بيروت - العرب اليوم
نال الطالب اللبنانيّ في فرنسا طارق بو عمر تنويهًا خاصًا من لجنة مسابقة "إنيرغايا لبنان" الأدبية عن فئة القصّة القصيرة، بعد أن فاز بالمرتبة الأولى للجائزة نفسها في العام 2019. العمل المكتوب بالفرنسيّة ويحمل العنوان "نيران لطيفة"، استوحاه المؤلّف الشاب من "النيران التي اجتاحت لبنان خلال الأشهر الماضية، ومن حلقة للمحقّق كونان ورواية لأغاثا كريستي." وسيكون طارق في ماتيرا الإيطالية في 11 أيلول/سبتمبر الجاري، خلال حفل ليقابل مشاركين من ألمانيا وإسبانيا واليونان وسلوفينيا، وللحديث عن قصّته التي "اعتُبرت الأفضل للنشر، وستُنشر باللغتين الفرنسية والإيطالية"، إشارة الى أنّ المسابقة تستقطب القصّة القصيرة والقصّة المصوّرة باللغات الإنكليزية والإيطالية والفرنسية، ومفتوحة لأعمار الفئة الشابة ما فوق الـ18 سنة.
المثير للانتباه في مسابقة "إنيرغايا" أنّ إيطاليا بلد المنشأ، وهي تحت رعاية منطقة بازيليكاتا، وجمعيّة "دانتي أليغييري" وجمعية "إنيرغايا" الثقافية في ماتيرا، بالتعاون مع المعهد الثقافي الإيطالي في بيروت والمعهد الفرنسي في طرابلس، أنّ اسمها ارتبط بلبنان منذ سنوات عديدة، فيما عادة ما تخصّ دول الاتّحاد الأوروبي. وفي معلوماتنا، أنّ مسؤولة معهد "إنيرغايا" الإيطالي في طرابلس كريستينا فوتي، وهي إيطالية الجنسية وعضو في الجمعية المنظّمة ومستقرة في طرابلس، أرادت تمتين العلاقات الثقافية مع لبنان، والتي تتمتّع بروابط أصيلة غائرة في الزمن، فضمّت لبنان إلى الدول المستهدفة في المسابقة، بل حملت الأخيرة اسمه.
لا بدّ هنا، والأهمّ، الوقوف عند تجربة طارق بو عمر الأدبية التي تتدحرج معها النجاحات منذ أكثر من ثماني سنوات، على مستويات دوليّة وأوروبيّة ولبنانيّة. فطارق (24 سنة) من بلدة الهري شمال لبنان، وخرّيج هندسة من الجامعة اللبنانية، وأيضاً طالب اللغة الفرنسية في الجامعة نفسها، انتقل العام الماضي الى باريس حيث تابع دراسته وحاز على ليسانس في الأدب الفرنسي من جامعة السوربون. لكن، ليس بالضرورة أن يتمتّع المتخّصص في الأدب بملكة الكتابة الأدبيّة، والعكس صحيح. أمّا سجلّ طارق، فيُظهر أنّه جمع "المجد من طرفيه"، وفي الآتي ما يؤكّد.
جائزة "إنيرغايا" الأدبية للعام 2019 وتنويه العام 2021، والجائزة الأدبية الفرنسية Nouvelles avancées في العام 2020، والتأهّل الى المرحلة النهائيّة من جائزة الكتّاب الشباب الفرنكوفونية الدوليّة، إلى نجاحات تتوالى منذ المرحلة الثانوية: مسابقة لتلامذة الثانويات من تنظيم الجامعة اللبنانية الأميركية، فاز عنها مرتين- العام 2012 في مقالة حول النجاح، والعام 2013 من خلال أقصوصة في اللغة العربية.
ويتمتع طارق بمهارات لغويّة عالية، أهّلته للفوز أربع مرّات بمسابقات إملاء باللغة الفرنسيّة. ففي العام 2018، حصد المرتبة الثانية في dictées des finances التي نظّمها معهد باسل فليحان، والمرتبة الأولى في إملاء الفرنكوفونية (المعهد الفرنسي)، والمرتبة الأولى في إملاء الفرنسية (جامعة القديس يوسف والوكالة الجامعية الفرنكوفونية)، وفاز في العام 2019 مجدّداً بإملاء الفرنكوفونية عن المرتبة الثانية.
مسار معبّد بالنجاحات التي تؤكّد على جذوة أدبية قلّ نظيرها، وكثافة في الإنتاج لا تستعصي عليها غربة، ولا تخصّصين في الجامعة... السؤال يطرح نفسه بنفسه، كيف يعتني طارق بإبداعه، وهل فكّر مثلاً بنشر قصصه، وهل وجد من يرعاها؟ لم تخب التوقعات، فثمّة "روايتين في طور الكتابة حالياً، وتعاون مع دار نشر لإصدار ديوان يضمّ ثماني إلى عشر أقصوصات، لكن من المتوقع نشر رواية أوّلاً، تبعاً لنصيحة دار النشر، والعرف السائد لدى المؤلّفين بإصدار رواية قبل مجموعة قصص"، يقول طارق لـ"النهار"، مشيراً إلى أنّه سيتابع الماستر بالأدب الفرنسي في جامعة بولونيا الايطالية بعد قبوله في إطار برنامج تبادل مع السوربون، وسيتناول في رسالته الماثلة تماماً في مشروعه الأكاديمي "النقد الجمالي لأدب الوحوش في القرن السادس عشر"، لإعجابه بها وقراءاته الكثيرة في المجال.
ووفق طارق، قصّته المشارِكة في "إنيرغايا لبنان"، انطلقت من الزمن الحاضر. وتتحدّث عن مراهق يعاني العصاب ويبلغ من العمر 15 عاماً، كان يتجوّل في قريته ليلاً، إلى أن لاحظ فجأة أنّ منزلاً يحترق. وفيما كان يجري بين ألسنة اللهب لاكتشاف ما يجري، عاد إلى ماضيه وأخذت روايته بالتداعي. تنتهي القصّة بسقوط مأساويّ غير متوقع، يربط بين الحاضر والماضي، ويكشف كيف ولماذا احترق المنزل.
قد يهمك ايضا
القصة القصيرة تفقد أيقونتها برحيل الروائية الإماراتية مريم جمعة
جائزة «ابن خصيب» الثقافية تعلن أسماء الفائزين في الدورة الأولى
أرسل تعليقك