القاهرة ـ أ.ش.أ
أكد الدكتور مجدى بدران عضو الجمعية المصرية للحساسية والمناعة واستشارى الأطفال وزميل معهد الطفولة بجامعة عين شمس أن استهلاك السكر تضاعف ثلاث مرات خلال الخمسين عاما الماضية متفوقا بذلك على استهلاك البشر من الملح والتوابل، مشيرا إلى أن انتشار النمط الغربى للغذاء يعد أحد أهم الأسباب التى أدت إلى هذا الارتفاع إذ أنه يعتمد على السكر فى تصنيع وتسويق الأغذية واستحداث إضافته فى بعض الوجبات والسلطات مثل (الكول سلو والكاتشاب).
وقال الدكتور بدران - فى تصريح خاص اليوم /الأحد/ لوكالة أنباء الشرق الأوسط - "إنه استنادا لتلك الإحصائيات الموثقة عالميا يمكن الإعلان عن ظهور نوع جديد من الإدمان وهو "إدمان السكر"، موضحا أن هذا الإدمان أصاب الرضع حيث يعمل السكر الزائد كمخدر ويقاوم إدمانه مادة الأنسولين".
وأضاف أن السكر الزائد يعمل كمخدر للمخ، وهو ما أثبتته الأبحاث العلمية الحديثة.. فالذين يقلعون عن الكحوليات يلجأون لتناول السكر تعويضا لهذا الإدمان الذى تزيد درجته مع إضافة الدهون والملح، حيث يعتبر المخ السكر فى هذه الحالة مكافأة له مما يفسد خاصيته كمصدر هام لإنتاج الطاقة.
وأشار بدران إلى أن السكر مادة تستوفى معايير الإدمان إذ تحفر على إطلاق الناقلات العصبية فى المخ بطريقة مشابهة للكحول والكوكايين وبعض الأدوية المخدرة، ويرافق ذلك الشعور بالتلذذ والسرور والمتعة والسعادة والانتباه، مبينا أن تناوله بصورة منتظمة ومتكررة يعوض المخ عليه، مما يجعل الشخص مضطرا لتناول كمية أعلى من السكر لإنتاج مزيد من الشعور بالسعادة حيث لا يستطيع بعض المستهلكين له العمل بدونه حيث أن غياب السكر لديهم أو صعوبة الحصول عليه يسبب أعراضا إنسحابية (صداع، وقلق، وتعب).
كما أوضح أن استهلك السكر فى مصر ارتفع إلى 32 ألف طن سنويا بزيادة قدرها 4ر2% سنويا، ووصل استهلاك الفرد إلى 33 كيلو جراما سنويا، مؤكدا أن زيادة استهلاك السكر ترجع إلى غياب ثقافة التغذية بسبب تغير النمط الغذائى والدعاية المكثفة لمنتجات السكر ولإدمانه، حيث أصبحت المياه الغازية قاسما مشتركا فى أغلب الوجبات المنزلية والوجبات السريعة غير المنزلية ، بالإضافة إلى تعرض الأطفال لسيل من الإعلانات عن الأطعمة والمشروبات غير الصحية مستخدمة تقنيات مقنعة ومؤثرة على الأطفال تجعله يدمونها، وبالتالى يتحولون إلى زبائن ومستهلكين دائمين لها طيلة حياتهم مما يشير إلى إصابة الأحفاد بأمراض معينة بمعدلات أعلى من أجدادهم.
ولفت إلى أن وجود وانتشار ماكينات بيع المياه الغازية يؤدى إلى مضاعفة استهلاك الأفراد منها وإصابتهم بالسمنة، مشيرا إلى أن عدد من يعانون من زيادة فى الوزن فى الدول النامية زاد بنحو 4 أضعاف منذ عام 1980، حيث يوجد حاليا 43 مليون طفل فى العالم يعانون من السمنة، فيما يتوقع أن يصل هذا الرقم إلى 60 مليون طفل فى عام 2020 غالبيتهم فى الدول النامية.
وحذر الدكتور بدران من أن شرب المياه الغازية خلال الحمل يزيد من احتمالات نشأة أجيال جديدة مصابة بحساسية الصدر والأنف فى مراحل الطفولة، حيث يتأثر الجنين ومناعته ببيئة الرحم ويؤدى تعرضه المبكر داخل رحم الأم لمكسبات الطعم واللون والرائحة والمواد الحافظة لإتاحة الفرصة للإصابة بالحساسية.
ونوه بأن بعض الدول المتقدمة التى أدركت خطورة إدمان السكر لجأت لتقنين تجارة المنتجات السكرية بزيادة الضرائب على السكر والمشروبات المحلاه والمياه الغازية، وقصر بيعها على منافذ خاصة بترخيص فرضت ضرائب مرتفعة على المشروبات المحلاه والمياه الغازية خاصة بعدما استفحل وباء السمنة لديها خاصة فى الأطفال.
وأوصى الدكتور بدران لتلافى الوقوع فى فخ إدمان السكر بألا يزيد استخدام البالغين فى اليوم الواحد عن 6 ملاعق صغيرة شاى يوميا بالنسبة للإناث و9 للذكور، وألا يزيد السكر عن نسبة 5% من مقدار الطاقة المستهلكة يوميا، مع الحذر من "السكر الخفى" الموجود فى العديد من المقبلات مثل الصوص والكاتشاب والكول يلو وحبوب الإفطار والمعجنات والوجبات السريعة.
ومن المقرر أن يتناول الدكتور مجدى بدران هذا الموضوع فى ندوة خاصة يستضيفها قصر ثقافة منيا القمح فى محافظة الشرقية بعد غد /الثلاثاء/، وذلك برعاية الدكتور محمد رضا الشيمى رئيس إقليم شرق الدلتا الثقافى.
أرسل تعليقك