بعدما كان مستوطنون وسكان فلسطينيون يتوقفون عند تقاطع غوش عتصيون للتبضع او ملء خزانات سياراتهم، تحولت هذه المنطقة اليوم اثر هجمات دامية عدة الى موقع محصن يسوده الخوف على غرار العديد من مناطق الضفة الغربية المحتلة.
وقال الفلسطيني ابو ملاك (38 عاما) الذي يعمل منذ 17 سنة في محطة وقود غوش عتصيون "هنا في قلب الحدث الاوضاع صعبة جدا".
شهد التقاطع الواقع في منتصف المسافة بين مدينتي القدس والخليل، حوالى 10 هجمات منذ اندلاع اعمال العنف الجديدة التي اوقعت اكثر من 120 قتيلا - 103 فلسطينيين و17 اسرائيليا واميركي وايرتري - منذ الاول من تشرين الاول/اكتوبر.
وقتل اسرائيليان ويهودي اميركي وفلسطيني في هجمات عند هذا التقاطع في حين قتلت القوات الاسرائيلية سبعة مهاجمين فلسطينيين فيه.
ويحمل تقاطع غوش عتصيون اسم مجمع مستوطنات يهودية الى الغرب منه. والى الشرق يؤدي الطريق الى قرى فلسطينية.
وفي الضفة الغربية المحتلة حيث يعيش 2,5 مليون فلسطيني ونحو 400 الف مستوطن اسرائيلي في ظروف مضطربة، كان الفلسطينيون والاسرائيليون يختلطون وان صدفة عند تقاطعات غوش عتصيون وتبوح وحوارة.
لكن التقاطع الواقع على الطريق 60، المحور الحيوي الذي يخترق الضفة الغربية من الشمال الى الجنوب، اصبح اليوم حصنا نشرت فيه الكتل الاسمنتية وجنود اسرائيليون ملثمون ومدججون بالسلاح باعداد كبيرة يفتشون كل الفلسطينيين ان كانوا راجلين او في سيارات.
- "انهم ينظرون الينا كارهابيين" -
متجر رامي ليفي الذي كان يفتخر بانه يوظف 40% من الفلسطينيين ويعد بين زبائنه المعهودين عددا من فلسطينيي المنطقة بات شاغرا تماما مثل المحلات التجارية ال12 المنتشرة في محيط التقاطع.
وقال ابو ملاك "منذ اندلاع الاحداث تم توقيف بعض الفلسطينيين عند حواجز التفتيش ويخاف الباقون من المجيء". واضاف "لا يزال بعض الزبائن (الاسرائيليون) يتحدثون الينا بشكل طبيعي في حين ينظر آخرون الينا نظرة غريبة ويظنون اننا جميعا ارهابيون ويقولون لنا "من يهاجمنا هو بالتأكيد أخوك او نسيبك".
ومثله يتوجه موظف فلسطيني يعمل في المتجر المجاور الى مركز عمله رغم خوفه "ليؤمن لقمة العيش لاسرته". وقال هذا الموظف الذي رفض الكشف عن اسمه "يرى الزبائن اننا موظفون ويحترموننا. المشكلة الحقيقية هي التوجه الى العمل والعودة منه. في اي لحظة يمكن لاحد ان يشير الينا ويطلق النار ونختفي في غمضة عين!"
وتقول ريفكا بافي الاسرائيلية التي تعيش في احدى مستوطنات المنطقة "لا يمكننا ان نتصور تجنب هذا التقاطع. لن نسمح بترهيبنا" مع اقرارها بانها لم تعد تجلب اولادها معها.
- "ساحة حرب" -
وفي محطة الحافلات حيث تنتظر يظهر الجنود الذين يحملون اسلحة رشاشة، ملثمين "لتخويف" المهاجمين المحتملين كما يقول احدهم وهو ينتمي الى وحدة نخبة مشيرا الى انه شهد هجومين خلال 10 ايام.
وقال دانيال وولف المستوطن البالغ الاربعين من العمر "قبل شهرين لم يكن عدد الجنود يتخطى الاثنين او الثلاثة عند هذا التقاطع. اليوم تحول الى منطقة حرب". واضاف ان "تقاطع غوش عتصيون رمز للتعايش بين اليهود والعرب واستهدافه متعمد".
منذ خمس سنوات يستقبل ناحوم باروخ اليهودي الاتي من سوريا بالعربية والعبرية مستوطنين وفلسطينيين في متجره. وقال "في السابق كنت تجد دائما 15 الى 20 شخصا في المحل" لشراء علبة سجائر او زجاجة كحول او وجبة خفيفة او للعب اللوتو. ولم يكن احد "يكترث لطائفة او انتماء الزبائن الاخرين".
واضاف "خلال شهرين تراجعت مداخيلي 90%. اليوم يدفع الجميع ثمن الاوضاع الحالية اكانوا من اليهود او العرب".
ا ف ب
أرسل تعليقك