تعد أمراض العيون من الظواهر الشائعة لدى كبار السن، ولكن لا يتم التعرف عليها في كثير من الأحيان أو يتم تشخيصها بصورة خاطئة، نظراً للخلط بينهما وبين أمراض الشيخوخة الأخرى مثل الخرف. ويلعب التشخيص السليم دوراً كبيراً في علاج أمراض العيون مبكراً ومن ثم الحفاظ على ما تبقى من قدرة الإبصار.
وقالت مقوم البصر بمعهد المكفوفين بمدينة فورتسبورغ الألمانية، سابينه كامبمان، إنه يتعين على الأقارب والممرضين بدور رعاية المسنين الانتباه جيداً إلى أعراض اضطرابات الرؤية لدى كبار السن، مشيرة إلى أن أعراض الاضطراب البصري لدى كبار السن تتمثل في المشي بشكل غير متزن، والخوف من الحركة أو السقوط على الأرض، بالإضافة إلى مشكلات في التعرف على التباين.
وأشارت أنغيليكا أوستروفسكي، من الاتحاد للاتحاد الألماني للمكفوفين وضعاف البصر، إلى أن الانطواء الاجتماعي قد يصاحب الاضطراب البصري أيضاً، حيث غالباً ما يتجنب كبار السن المقابلات الاجتماعية، لأنه لم يعد بإمكانهم التعرف على الأصدقاء والأقارب.
وأضافت كامبمان أن الاضطراب البصري غالباً ما يصعب من عملية الانفتاح على الآخرين، ولذلك ينزوي كبار السن الذين يعانون من ضعف البصر بعيداً على البيئة المحيطة بهم. ومن الأعراض الأخرى إهمال الهوايات كالقراءة مثلاً.
العلاج المبكر
وأكدت الخبيرة الألمانية أن العلاج المبكر لأمراض العيون يخفف من الأعراض بدرجة كبيرة، ولذلك يتعين على كبار السن الانتباه لذلك جيداً والتوجه إلى طبيب العيون في حالة الشك، وبالنسبة لكبار السن الذين لا يعانون من أية أعراض مرضية فإن كامبمان تنصحهم بضرورة زيارة طبيب العيون مرة واحدة في السنة.
وحذر البروفيسور فوكه تسيمسين، كبير الأطباء بمستشفى العيون الجامعي بمدينة توبنغن الألمانية، من أن التأخر كثيراً في علاج متاعب العيون غالباً ما يؤدي إلى أضرار لا يمكن إصلاحها". وأكد الخبير الألماني أنه كلما تم علاج أمراض العيون بشكل مبكر، فإنه يتم الحفاظ على الرؤية المتبقية بشكل أفضل.
وأوضح تسيمسين قائلاً: "على الرغم من أنه لا يمكن إصلاح الأضرار الموجودة بالفعل، إلا أن حالة الرؤية المتبقية تكون مستقرة"، وعلى الجانب الآخر إذا لم يتم علاج أمراض العيون في الوقت المناسب فإن الحالة تسوء تدريجياً حتى تصل إلى العمى.
وإذا تم تشخيص الحالة بأن حاسة البصر محدودة أو أنها تعرضت لأضرار لا يمكن إصلاحها أو أنها فُقدت تماماً، فغالباً ما يبدأ المرضى في الانسحاب من المحيط الاجتماعي، وأوضحت أوستروفسكي أن هذا الوضع ليس سهلاً في كثير من الأحيان، ويجب على المرضي في البداية أن يتعلموا كيفية التعايش مع حالة فقدان البصر.
وأضاف البروفيسور الألماني تسيمسين أن 80% من جميع المعلومات التي تصل إلى الدماغ نحصل عليها عن طريق الرؤية، وفي حال انعدام قناة المعلومات هذه، فإن ذلك يؤثر بدرجة كبيرة جداً على الحالة النفسية لكبار السن. وإذا ازدادت حدة المشكلات وتحولت إلى شكل من أشكال الاكتئاب، فعندئذ ينبغي على الأقارب عدم تجاهل الأمر، ويتعين عليهم طلب مساعدة المتخصصين.
وسائل مساعدة
وهناك بعض الوسائل البسيطة التي تساعد الأشخاص ضعاف البصر في الحياة اليومية، ومنها على سبيل المثال استعمال مفارش أحادية اللون للمنضدة، كي تظهر التباين المطلوب مع الأطباق البيضاء، وبالتالي يتمكن الأشخاص كبار السن من التعامل مع الشراب والطعام بصورة أسهل.
بالإضافة إلى أنه يجب إزالة حواف السجاد ومواضع العثرات الأخرى، وينبغي استعمال مصابيح الضوء النهاري، لأنها لا تتسبب في إبهار العين مثل المصابيح العادية، وبالتالي تساعد على تسهيل الحركة والتوجه داخل المنزل. ومن الأمور المهمة أيضاً استعمال النظارات والعدسات المكبرة الخاصة وأجهزة القراءة، وأوضحت أوستروفسكي قائلةً: "يؤدي تكبير المنظر والإضاءة الجيدة إلى الشعور بارتياح كبير أثناء القراءة".
وأضاف تسيمسين أنه حتى إذا كان كبار السن يرون بشكل ضعيف فقط، فينبغي عليهم المشاركة في الحياة اليومية بفعالية، وعدم التقوقع بعيداً عن الأشخاص الآخرين، نظراً لأن المشاركة الفعالة تزيد من جودة الحياة. وهناك بعض العروض الخاصة لإعادة التأهيل والتي يتم فيها تدريب الأشخاص ضعاف البصر والمكفوفين على التعامل بشكل أفضل مع متطلبات الحياة اليومية، وأن يحافظوا على الحركة والنشاط كما يتعلمون خلال الدورات التدريبية العديد من الأمور العملية مثل كيفية إعداد الطعام والغسل.
وينبغي على الأهل والأقارب الاهتمام كثيراً باحتياجات المرضي من كبار السن، نظراً لأنه ليس هناك إنسان يريد أن يشعر بالعجز، ودائماً ما يرغب في الاعتماد على نفسه، وتوجد بعض الوسائل المفيدة في الحياة اليومية مثل أجهزة قياس ضغط الدم المزودة بوسيلة مساعدة صوتية، والمواقد المزودة بنقاط لاصقة يمكن اختبارها وغيرها من التجهيزات المخصصة لكبار السن.
أرسل تعليقك