يحيي العالم يوم 21 سبتمبر اليوم العالمي للزهايمير 2014 تحت شعار "هل بالإمكان تقليل خطر الإصابة"، وهو يهدف إلى التعرف على تحديات وصعوبات مرض الزهايمر، وتسليط الضوء على معاناة المرضى في العالم، كما يدعو إلى ضرورة السعي الدءوب والعمل المتواصل لتعزيز الرعاية الصحية وزيادة الدعم لمرضى الزهايمر وذويهم.
ويعاني نحو 36 مليون شخص حول العالم من الزهايمر وفقا للاتحاد الدولي للزهايمر الذي يذكر أنه السبب الأكثر شيوعا للخرف بين كبار السن إلا أن حالة واحدة فقط من بين أربع يتم اكتشافها وتشخيصها وبالتالي علاجها. وقد سمي بألزهايمر نسبة إلى الطبيب الألماني "ألوسي ألزهايمر" الذي كان أول من وصف المرض عام 1906، ومن بعده استطاع العلماء في القرن الماضي أن يتوصلوا إلى كثير من الحقائق المهمة حول المرض.
ومرض الزهايمر، هو مرض دماغي متطور يدمر خلايا المخ؛ مما يؤدي إلى مشكلات في الذاكرة والتفكير والسلوك ، ويؤثر بشدة في عمل وحياة الشخص المصاب ونمط حياته الاجتماعي فيتدهور وضع المريض المصاب بمرور الوقت ، وغالبا ما يؤدي إلى الوفاة، ويصنف مرض الزهايمر اليوم بكونه السبب الرئيس السادس للوفاة عالميا.
وتشير دراسة حديثة إلى أن عدد الأشخاص الذين يعانون من الزهايمير ارتفع بنسبة 22% خلال الأعوام الثلاثة الأخيرة ليصل إلى 44 مليونا، وجاء في تقرير "الزهايمر ديزيز إنترناشونال" أن العدد سيزداد ثلاث مرات بحلول عام 2050 ليصبح عدد المصابين بالزهايمير 135 مليونا تقريبا في العالم 16 مليونا منهم في أوروبا الغربية.
وقال مارك فورتمان المدير التنفيذي للمنظمة "إنها آفة عالمية والوضع يتفاقم، إذا ما نظرنا إلى المستقبل نرى أن عدد الأشخاص المسنين سيزداد بشكل كبير جدا" ، وأضاف فورتمان أن من المهم جدا أن تجعل منظمة الصحة العالمية من الزهايميرأولوية لكي يكون العالم مستعدا لمواجهة الوضع. وفقا للاتحاد الدولي للزهايمر الذي يذكر أنه السبب الأكثر شيوعاً للخرف بين كبار السن إلا أن حالة واحدة فقط من بين أربع يتم اكتشافها وتشخيصها وبالتالي علاجها.
وتظهر أولى أعراض الزهايمر وهو أكثر انواع فقدان الذاكرة شيوعا بعد سن 60، ويحدث نتيجة إصابة قشرة الدماغ بإلتهاب يدمر تدريجيا الخلايا العصبية المرتبطة بالذاكرة والقدرة على التفكير والتعلم والفهم والإدراك وأن الزهايمر يحدث خللا في الدماغ وبالتالي تغييرا في شخصية المريض وسلوكياته فيصبح أكثر عصبية وقد يصاب بالهلوسة ويعاني النسيان ويفقد القدرة على التعلم والإدراك ويجد صعوبة بالحديث مع الاخرين.
ويتطور الزهايمر على ثلاث مراحل يمر خلالها المريض بأعراض عدة، حيث يعاني المريض في المرحلة الأولى من فقدان بسيط للذاكرة وصعوبة في إجراء العمليات الحسابية البسيطة ونسيان الأسماء وتحديد الاتجاهات ووضع الأشياء في غير مكانها فيما يجد في المرحلة الثانية صعوبة في تذكر الأقارب ويفقد القدرة على النطق والتواصل مع الآخرين ويعجز عن العناية بنفسه ويعاني من الهلوسة والضياع .ويصاب المريض في المرحلة الثالثة من الزهايمر بفقدان الشهية ويصبح طريح الفراش ومعتمدا بالكامل على الآخرين لمساعدته وتقديم الرعاية الصحية له. وأن نصف الأشخاص فوق سن 85 عاما مصابون بإحدى درجات الزهايمر لكن لا يمكن اعتباره جزءا من الشيخوخة رافضا الاعتقاد السائد بأن التقدم في السن يسبب الزهايمر وحتى الآن لم يتوصل العلماء إلى تحديد السبب المباشر له.
وتشير الدراسات الطبية الحديثة إلى وجود خمس نظريات حول سبب الزهايمر لا تزال بحاجة للبحث من أجل إثبات صحتها وتعزي الأولى المرض لنقص المواد الكيميائية والبروتينية في الدماغ التي توفر تواصل الخلايا العصبية فيه وقد بينت الدراسات أن نقص مستوياتها تؤثر في الوظائف الفكرية والسلوكية.
بينما ترتبط النظرية الثانية بالعوامل الوراثية فقد لوحظ أن نسبة الإصابة بالمرض ترتفع إلى ضعفين أو ثلاثة عند الأشخاص الذين أصيب أحد والديهم أو أقاربهم به ؛ فيما تختص النظرية الثالثة بمجال المناعة الذاتية حيث اكتشف العلماء أن بعض مرضى الزهايمر يعانون خللا في وظيفة الجهازالمناعي ؛ وأن النظرية الرابعة تقول بوجود فيروس خفي يعمل ببطء شديد وبهدوء على تدمير الخلايا مسببا بعض الاضطرابات الدماغية التي تشبه إلى حد بعيد أعراض مرض الزهايمر ؛ أما النظرية الخامسة فتبين أن تشوهات تصيب الشرايين المغذية للدماغ تسبب الزهايمر مشيرا إلى أن التعرض لضربة قوية على الرأس يمكن أن يؤدي إلى فقدان الذاكرة والإصابة بالمرض.
وتشير الدراسة إلى أن الاضطرابات الدماغية عند الأشخاص فوق سن 65 تعود إلى حالات مرضية بالإمكان علاجها مثل الاكتئاب أو أمراض القلب أو الإفراط في تناول الأدوية أو غياب الدعم الاجتماعي او حدوث تغير كبير في حياة المريض أو الإصابة بصدمة نفسية مؤكدا ضرورة الكشف عن مؤشرات الزهايمر للتأكد من عدم تطور أي اضطرابات دماغية ناتجة عن حالات مرضية يمكن علاجها .وتذكر الدراسة إلي أن العلماء لم يتوصلوا إلى إيجاد علاج نهائي للزهايمر فكل البرامج العلاجية المطبقة تهدف إلى السيطرة على الأعراض أو تأخير ظهورها قدر الإمكان مبينا أن الأدوية التي تهدف لتحسين الذاكرة وتقويتها تفقد فاعليتها العلاجية مع تقدم المرض. وتنصح الدراسة للوقاية من الزهايمر أو ضبط أعراضه باتباع نظام غذائي صحي وممارسة التمارين الرياضية وتمارين تنشيط الذاكرة بشكل منتظم والتحفيز الفكري المستمر والتواصل الاجتماعي وتوفير جو مريح للمريض ليتمكن من التكيف مع وضعه الجديد.
وتوقع تقرير الرابطة العالمية لمرض الزهايمر أن يرتفع عدد المصابين بالمرض، وسيصبح أحد أكبر التحديات التي تواجه الأنظمة الصحية بالعالم بسبب كثرة الرعاية الصحية التي يحتاجها كبار السن المصابون بالمرض. ويعيش في ألمانيا حاليا نحو 1.4 مليون شخص مصاب بأحد أمراض العته منهم نحو الثلثين مصابون بالزهايمر، حسبما ذكرت الجمعية الألمانية للزهايمر، التي توقعت أن يرتفع هذا العدد بحلول عام 2050 إلى نحو 3 ملايين مصاب يزيد عمر نحو الثلث منهم عن 90 عاما. في حين تشير تقديرات "الجامعة الدولية للزهايمر" الى أن عدد المصابين بهذا المرض المعروف ايضا بداء خرف الشيخوخة بلغ سنة 2013 في المغرب 100 ألف مصاب، كما من المحتمل أن يصل عددهم الى 524 ألفا بحلول 2050.
ووفق إحصاءات الجمعية السعودية الخيرية لمرض ألزهايمر ارتفعت نسبة المصابين بالمرض في جميع مناطق السعودية حيث وصل عدد المصابين إلى 50 ألف مريض ورشحت الإحصاءات تضاعف أعداد المرضى خلال السنوات الخمس المقبلة. أما في تونس فيوجد أكثر من 20 ألف مصاب بالزهايمر، وفي مصر يوجد 300 ألف مصاب بالمرض ، وفي الجزائر 100 ألف حالة تعاني مرض ألزهايمر الذي يصيب عادة المسنين، أما في اليابان فذكرت وزارة الصحة اليابانية أن عدد المسنين الذين أصيبوا بالمرض وصل إلى 3 ملايين شخص.
وتشير التقارير الحديثة إلى أن عدد المصابين بالمرض حول العالم سيتضاعف في السنوات العشرين المقبلة، خصوصا في الدول النامية؛ إذ من المتوقع أن ترتفع نسبة المصابين بهذا الداء في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا إلى 125 %.
كما أظهر تقرير حديث نشرته الجمعية الأمريكية لمرض الزهايمر، أن ثلث الأشخاص المسنين في الولايات المتحدة يموتون وهم مصابون بهذا المرض أو أي شكل آخر من الخرف. وقال رئيس الجمعية هاري جونز، "اليوم لا يمكن الشفاء من مرض الزهايمر، إما أن تموتوا بسببه أو إنكم تموتون معه، وأضاف جونز بتنا نعلم أن مسنا من أصل ثلاثة يموت مع مرض الزهايمر أو أشكال أخرى للخرف ومن الملح التحرك ، في حين أنه مع شيخوخة السكان يواجه عدد متزايد من الأشخاص خطر أن يصابوا بهذا التراجع في وظائف الدماغ والذي لا شفاء منه ولا علاج للإبطاء أو الحد من تقدمه".
وبحسب آخر الإحصاءات الفدرالية، يمثل مرض الزهايمر 6 أسباب الوفيات في الولايات المتحدة مع تسجيل 83.494 ألف حالة وفاة في العام 2010، أي بزيادة نسبتها 39% على عشر سنوات. ووفق أرقام الجمعية الأمريكية لمرض الزهايمر، فإن 450 ألف مصاب بالزهايمر سيموتون في العام 2013، بينهم جزء كبير ستكون وفاتهم مرتبطة مباشرة بهذا المرض المزمن. وأشار معدو الدراسة إلى أنه حتى عندما لا يكون مرض الزهايمر السبب المباشر للوفاة إلا أنه يساهم بذلك في شكل كبير.
وأظهرت دراسة أجريت مؤخرا في هذا الموضوع على عينة تم اختيار أفرادها من مختلف الولايات الأمريكية أن الخرف يمثل ثاني أبرز أسباب الوفيات بعد القصور في وظائف القلب. وبذلك، فإن احتمال الوفاة في غضون 10 سنوات لدى أشخاص في السبعينيات من العمر مصابون بالزهايمر تبلغ 61 % مقابل 30 % فقط لدى غير المصابين بالزهايمر، وفق الدراسة. ويبلغ عدد المصابين بالزهايمر في 5.5 مليون شخص أمريكي، ومن الممكن أن يصل هذا العدد إلى 13,8 مليون مصاب في الولايات المتحدة في العام 2050. وتعتبر كلفة العلاج بالنسبة للنظام الصحي باهظة، ويمكن أن تصل إلى 203 مليارات دولار في العام 2013، بينها 142 مليارا ضمن برنامج "ميديكاير" التأميني الفدرالي للمتقاعدين، و"ميديكايد" لتغطية الأشخاص الأشد فقرا، وفق تقديرات الجمعية الأمريكية لمرض الزهايمر.
وكشفت دراسة بريطانية حديثة أنه يمكن منع ثلث حالات الإصابة بمرض الزهايمر. وقال باحثون في جامعة كامبريدج إنه بالإمكان حماية حالة من بين كل ثلاث حالات من المعاناة من مرض الزهايمر في العالم. وتوصل الباحثون إلى أن عدم ممارسة الرياضة والتدخين والاكتئاب وكذلك ضعف مستوى التعليم، تمثل العوامل الرئيسية لظهور المرض. وكان التقدير السابق عام 2011 قد أشار إلى أنه يمكن حماية نصف الحالات ، ومنع إصابة حالة من بين كل حالتين بالزهايمر، لكن الدراسة الجديدة أخذت في الاعتبار تداخل عوامل الخطورة. وقال مركز أبحاث الزهايمر في بريطانيا إن عامل السن يبقى أكبر عامل خطورة في الإصابة بالمرض.
ونشر فريق جامعة كمبريدج في دورية لانسيت نيرولوجي، تحليلا يعتمد على بيانات السكان لاستنباط العوامل السبعة الرئيسية المسببة لمرض الزهايمر، وتمثلت هذه العوامل في الإصابة بمرض السكر، وارتفاع ضغط الدم والبدانة في منتصف العمر، بالإضافة إلى ضعف النشاط البدني والتدخين والاكتئاب وأخيرا انخفاض المستوى التعليمي. ثم بحث العلماء كيف يمكن أن يؤثر الحد من هذه العوامل في حالات الإصابة بمرض الزهايمر مستقبلا،ووجدوا أنه عند تقليل كل عامل خطورة 10 % فإنه سيكون بالإمكان منع إصابة 9 ملايين شخص بالزهايمر في عام 2050. وفي بريطانيا، قدر الباحثون أن خفض عوامل الخطورة 10 % سيقلل حالات الإصابة بالمرض بنسبة 8.8 % ، أي ما يعادل 200 ألف مريض بحلول 2050.
وقالت البروفيسور كارول براين، من معهد الصحة العامة بجامعة كمبريدج "رغم عدم وجود طريق واحد لعلاج الخرف، ربما يكون بإمكاننا اتخاذ خطوات للحد من مخاطر تطور المرض لدى كبار السن ، وأضافت براين إننا نعلم ماهية الكثير من هذه العوامل، وأنها مرتبطة ببعضها غالبا". في حين يرى سيمون ريدلي، مدير الأبحاث في مؤسسة أبحاث الزهايمر الخيرية في بريطانيا، أنه مازال هناك الكثير لنكتشفه بشأن الزهايمر. وقال "بينما يمثل التقدم في السن أكبر عامل خطورة، توجد عدة عوامل أخرى ترتبط بأسلوب الحياة والصحة العامة يمكن أن تزيد أو تقلل من فرص تطور المرض".
وأوضح أن الآلية المتعلقة بارتباط هذه العوامل ببداية ظهور الزهايمر مازالت غير مفهومة. وأضاف ريدلي :"يوجد أكثر من 820 ألف مريض بالخرف في بريطانيا، وشيخوخة سكان البلاد ستزيد من أعداد المصابين بالمرض". وبما أنه لا توجد وسيلة مؤكدة للوقاية من الزهايمر، فإن الباحثين يجب أن يستمروا في تقديم أدلة أقوى ترتبط بالعوامل البيئية والصحية، لمساعدة الأشخاص في مواجهة الخطر. وتابع مدير أبحاث الزهايمر أن الدراسة الجديدة تلقي الضوء أيضا على أن الكثير من الحالات لا تنجم عن عوامل يمكن تغييرها وتعديلها، وهو ما يؤكد الحاجة إلى توجيه استثمارات لأبحاث العلاج الجديد. ومن بين عوامل الخطورة السبعة فإن النسبة الأكبر من حالات الزهايمر في الولايات المتحدة وبريطانيا وبقية أوروبا يمكن أن تعود إلى عدم ممارسة الرياضة.
وتقول الدراسة إن حوالي ثلث السكان البالغين في هذه البلدان يعانون من الخمول البدني ولا يمارسون الرياضة. كما يؤدي الخمول البدني إلى العديد من المشكلات الصحية الأخرى مثل الإصابة بمرض السرطان وأمراض القلب والأوعية الدموية. ووصفت وزارة الصحة البريطانية الخرف بأنه تحد عالمي متنامي، وقال ناطق باسمها "إننا نشن هجوما مضادا على الصعيد العالمي من خلال جمع أعضاء مجموعة الثماني للاهتمام بموضوع الخرف على أنه مشكلة عالمية للمرة الأولى".
وتجدر الإشارة إلى أن الخرف وفق منظمة الصحة العالمية، هو متلازمة تتخذ عادة طابعاً مزمناً أو تدريجياً، وتحدث نتيجة مجموعة مختلفة من الأمراض الدماغية التي تطال الذاكرة والتفكير والسلوك والقدرة على القيام بالأنشطة اليومية. وذكر تقرير منظمة الصحة العالمية أن تكلفة علاج المرض على مستوى العالم تتجاوز في الوقت الراهن 600 مليار دولار وهو ما يمثل 1 % من الناتج المحلي الإجمالي على مستوى العالم مشيرا إلى أن النسبة مرشحة للزيادة.
أرسل تعليقك