الانتخابات البرلمانية التركية ساخنة ومفصلية وحافلة بالمفاجآت
آخر تحديث GMT13:00:24
 العرب اليوم -

الانتخابات البرلمانية التركية ساخنة ومفصلية وحافلة بالمفاجآت

 العرب اليوم -

 العرب اليوم - الانتخابات البرلمانية التركية ساخنة ومفصلية وحافلة بالمفاجآت

الانتخابات البرلمانية التركية
أنقرة ـ العرب اليوم

تعكس القوائم التي وافقت عليها اللجنة الانتخابية طبيعة الحراك السياسي الجاري في المشهد التركي، قبل نحو شهرين من موعد الانتخابات البرلمانية المقررة في السابع من حزيران/يونيو المقبل، وستكون هذه الانتخابات مفصلية في الحياة السياسية التركية، نظرًا إلى أن البلاد لن تشهد أية انتخابات بعد هذا التاريخ بنحو أربعة أعوام.

ويشارك في الانتخابات 20 حزبًا من أصل 31، تتنافس على 550 مقعدًا وسط استحقاقات سياسية كبيرة، تتعلق بثلاث قضايا أساسية، هي الانتقال من النظام البرلماني إلى النظام الرئاسي كما يرغب أردوغان، وعملية المصالحة التركية الكردية، ووضع دستور جديد للبلاد.

في قراءة أولية لخريطة القوى المتنافسة في هذه الانتخابات، يمكن التوقف عند خمس قوى أساسية وهي:
أولًا، حزب "العدالة والتنمية" الحاكم، يمكن القول أن السمة البارزة لقوائم الحزب هي خروج أكثر من أربعين في المائة من النواب السابقين من قائمة المرشحين استناداً إلى المادة الرابعة من النظام الداخلي للحزب، والتي تمنع النائب من الترشح لدورة رابعة، وتعكس القائمة الجديدة للمرشحين توازناً دقيقاً بين أنصار الرئيس رجب طيب أردوغان ورئيس الوزراء أحمد داود أوغلو، والسمة البارزة للقائمة، هي غلبة نفوذ المحافظين على حساب الإصلاحيين، ومع أن الحزب كان قرر إبعاد الذين لهم علاقة قرابة بالقيادة العليا إلا أنه لوحظ وجود 14 اسماً مقرباً من أردوغان أبرزها اسم صهره براءة البيراق زوج ابنته الكبرى إسراء، كما لوحظ في القوائم وجود 42 سيدة محجبة من أصل 99 مرشحة.

ثانيًا، حزب "الشعب الديموقراطي" الكردي، لعل المؤشر الأهم لهذا الحزب هو قراره خوض معركة الانتخابات كحزب مستقل للمرة الأولى بعد أن كان الأكراد يخوضون الانتخابات البرلمانية كمستقل، ومن ثم تشكيل حزب سياسي جديد من داخل البرلمان، وكان هذا الأسلوب بمثابة التفاف على القانون الذي يفرض الحصول على 10 في المائة من الأصوات للدخول إلى البرلمان، وعليه ثمة من يرى أن قرار الحزب كان بمثابة مغامرة سياسية فيما يرى كثيرون أن الحزب سيتجاوز هذه النسبة، بخاصة بعد أن حصل المرشح الكردي للانتخابات الرئاسية صلاح الدين ديميرتاش على نحو 10 في المائة من الأصوات، ولعل ما شجع الحزب على اتخاذ مثل هذا القرار هو زيادة نفوذه في الوسطين الكردي والتركي، بخاصة مع انطلاق عملية السلام بين حزب العمال الكردستاني والحكومة التركية. ولعل السمة الثانية البارزة لهذه القائمة هي الصبغة اليسارية بشقيها الكردي والتركي، والسمة الثالثة هي زيادة نسبة السيدات في القائمة، إذ بلغ عددهم 268 سيدة مقابل 262 رجلاً، وهذه أعلى نسبة من السيدات في قوائم الأحزاب التركية المرشحة لهذه الانتخابات.

ثالثًا، حزب "الحركة القومية"، السمة البارزة لقائمة هذا الحزب هي محاولة التوافق مع الأوساط القومية التقليدية، وترشيحه المرشح الرئاسي السابق والأمين العام السابق لمنظمة التعاون الإسلامي البروفيسور أكمل إحسان الدين أوغلو على قائمته عن مدينة إسطنبول، وكذلك محاولته تعزيز العنصر النسائي في قائمته حيث لوحظ وجود 61 سيدة في القائمة.

رابعًا، حزب "الشعب الجمهوري"، لعل السمة البارزة لقائمته وجود عدد كبير من الإعلاميين ورجال المال والأعمال والاقتصاد، وهو ما يشير إلى رغبة كبيرة في التغيير الأيديولوجي وطرح برنامج اقتصادي في مواجهة حزب العدالة والتنمية الذي نجح بفضل هذا الملف في توجيه ضربات قاسية لحزب الشعب الجمهوري الذي يعد من أعرق وأقدم الأحزاب التركية، إذ إنه يعد الوريث التاريخي لحزب أتاتورك، وقد لوحظ أيضا وجود عدد كبير من النساء في قائمته حيث بلغ عددهن 103 مرشحات.

خامسًا، تحالف حزب "الاتحاد الكبير" بزعامة مصطفى ديستجي مع حزب السعادة الذي يمثل إرث زعيمه الراحل نجم الدين أربكان، ويحاول هذا التحالف ضم الأوساط القومية والإسلامية المعارضة لحزب العدالة والتنمية إلى صفوفه، ويقال أن الحزب نجح في ضم كتلة وزير الداخلية السابق نعيم إدريس إليه عن مدينة إزمير، ومعروف أن إدريس كان من أتباع جماعة الداعية فتح الله غولن، حيث حاولت حكومة حزب العدالة والتنمية بأقصى ما تستطيع إبعاد أتباع غولن من القوائم الانتخابية، واللافت هنا هو دعوة حزب السعادة لحزب الحركة القومية بزعامة دولت باهجلي للانضمام إلى التحالف الجديد مقابل تجاهل حزب السعادة دعوة حزب العدالة والتنمية له لتشكيل تحالف انتخابي، وإذا ما لبى حزب الحركة القومية دعوة حزب السعادة، فإنه من شأن هذا التحالف أن يصبح قوة مؤثرة في حساب حزب العدالة والتنمية نظراً إلى أن جمهور الطرفين هو من المنابت القومية والدينية نفسها.

 من دون شك هذه الانتخابات ستكون مفصلية في الحياة السياسية التركية في المرحلة المقبلة، لا لاختلاف الأجندة السياسية للأحزاب المتنافسة، بل لما سيترتب على نتائج هذه الانتخابات من أولويات واستحقاقات سياسية ستؤثر في تحديد طبيعة السياسة التركية في الداخل والخارج وكيفية إدارة المرحلة المقبلة.

ويسعى حزب العدالة والتنمية، إلى الفوز بـ367 صوتا كي يتمكن من تمرير النظام الرئاسي في البرلمان من دون الحاجة إلى التحالف مع حزب آخر، وإن لم يكن ذلك ممكنا فإلى 330 صوتا كي يتمكن من إجراء استفتاء حول النظام الرئاسي مع أن لا مؤشر إلى الآن إلى إمكان نيله مثل هذه الأصوات، في المقابل، فإن حزبي الشعب الجمهوري والحركة القومية يريدان الفوز بأكبر نسبة من الأصوات لكسر احتكار حزب العدالة والتنمية للسلطة من خلال غالبيته في البرلمان وسيطرته على الرئاسات الثلاث (البرلمان، الحكومة، الجمهورية) وإذا ما نجح الحزبان إلى جانب حزب الشعوب الديموقراطية الكردي في هذه المهمة، فإن المشهد التركي سيتغير في شكل كبير، إذ من شأنه الانتقال إلى حكومة ائتلافية ليس بالضرورة أن يكون رئيساً الحكومة والبرلمان من حزب العدالة والتنمية، وهو ما سيعمق من جروح أردوغان ويصعب من تحقيقه تطلعاته الكبيرة.

ويعدّ الاستحقاق الأهم هنا يتعلق بنتيجة حزب الشعوب الديموقراطي الكردي، فإذا تجاوز نسبة 10 في المائة فسنكون أمام مشهد كردي جديد في عموم تركيا لعل من أهم ملامحه تحول الأكراد إلى قوة برلمانية كبيرة تقدر بحدود 60 نائبا، بما يعني أنهم سيصبحون قوة مؤثرة في كل القرارات والنواحي الدستورية والقانونية في الحياة العامة التركية.

وستدخل عملية السلام بين الأكراد وتركيا مرحلة جديدة، وربما يصبح حزب الشعوب الديموقراطية القوة الأكثر تأثيرا في هذا المجال، بخاصة أنه يحظى بدعم من عبدالله أوجلان ورعايته، بما يعني رفع سقف الحقوق وشروط التفاوض مع الجانب التركي.

وسيصعد نفوذ اليسار بشقيه الكردي والتركي، وهو صعود يجمع بين اليسار التركي التقليدي الذي عاد من جديد إلى الساحة عبر عمليات أمنية في المدن الكبرى وبين التطلع إلى استلهام تجربة صعود اليسار في اليونان أخيرا.

ووفي حال عدم حصول الحزب على نسبة 10 في المائة، فإن ثمة مًن يرى أن مسار العلاقة بين الأكراد والحكومة التركية سيتجه نحو صــدام كبير، ليس لأن أصوات الحزب ستــذهب إلى حزب العدالة والتنمية وفقاً لقـــانون الانتخابات التركي، بل لأن الأكراد سيتجهون إلى تشكيل برلمان محلي في دياربكر تطلعا إلى شكل من أشكال الحكم المحلي كما تقول مصادر الحزب، وهو ما يعـــــني بالنسبة إلى أنقرة شكلاً من أشكال الانفصال الذي لن تقـــبل به حتى لو اضطرت لخوض حرب جديدة مع حزب العمال الكردستاني. مهما يكن، فمن الواضح، أن معركة الانتخابات التركية ســـتكون ساخنــة ومفــــصلية وحافلة بالمفاجآت والاحتمالات.

arabstoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الانتخابات البرلمانية التركية ساخنة ومفصلية وحافلة بالمفاجآت الانتخابات البرلمانية التركية ساخنة ومفصلية وحافلة بالمفاجآت



تارا عماد بإطلالات عصرية تلهم طويلات القامة العاشقات للموضة

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 03:27 2024 الجمعة ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

فلورنسا الإيطالية تتخذ تدابير لمكافحة السياحة المفرطة
 العرب اليوم - فلورنسا الإيطالية تتخذ تدابير لمكافحة السياحة المفرطة

GMT 13:00 2024 السبت ,16 تشرين الثاني / نوفمبر

مستوطنون يحتلون مسجداً ويبثون منه أغنيات عبرية
 العرب اليوم - مستوطنون يحتلون مسجداً ويبثون منه أغنيات عبرية

GMT 05:58 2024 الجمعة ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

من الرياض... التزامات السلام المشروط

GMT 07:03 2024 الخميس ,14 تشرين الثاني / نوفمبر

الكشف عن وجود علاقة بين النوم المبكر وصحة أمعاء طفلك

GMT 10:26 2024 الخميس ,14 تشرين الثاني / نوفمبر

ليفربول يُرهن ضم مرموش في انتقالات يناير بشرط وحيد

GMT 11:44 2024 الخميس ,14 تشرين الثاني / نوفمبر

ارتفاع أرباح "أدنوك للإمداد" الفصلية 18% إلى 175 مليون دولار

GMT 13:23 2024 الخميس ,14 تشرين الثاني / نوفمبر

رونالدو وميسي على قائمة المرشحين لجوائز "غلوب سوكر"

GMT 20:14 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

أفكار هدايا مبتكرة ومميزة في موسم الأعياد
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab