لندن ـ ماريا طبراني
كشف الباحثون أن الفراشات المهاجرة تستخدم بوصلة داخلية لتحديد رحلاتها الجنوبية الغربية عند الهجرة في موسم الخريف، ولم تكن كيفية معالجة دماغ الفراشات للمعلومات المتعلقة بالموقع والمكان الذي يجب أن تطير إليه مفهومة بعد، ولكن يؤمل الآن بأن يساعد هذا الاكتشاف في فهم كيفية تنقل الحشرات وتحديد موقع طعامها.
وتتجه فراشات العاهل في الخريف جنوبًا من موائلها في أميركا الشمالية وتهاجر أكثر من 2000 ميل وسط المكسيك حيث الشتاء أكثر دفئًا، وعلى الرغم من تضاؤل الأعداد بسبب فقدان الصقلاب الغذاء الوحيد لهذه الفراشات، لا تزال هذه المعرفة الفطرية تمر عبر كل جيل في ظل تحريك الفراشات لأجنحتها البرتقالية والبيضاء والسوداء أثناء رحلاتها الأسطورية إلى الجنوب.
وركز الباحثون في دراسة حديثة على أدمغة الحشرات؛ لمعرفة كيف تهاجر فراشات العاهل باستخدام بوصلتها الداخلية، ومن خلال قياس نشاط خلايا عقل هذه الحيوانات ورصد معدلات إطلاق أجهزة الاستشعار والعيون عند الحشرة استطاع الباحثون تحديد كيف تبقى الحشرات على الطريق الصحيح.
وذكرت عالم الرياضيات في جامعة واشنطن في الولايات المتحدة، والباحث الرئيسي في الدراسة، الدكتور إيلي شيليزرمانوف بقولها "تضم البوصلة الداخلية للحشرات قطعتين من المعلومات ممثلة في الوقت من اليوم وموقع الشمس في الأفق وذلك للعثور على اتجاه الجنوب، وأردنا معرفة كيف تستطيع فراشة العاهل معالجة هذه الأنواع المختلفة من المعلومات للقيام بهذا السلوك الثابت والطيران إلى الجنوب الغربي كل خريف".
وتستخدم فراشات العاهل أعينها الكبيرة لتتبع موقع الشمس في السماء فضلاً عن المعلومات المتعلقة بالوقت من اليوم لتعرف إلى أين تذهب، وتعتمد الحشرة الذكية على الساعة الداخلية في جسمها على أساس التغير الإيقاعي في الجينات الرئيسية، والتي تحافظ على النمط اليومي للعمليات الفسيولوجية والسلوك، وتتواجد لدى معظم الحيوانات منطقة مخصصة في الدماغ لتنظيم الساعة الداخلية، ولكن في فراشات العاهل تتركز هذه الساعة في زوائد الاستشعار الهوائية.
وأضافت الدكتورة شيليزرمانوف "طورنا نموذجًا يضم هذه المعلومات المتعلقة بكيفية قيام زوائد الاستشعار والعيون بإرسال المعلومات إلى الدماغ، بهدف معرفة أي نوع من آلية التحكم الذي يعمل داخل الدماغ، ومن ثم نتسائل عما إذا كان نموذجنا يمكنه ضمان التنقل المستدام في اتجاه الجنب الغربي"، وتبين من خلال نموذج الباحثين أن فراشات العاهل لا تقوم بالعودة القصيرة للوصول إلى الطريق مرة أخرى خلال تعديل الاتجاه.
وتضمن نموذج فراشات العاهل ميزة فريدة تتمثل في نقطة منفصلة تتحكم فيما إذا كان على الفراشة التحول إلى اليمين أم اليسار حتى تتجه إلى الاتجاه الجنوبي الغربي، وبيّنت شيليزرمانوف "يتغير موضع هذه النقطة في المجال البصري للفراشة على مدار اليوم، ويتوقع نموذجنا أن فراشة العاهل لا تتجاوز هذه النقطة عند تصحيح المسار للعودة إلى الجنوب الغربي، ومن خلال التجارب على فراشات العاهل في أوقات مختلفة من اليوم رأينا مناسبات تكون عودة الفراشة لتصحيح المسار طويلة بشكل غير عادي أو بطيئة أو متعرجة، وربما تكون هذه الحالات التي لا يمكنها فيها القيام بدورة قصيرة؛ لأن ذلك يتطلب تجاوز نقطة الانفصال".
وتابعت شيليزرمانوف "وعندما يحدث ذلك تشير البوصلة الداخلية للفراشة باتجاه الشمال الشرقي بدلاً من الجنوب الغربي، إنه نظام قوي وبسيط يشرح كيف تقوم هذه الفراشات بهجرتها الرائعة جيلاً بعد جيل"، ونُشرت نتائج الدراسة في مجلة Cell Reports، وأضاف عالم الأعصاب في جامعة ماساتشوستس وكبير مُعدي الدراسة ستيفن ريبيرت، قائلًا "أهم شيء يجب علينا القيام به هو تحديد ما يصفه هذا النموذج من الناحية البيولوجية، ويمكننا استخدام معلومات التجربة لمساعدتنا في تحليل الدوائر العصبية المعنية بتنقل فراشات العاهل".
أرسل تعليقك