قال شاعر المهجر ايليا أبو ماضي بأحد مقالاته /الريف السوري سبق الريف الأميركي بإحداث مشفى فيه/ فمنذ أكثر من ستين عاما كانت مبادرات المغتربين السوريين لوطنهم الأم عنوان الانتماء والوفاء له.
فبمبادرة من الجامعة الحصنية في دنيا الاغتراب عام 1945 وباحتضان من بطريركية أنطاكية وسائر المشرق للروم الأرثوذكس تم تاسيس مشفى الحصن البطريركي في وادي النضارة بحمص لتكون رسالة المغتربين الانسانية “أن الوطن وعشقه لا يفارق قلوب أبنائه ولو مادت الأرض بهم”.
انطلقت فكرة انشاء مشفى الحصن البطريركي عندما وجد بعض الخيرين من ابناء الوطن المغتربين في أمريكا أنه لابد من وجود مشفى بالمنطقة يخدم جميع الناس في ظل صعوبة التنقل والسفر وكثرة الحوادث الصحية وضرورة اسعاف النساء في بعض الولادات المتعثرة أو الحاجة الماسة لإسعاف الأشخاص الذين كانوا يتعرضون للدغات الأفاعي والعقارب والحالات الصحية الحرجة الأخرى فما كان منهم إلا أن أقاموا بالمغترب بعض النشاطات الخيرية لجمع التبرعات واحداث اللبنة الأساسية للمشفى في عام 1945 ما بين بلدة الحواش وقرية عين العجوز في وادي النضارة وليتم افتتاحه رسميا عام 1954.
ويقول المطران نقولا بعلبكي مدير سابق للمشفى لنشرة سانا الشبابية “يعتبر المشفى من أوائل المشافي الريفية في سورية وترخيصه هو الرابع وقد منح وسام الاستحقاق السوري تقديرا لخدماته الجليلة للمواطنين عام 1969″.
وأوضح المطران بعلبكي أنه قبل اكمال البناء كان المشفى عبارة عن مشفى متنقل بواسطة سيارة فيها بعض التجهيزات الطبية والمتبرعين من الكوادر الطبية والتمريضية التي تقدم بعض الخدمات الصحية للمواطنين وخاصة اللقاح لأطفال الأرياف على مساحة المحافظة.
ويقول المطران بعلبكي إن “الشاعر ايليا ابو ماضي ذكر في أحد مقالاته في جريدة السمير التي كانت تصدر في أمريكا آنذاك بأن الريف السوري سبق الأمريكي بأحداث مشفى فيه”.
وأضاف “أنه تعاقب على إدارة المشفى قبله الدكتور ميخائيل يوسف ثم الدكتور سهيل حجل وحاليا الدكتور خالد يازجي كما يعد الدكتور عبد الكريم الشيخ أول طبيب يعمل بالمشفى”.
ولفت المطران بعلبكي إلى الخدمات الجليلة التي قدمها المشفى ولا يزال خلال الأزمة رغم الظروف القاسية محافظا على جاهزيته لاستقبال مختلف الحالات الطارئة مشيرا إلى أنه خلال العشر سنوات الماضية تم تحديث وتطوير العمل بالمشفى من خلال تطوير قسم الاسعاف لاستقبال كافة الحالات.
وتتواصل قصة العطاء الإنساني فيه من خلال وضع حجر الأساس مؤخرا لمبنى العيادات الشاملة بالمشفى خلال زيارة غبطة البطريرك يوحنا العاشر يازجي بطريرك انطاكية وسائر المشرق للروم الأرثوذكس نهاية الشهر الماضي للمنطقة.
وبين المطران بعلبكي أن إدارة المشفى دأبت قبل سنوات الأزمة على إقامة العديد من الأنشطة الطبية والصحية من خلال المؤتمر الطبي الحصني ودعوة أطباء مغتربين مع أصدقائهم والمقيمين بهدف تبادل الخبرات والمعارف والمهارات والابحاث العلمية لمختلف الأمراض والاختصاصات.
وأكد أن المشفى الحصن البطريركي كان وسيبقى لجميع الناس المحتاجين والمرضى هدفه الأول والأخير إنساني وهو رسالة من الأبناء بالمغترب المتمسكين بارضهم والفخورين بصمود شعبهم في وجه ما تتعرض له سورية من حرب كونية وليكونوا الصورة الصادقة عن المحبة وخدمة المجتمع.
بدوره أشار الدكتور خالد يازجي مدير مشفى الحصن البطريركي أن المشفى يتألف من 3 طوابق بمساحة طابقية تفوق ال1000 متر مربع ويضم القبو أقسام الأشعة والمخبر وصيدلية تغطي حاجة المشفى من الأدوية والأقسام التخديمية كالمطبخ والغسيل والبياضات ويضم الطابق الأول قسم غسيل الكلية الذي تم تفعيله حديثا بداية الشهر الحالي وقسم العناية المشددة وقسم العيادات الخارجية بمختلف الاختصاصات أذنية عينية وداخلية وهضمية وعصبية وبولية وجلدية ونسائية وأطفال وجراحة عامة وقلبية وصدرية بالاضافة إلى قسم التنظير الهضمي وقسم الاسعاف والجراحة والاسعافية على مدار ال24 ساعة وقسم العناية المشددة والأقسام الإدارية من محاسبة وإدارة وعلاقات عامة وقاعة الحاسوب.
وأضاف يازجي “أن الطابق الثاني يضم قسم العمليات الجراحية وفيه 3 قاعات مخصصة لإجراء العمليات الصغرى والمتوسطة والكبرى التي تحتاج إلى خبرة خاصة” لافتا إلى العمليات النوعية التي تم إجراوءها بالمشفى كالجراحة التنظيرية والجراحة العصبية كما يضم الطابق الثاني قسم النسائية والتوليد والعناية المشددة للأطفال الخدج والحواضن بالإضافة إلى أجنحة المرضى التي تحوي 50 سريرا.
يشار إلى أنه يعمل في المشفى حاليا حوالي مئة طبيب من كافة الاختصاصات ونحو 30 من الكادر التمريضي.
تمام الحسن-رشا المحرز
أرسل تعليقك