اسطنبول ـ العرب اليوم
تجاوزت المعركة بين الرئيس التركي رجب طيب أردوغان وخصمه اللدود، الداعية المعارض فتح الله غولن مرحلة تسييس القضاء وتداعياتها السلبية على استقلاليته وأدائه، لتصل إلى خلاف يهدد بانهيار النظام القضائي وخروجه عن القانون وفق تصور كثر من رجال القانون وأحزاب المعارضة. وحذّر رئيس المحكمة الدستورية العليا زهدي أرسلان من خطورة "التحكّم بالقضاء من بُعد وجعله أداة لتحقيق أهداف سياسية".
وشهدت تركيا سابقة تمثلت في اعتقال قاضيين بتهمة الانتماء إلى "تنظيم متطرف" بعدما حكم بالإفراج عن 74 متهماً على ذمة قضية "تنظيم تخريبي"، فإذا بهما يصبحان فجأة متهمين بالانتماء إلى ذلك التنظيم بسبب حكمهما.
وأمرت الهيئة العليا للقضاء بالتحقيق مع القاضيَين متين أوزشيليك ومصطفى بشار، بعد يومين على إصدارهما حكماً بإطلاق 74 شرطياً سابقاً ورئيس "قناة سامانيولو" التلفزيونية هدايات كاراجا، وكانوا أُوقفوا نهاية العام الماضي بتهمة التآمر ضد الرئيس أردوغان وتشكيل منظمة تخريبية يتزعّمها الداعية غولن المقيم في الولايات المتحدة. وكانت حجة القاضيين عدم وجود أدلة كافية على تلك التهم، وأنه في الإمكان إجراء المحاكمة من دون استمرار احتجازهم.
لكن الحكومة اعترضت فوراً على الحكم ومنعت سلطات الأمن من تنفيذه، ما أثار سجالاً حاداً حول صلاحية الحكومة في وقف تنفيذ أحكام القضاء، حتى تحرّكت الهيئة العليا للقضاة بعدما وجّه إليها أردوغان توبيخاً لفظياً عنيفاً، فعلّقت عمل القاضيين وأخضعتهما لتحقيق، ما أدّى خلال يومين إلى إيداعهما السجن بتهمة الانتماء إلى تنظيم غولن.
ولم يسبق أن اتهم قاضٍ بالتطرف في تركيا بسبب حكم أصدره. وعادة ما تكتفي هيئة القضاة بتعليق عمل القاضي والتحقيق الإداري معه، ومن ثم إصدار عقوبة في حقه إذا ثبت أنه خالف القواعد المتبعة. كما لم يسبق أن امتنع رجال الأمن عن إطلاق متهمين قضت المحكمة بإطلاقهم، كما حدث مع المتهمين الـ74.
ويشير رجال قانون واتحاد المحامين في تركيا إلى أن المعركة بين أردوغان وغولن أفسدت المؤسسة القضائية، والأخطر أنها قد تنسحب على أي تيار معارض لرئيس البلاد بحيث يصبح القضاء سلاحاً أو ذراعاً في يد الحكومة لـ "تصفيته".
وعلّق رئيس اتحاد المحامين متين فيزأوغلو على اعتقال القاضيَين بقوله "إن تركيا تطبّق قانون أردوغان، لا قانون العقوبات المنصوص عليه في الأنظمة المرعية والدستور".
وتخشى أحزاب المعارضة أن يستخدم أردوغان وحكومة "حزب العدالة والتنمية" القضاء أداة ضغط على المعارضة عشية الانتخابات البرلمانية المقررة في 7 حزيران/ يونيو المقبل.
أرسل تعليقك