بالطبع لا يمكن أن يعتبر الخلاف على موهبة وأسطورية أم كلثوم أمرًا طبيعيًا، الاختلاف حق مكفول، ولكن على كوكب الشرق فهو من العجب العجاب، ولعل هذا ما يجعل كل من يسمعها يهيم بها حبًا، حتى وإن كان مستوطنًا إسرائيليًا، حتى وإن كانت هي لا تعتبر الكيان الصهيوني سوى عدو لدود مغتصب للأراضي الفلسطينية حالياً، وجزء من المصرية سابقًا، لذا يواجه الإسرائيليون الآن ما يمكن تسميته بـ"معضلة أم كلثوم".
وكالة "فرانس 24"، نشرت تقريرا بشأن أزمة داخلية في إسرائيل، فجرها تحرك لـ"تكريم كوكب الشرق أم كلثوم"، التي لها شعبية كبيرة سواء لدى الفلسطينيين أو المستوطنين الإسرائيليين.
وقالت الوكالة إنه "ربما لا يوجد كنز ثقافي مصري حديث معشوق أكثر من "أم كلثوم"، من المرجح أن أي شخص زار العالم العربي أو كان في منزل أحد عرب الشتات قد سمع على الأرجح النغمات المؤثرة لصوتها صاحب الرنين المميز" تحركت مدينة حيفا مؤخرًا لتكريم إرثها وأثارت هذه العملية جدلًا.
وأضافت الوكالة: ظهرت كوكب الشرق- كما كان يطلق عليها على المسرح الثقافي في مصر- في عشرينيات القرن الماضي، وسيطرت على المشهد الموسيقي في العالم العربي حتى وفاتها في عام 1975.. هناك عدد قليل من المنازل العربية في أي مكان في العالم لم تعرف أنغام أم كلثوم الشجية. بموافقة سكانها العرب الذين يمثلون ما يقرب من 10 في المئة من سكانها البالغ عددهم 30.000 نسمة، صوتت حيفا، ثالث أكبر مدينة في إسرائيل، على تسمية شارع باسم أم كلثوم.. وقالت رئيسة مجلس مدينة حيفا، إينات كاليش روتيم، إن القرار هو انعكاس لتمثيل المدينة "نموذج للتعايش بين العرب واليهود".
قالت هدى الإمام، الخبيرة في الثقافة الفلسطينية في القدس ، إن تكريم أم كلثوم في حيفا أمر منطقي. مضيفة:"كانت حيفا دائمًا مدينة ذات تسامح واحترام للاختلافات. عندما أقول خلافات ، أعني احترام الفلسطينيين".
سارت أم كلثوم في شوارع حيفا وكانت تغني هناك، في يافا والقدس قبل قيام دولة إسرائيل عام 1948 عندما كانت تلك المدن لا تزال جزءًا من فلسطين الواقعة تحت الانتداب البريطاني.. لكن نفوذها امتد خارج منطقة الشرق الأوسط أيضًا، فكان أفضل ما نتذكره لها حفلها الأسطوري عام 1967 في أوليمبيا في باريس.
وتابعت الوكالة: واليهود الذين نشأوا وهم يستمعون إليها في شمال إفريقيا والشرق الأوسط مرتبطون بها مثل أي عربي. بالنسبة للبعض، على الرغم من ذلك، حيث ينتهي الاتفاق. كانت أم كلثوم مؤيدة بشدة للفلسطينيين وأدانت إسرائيل، ويعتقد منتقدوها في إسرائيل أن تكريم المغنية الراحلة غير مناسب.
بعد إعلان القرار، غرد يائير، نجل رئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتنياهو، بأن القرار كان "مخزيًا جنونيا". وكتب النائب اليميني أرييل كالنر في صحيفة "كول بو " العبرية أنه يشعر بالحزن لأن حيفا قررت تكريم امرأة "دعت لتدمير الدولة اليهودية".
نشرت الصحيفة صورة بالأسود والأبيض لأم كلثوم على صفحتها الأولى مع بعض كلماتها المزخرفة على الصورة مترجمة مطلع أغنيتها الشهيرة مع الموسيقار الراحل محمد عبد الوهاب "أصبح عندي الآن بندقية، الى فلسطين خذوني معكم".
وعلقت الوكالة بأنها لم تكن تلك المرة الوحيدة التي غنت فيها أم كلثوم أغاني سياسية، فخلال "حرب الستة أيام- النكسة" عام 1967، "قامت أم كلثوم التي تلقب أحيانا بهرم مصر الرابع بأداء أغنية تحث خلالها مصر على سحق عدوها. كانت أغنيتها القومية (والله زمان يا سلاحي) النشيد الوطني في الفترة ما بين عام 1960 و1979، عندما استبدلها الرئيس الراحل أنور السادات عندما كانت تجرى مفاوضات السلام مع إسرائيل بنشيد (بلادي) المستمر إلى يومنا هذا".
وقال كالنر إنه سيحارب ضد محاولات حيفا لتغيير اسم الشارع. وعلقت الوكالة بالقول "ولكن إذا كان يريد تقليص إرثها، فسيضطر إلى ترك عمله للقيام بذلك: في عام 2011 تم تسمية شارع باسمها في القدس الشرقية ومدينة الرملة تخطط للقيام بالأمر نفسه".
لم يحظ الجدل باهتمام واسع النطاق خارج دوائر سياسية معينة. قالت الإمام أن بعض أصدقائها في حيفا لم يسمعوا عن الضجة حول هذا الأمر.
عند النظر إلى وطنية أم كلثوم، كان المراقبون في حيرة أكثر من أي شئ آخر وكأنهم أمام معضلة منطقية. قال الدكتور إتش إيه هيلير، زميل مشارك في المعهد الملكي للخدمات المتحدة في لندن ومؤسسة كارنيجي للسلام الدولي في واشنطن:"من ينظر إلى الأمر بموضوعية سيجده فعلًا غريبًا وحركيًا إلى حد ما.. كانت أم كلثوم مصرية وطنية عميقة، والتي لم تكن ترى مصر سوى دولة في حالة حرب مع إسرائيل. علاوة على ذلك، كانت مناصرة قوية لحقوق الفلسطينيين ضد الإسرائيليين - لذلك، كل هذا يبدو غريبًا بعض الشيء".
قد يهمك أيضــــــــــــــــًا :
"كوكب الشرق" تتألق في دار الأوبرا المصرية
ساقية الصاوي تعود مع أم كلثوم بنظام الـ25%
أرسل تعليقك