الدوحة ـ قنا
سلّط باحثون في كلية طب وايل كورنيل في قطر الضوء على خصائص عقار "الميتفورمين"، أحد أكثر العقاقير استخداماً لمرضى السكري والذي لم يصل الباحثون إلى فهم طبيعة خصائصه بشكل جيد منذ أكثر من 50 عاماً.
يتصدر هذا العقار خيارات الأطباء منذ فترة طويلة عند وصف الأدوية لمرضى السكري من النوع الثاني من أجل إطالة عمر المرضى الذين يعانون من مرض السكري المرتبط بتلف الأوعية الدموية الدقيقة الذي يصيب شرايين القلب التاجية.
فثمة اعتقاد سائد بأن فائدة عقار الميتفورمين تتمثّل في قدرته على تثبيط استحداث الكبد للسكر من مصادر غير كربوهيدراتية، ما يؤدي إلى انخفاض نسبة السكر في الدم وبالتالي الحد من تلف الأوعية الدموية.
يتفاعل مع بروتين يسمى "sirtuin 1":
بيد أن البحوث المتأنية التي أجريت لتحليل تأثيرات العقار والتي اختلفت عن البحوث السابقة في وضعها لبروتوكولات تنصب على تركيزات أكثر واقعية من العقار ميتفورمين، أوضحت أن الميتفورمين يتفاعل مع بروتين يسمى «sirtuin 1» الذي يلعب دوراً في تقدم العمر، ويعرف باسم الجينة «SIRT1» وهو البروتين الذي يربط العلماء بينه وبين الحماية من الأمراض الأيضيَّة المتصلة بالشيخوخة السابقة لأوانها في غير الثدييات.
عمل الدكتور نانا براجازام أروناشالام - زميل ما بعد الدكتوراه والمؤلف الرئيسي للدراسة، مع الدكتور كريس تريجل - أستاذ علم الصيدلة في كلية طب وايل كورنيل في قطر، والدكتورة هونج دينج - أستاذ بحوث الصيدلة المساعد - في إعداد هذه الدراسة التي نُشرت في النسخة الرقمية من الدورية البريطانية المرموقة «British Journal of Pharmacology».
أسباب الوفيات شيوعاً بين مرضى السكري:
وقد بينت الدراسة "إن أكثر أسباب الوفيات شيوعاً بين مرضى السكري هو تلف الأوعية الدموية والأوعية الدموية الدقيقة، وهو عبارة عن إصابة الأوعية الدموية بهرم متقدم، وهنا تكمن الأهمية اللافتة للعقار ميتفورمين، ويُعد العقار ميتفورمين من الأدوية المثيرة للاهتمام منذ أن طُرِح بالمملكة المتحدة عام 1958 لعلاج النوع الثاني من داء السكري. وبالمقارنة بالعقاقير المشابهة، يخلو العقار ميتفورمين من الآثار الجانبية اللافتة، وخلافاً لغالبية العقاقير الدوائية الفموية الخافضة لسكر الدم، لا ينطوي على خطر الإصابة بهبوط السكر في الدم «هيبوجليكيميا»، وهي الحالة التي تفاقم خطر الإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية. يُضاف إلى ذلك أن تناول العقار ميتفورمين يقترن بفقدان الوزن لا زيادة الوزن، وهذه ميزة لافتة لاسيما أن العديد من مرضى النوع الثاني من داء السكري من المصابين بالسّمنة أو البدانة. وقد كان الاعتقاد السائد الذي تأخذ به الأوساط الدوائية عن آلية عمل العقار ميتفورمين لا يتفق مع ما يُعرف في علم العقاقير باسم السِّمات الحراكية الدوائية للعقار، أي طريقة تفاعل العقار مع جسم الإنسان.
لقد أثبتت التجارب التي أجراها فريق الباحثين على خلايا فئران مُستنبَتة في المختبر أن العقار ميتفورمين له تأثير مباشر على وظائف الأوعية الدموية. هذا وهناك العديد من البحوث المنشورة استعانت بنطاق تركيزات من العقار ميتفورمين لا يمكن تحقيقها في خلايا بجرعات علاجية، ولا تعكس في الوقت نفسه قدرة العقار على النفاذ إلى ما بين الخلايا. لذا تم وضع بروتوكولات تنصبّ على تركيزات أكثر واقعية من العقار ميتفورمين. ومن اللافت للنظر حقاً أن العقار ميتفورمين يستلزم البروتين «sirtuin 1» وهو البروتين الذي يربط العلماء بينه وبين الحماية من الأمراض الأيضيَّة المتصلة بالشيخوخة السابقة لأوانها".
يُذكر أن الدكتورة هونغ دينج استفاضت في نتائج الدراسة التي نُشرت مؤخراً، ما جعل الجمعية البريطانية للعلوم الدوائية «BPS» تدعوها لإعداد ملصق بحثي للتحدُّث عنه خلال اجتماعها الذي عقد في لندن بين 17 و19 ديسمبر الماضي أمام حوالي 500 من أعضائها.
أرسل تعليقك