فيلم غدي يعالج مسألة التخلف في النظرة إلى الإختلاف
آخر تحديث GMT08:36:51
 العرب اليوم -

فيلم "غدي" يعالج مسألة "التخلف" في النظرة إلى الإختلاف

 العرب اليوم -

 العرب اليوم - فيلم "غدي" يعالج مسألة "التخلف" في النظرة إلى الإختلاف

بيروت - أ ف ب

من خلال قصة ولد مصاب بمتلازمة داون ينزعج منه أهل قريته، يطرح فيلم "غدي" اللبناني، الذي يبدأ عرضه في بيروت الخميس، مسألة الإختلاف في المجتمع، ويقدّم نماذج عدة على "التخلف" المتمثل في عدم تقبل الآخر، معالجا قصة إنسانية بأسلوب يأخذ المشاهد إلى أقصى درجات التأثر، وسرعان ما يرده إلى الحد المقابل، اي إلى الضحكة. وتعكس هذه المزاوجة في المشاعر العاطفية شخصية كاتب سيناريو الفيلم وبطله جورج خباز، الذي اشتهر في أدوار ونصوص كوميدية تلفزيونية ومسرحية، لكنه برع في الوقت نفسه في تجسيد الأدوار ذات البعد الدرامي والشحنات الإنسانية الكثيفة. تدور أحداث الفيلم، الذي تولى إخراجه أمين درة، في قرية لبنانية أطلق عليها في الفيلم إسم "مشكل"، وهي بمثابة نموذج مصغر للمجتمع اللبناني، بتنوع أهلها واختلافاتهم ومشاكلهم. جورج خباز، في دور لابا، هو الراوي، ومن خلال عينيه، صغيرا ثم كبيرا، يتابع المشاهد تطور الأحداث. ولابا هذا لم يكن طفلا عاديا، إذ كان كان يعاني من تأتاة ، وكان لذلك محط سخرية رفاقه في المدرسة، لكنه عوض عن الكلام بالكتابة. وتبدلت حياته حين "حط" البيانو في قريته، ودرس العزف على "الاستاذ فوزي"، فساعده حب الموسيقى والغناء على التخلص من مشكلة النطق لديه. وعندما كبر لابا، بات هو أستاذ تعليم الموسيقى غناء وعزفا. وباسلوب كوميدي وبلقطات سريعة فيها شعر ورومانسية على طريقة السينما الايطالية، تزوج، ورزق ولدا مصابا باعاقة سماه "غدي". وكان "غدي" يجلس على نافذة المنزل ويصدر اصواتا غريبة مما اثار انزعاج اهالي القرية وغضبهم، وكان بعضهم يرى أن "الشيطان يسكنه". ولكن، بلباسه الابيض كبراءته، وبابتسامته القريبة من القلب، كان "غدي" في نظر والده "ملاكا من دون جناحين". وبمساعدة "مختلفين" آخرين عن مجتمع القرية، منهم المثلي والخلاسي والهامشي والمسيحية التي احبت مسلما، سعى لابا إلى أن يثبت لأهل قريته أن ابنه ملاك. ولكن، على غرار اجواء القرية في مسرحيات الأخوين رحباني، ثمة من يريد ان يخرب ما يسعى إليه لابا. باختصار، "غدي" عمل سينمائي مميز بقصته وحواراته وتصويره وأغنيته المؤثرة "صار عندن خي"، وهو قادر في آن واحد على انتزاع ضحكة المشاهد ودمعته. ويجعل "غدي" كثرا يسخرون من انفسهم بسبب عدم تقبلهم الاخر. ويندرج الفيلم في اطار الفانتازيا المتخيلة المنطلقة من الواقع . ويعتمد تركيبة ناجحة تجذب الجمهور هي الكوميديا الاجتماعية الواقعية. ويحضر جورج خباز في الفيلم كممثل بارع في الأداء السهل الممتنع، والمضحك المبكي، و وفي السيناريو المطبوع باسلوبه في معالجة القضايا الانسانية بعمق، ولكن ببساطة وطرافة، وهذا ما تميز به في المسرح والتلفزيون. ومن نقاط قوة الفيلم ايضا انه يضم ممثلين رموزا، على غرار انطوان ملتقى في دور الاستاذ فوزي، والكاتب المسرحي والتلفزيوني والممثل كميل سلامة، والكاتبة التلفزيونية والممثلة منى طايع. وادى دور "غدي" ايمانويل خيرالله. ويروي جورج خباز لوكالة فرانس برس انه عمل مع احدى الجمعيات اللبنانية التي تعنى بذوي الاحتياجات الخاصة. ويقول:" تقربت منهم واختبرت في الوقت نفسه الى اي مدى يهمشهم المجتمع ويكون ظالما بحقهم وبحق اهلهم". ويضيف:" ثمة نظرة فوقية ونظرة شفقة حيالهم، واحببت ان اسلط الضوء على هذا الامر، ومن خلاله على الاختلاف". ويصف خباز فيلمه بأنه "صادق وغير مدع، يحمل رسالة انسانية راقية". ويشير الى انه "يضيء على النظرة إلى المختلف بكل انواعه". ويتابع: "غدي رمز للاختلاف بكل انواعه، في العرق والمذهب والمعتقد، وهذه الفكرة الرئيسية في الفيلم". ويقول: "هذه مشكلتنا الاساسية في لبنان والعالم العربي، اذا لا نستطيع ان نتقبل طفلا ولد مختلفا، فكيف يمكننا ان نتقبل شخصا من غير دين او لون او معتقد؟" أما مخرج الفيلم امين درة فيقول في هذا الصدد: "يا للاسف، البعض في مجتمعنا يعتبر المعاق شيطانا، وثمة من يخجل بولده المعاق حتى اليوم ويخبئه ".ويشير الى "ان غدي رمز لمفهوم تقبل الاخر مهما كان مختلفا". ودرة، الذي يعتبر "غدي" اول فيلم روائي طويل له، بعدما أخرج مسلسل "شنكبوت" الذي عرض على شبكة الانترنت، نجح في نسج لغة بصرية سلسة فيها خيال وجمالية، تعكس ثقافته السينمائية في الكثير من اللقطات والمشاهد. ويقول درة لوكالة فرانس برس: "استوحيت اجواء الفيلم من السينما الايطالية لانها قريبة من اجوائنا المتوسطية، وفيها شاعرية ورومانسية، ومن الافلام الاميركية المستقلة، عبر المقاربة الفنية واللغة الجديدة في التعبير السينمائي". وعن تاثره بالافلام التي عالجت موضوع المعاقين، ومنها "اليوم الثامن" للبلجيكي جاكو فان دورمايل، يقول درة: "ثمة افلام كثيرة عالجت هذا الموضوع ربما تاثرت بها في اللاوعي، لكن مجتمعنا مختلف. و انا لا اصور الاعاقة في ذاتها بل محيطها ونظرة مجتمعنا الى المختلف التي تختلف عن المجتمع الغربي، اذ ان نظرتنا متخلفة يا للاسف". وكانت اللجنة الإستشارية لشؤون السينما التابعة لوزارة الثقافة اللبنانية أوصت في ايلول/سبتمبر الفائت بأن يتم ترشيح فيلم "غدي" لتمثيل لبنان في جوائز الأوسكار السينمائية، لكنها عادت واعتمدت ترشيح فيلم "قصة ثواني" بعدما تبيّن أن ترشيح "غدي" متعذر بسبب عدم إنطلاق عروضه في الصالات اللبنانية. ووصف وزير الثقافة اللبناني غابي ليون فيلم "غدي" بأنه " جيد جدا ويستحق تمثيل لبنان أيضا"، واصفاً كاتب السيناريو والممثل جورج خباز بأنه "فنان ممتاز". وأضاف "إذا لم نر إنتاجا آخر مهما خلال السنة المقبلة، قد يكون +غدي+ هو المرشح باسم لبنان في السنة المقبلة".

arabstoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

فيلم غدي يعالج مسألة التخلف في النظرة إلى الإختلاف فيلم غدي يعالج مسألة التخلف في النظرة إلى الإختلاف



إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 09:46 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر

GMT 20:51 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

أشرف حكيمي يمدد عقده مع باريس سان جيرمان حتي عام 2029

GMT 18:53 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

منة شلبي تقدم شمس وقمر في موسم الرياض

GMT 09:37 2024 الجمعة ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

ثوران بركاني جديد في أيسلندا يهدد منتجع بلو لاجون الشهير

GMT 22:00 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

كريستيانو رونالدو يدرس تأجيل اعتزاله للعب مع نجله

GMT 11:06 2024 الجمعة ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

مستشفى كمال عدوان بدون أكسجين أو ماء إثر قصف إسرائيلي مدمر
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab