص من روسيا كانوا من نزلاء المعتقل وبقوا على قيد الحياة.
يحضر هذا الاحتفال ضيوف من 40 دولة بينهم حوالي 300 كانوا سجناء معسكر الموت في بولندا، إضافة إلى 12 رئيس دولة و5 رؤساء حكومات وممثلين عن المنظمات العالمية. ويرأس الوفد الروسي الى هذا الاحتفال رئيس الديوان الرئاسي الروسي، سيرغي ايفانوف.
ينظم هذا الاحتفال متحف الدولة المقام في مكان المعسكر، بالاشتراك مع المجلس الدولي لاوشفيتز بيركيناو.
انشأت القوات الألمانية النازية التي غزت بولندا هذا المعسكر عام 1940 وكان في بداية الأمر مخصصا للمعتقلين البولنديين وخاصة السياسيين منهم. ولكن مع مرور الوقت توسع المعسكر ليستقبل نزلاء من كل حد وصوب، استخدمهم الألمان في بناء قاعات جديدة وغرف الغاز والمحرقة.
منذ عام 1942 بدأ الألمان في اختبار غاز "زيكلون بي" السام على أسرى الجيش الأحمر السوفيتي. وقضى أكثر من مليون إنسان نحبه في هذا المعسكر، أغلبهم من اليهود والغجر والمقاتلين السوفييت وغيرهم.
تمكنت قوات الجبهة الأوكرانية الأولى بقيادة مارشال الاتحاد السوفيتي إيفان كونيف من تحرير من بقوا على قيد الحياة في معسكر الموت في 27 يناير/كانون الثاني عام 1945 .
قبيل وصول القوات السوفيتية الى المعسكر، أجبرت القوات الألمانية السجناء على التوجه نحو الغرب مشيا على الأقدام (أطلق على هذه العملية لاحقا – مسيرة الموت). لذلك لم يعثر الجيش الأحمر السوفيتي عند دخوله المعسكر على أكثر من 7 آلاف سجين في حالة يرثى لها بينهم مئات الأطفال.
عثرت القوات السوفيتية في مستودعات المعسكر على مئات الآلاف من الملابس الرجالية وأكثر من 800 ألف بدلة نسائية وأكثر من 6 آلاف كيلوغرام شعر بشري.
ضحت القوات السوفيتية التي حررت معسكر الموت بأكثر من 200 بين ضابط وجندي.
يذكر أن اللجنة المنظمة لهذا الاحتفال، كانت قد وجهت في شهر يوليو/تموز الماضي رسائل الى السفارات المعتمدة لدى بولندا، تعلمهم فيها أن مستوى تمثيل كل دولة في هذا الاحتفال، تقرره الدولة نفسها، وأن الاحتفال سيكون برعاية الرئيس البولندي.
وحسب المعلومات المتوفرة دعيت لحضور الاحتفال وفود من بلدان الاتحاد الأوروبي، وكذلك من الدول التي خصصت مبالغ مالية للمتحف، ومن بين الجمهوريات السوفيتية السابقة دعيت فقط وفود من روسيا وأذربيجان وجورجيا، وكذلك أوكرانيا.
يقول مدير المتحف، بيتر تسيفينسكي، "الذكرى الـ 70 لن تشبه المناسبات الأخرى. علينا أن نقول بصراحة إنها آخر ذكرى يوبيلية يحضرها سجناء معسكر الموت الذين بقوا على قيد الحياة. إن كلماتهم ستبقى تذكرنا بهذه المأساة".
وأضاف "قريبا لن يبقى من هؤلاء الشهود أحد، وعلينا، نحن جيل ما بعد الحرب، نقل هذه الدروس المرعبة وكل ما نتج عنها. لذلك من المهم أن يسمع صوت الذين عاشوا هذه المأساة بحذافيرها من قبل الملوك والرؤساء ورؤساء الحكومات وكذلك ممثلي المنظمات الدولية ووسائل الاعلام في العالم".
مقابل هذا يحاول بعض الساسة استثمار الحدث لأغراض سياسية ضيقة من أمثال وزير خارجية بولندا، غجيغوج سخيتينا، الذي قال في لقاء إذاعي، إن الأوكرانيين هم الذين حرروا المعسكر، وليس الجيش الأحمر السوفيتي، وذلك لتقزيم الدور الروسي في هذا الحدث، وتمجيد السلطات الأوكرانية التي تلقى دعما كبيرا من الجارة بولندا في الأزمة الحالية.
واجهت تصريحات سخيتينا انتقادات حادة من مختلف الجهات والمنظمات الروسية خاصة، ما دفعه للتبرير بالقول إن "الدبابة الأولى التي حطمت بوابة المعسكر كان يقودها أوكراني".
واعتبر محللون أن تصريحات سخيتينا لايمكن أن تنم عن جهل تاريخي بحثيات الحرب العالمية الثانية، وأنه كان يعي جيدا أن الجبهة الأوكرانية السوفيتية كانت تضم مقاتلين من جميع أنحاء الاتحاد السوفيتي وليس من أوكرانيا فقط.
تصريحات سخيتينا تصب في سياق تصريحات مماثلة أطلقها سابقا رئيس الحكومة الأوكرانية أرسيني ياتسينيوك من شاشة التلفزيون الألماني حينما ادعى أن الاتحاد السوفيتي هاجم ألمانيا.
هذه التصريحات دحضتها برلين التي أكدت على لسان وزير خارجيتها ألمانيا، فرانك فالتر شتاينماير أن من حرر المعتقلين في معسكر الموت، هو الجيش الأحمر السوفيتي، وإن هذا المعسكر سيبقى وصمة عار في تاريخ ألمانيا.
أرسل تعليقك