تواصل الإمارات جهودها الريادية في مواكبة التوجهات العالمية لمواجهة تحديات التغير المناخي، عبر مشروعات عملاقة لتوفير الطاقة المتجددة.ومن منطلق تأثير قطاع الطاقة في ملف تحدي المناخ فقد اعتمدت الإمارات العديد من المشروعات العملاقة التي تؤهلها للوصول قبل غيرها من دول المنطقة إلى مواءمة المعايير العالمية ذات الصلة.وتلفت الإمارات أنظار العالم إليها بمجموعة فريدة من المشاريع العملاقة كمحطات الطاقة النووية السلمية ومحطات الطاقة الشمسية، إضافة إلى محطات التحلية ومشاريع معالجة النفايات وتحويلها إلى طاقة، فضلاً عن مبادراتها لخفض الانبعاثات الكربونية الناجم عن الأنشطة الاقتصادية بمختلف أنواعها.
وأسهمت تلك المشروعات الرائدة في تحويل الإمارات إلى أحد أهم اللاعبين الإقليميين والدوليين في هذا الملف الحيوي، وهو ما ترجمته الإمارات في تصدير تجربتها إلى العديد من الدول والمناطق حول العالم، إضافة لاستضافتها لمقر الوكالة الدولية للطاقة المتجددة "إيرينا".وأعلنت الإمارات عن رفع سقف مساهماتها الوطنية في زيادة معدلات خفض الانبعاثات في القطاعات الاقتصادية كافة وصولاً إلى تحقيق انخفاض 23.5% في عام 2030، وهو ما يعادل خفضاً مطلقاً للانبعاثات بنحو 70 مليون طن.
وتأتي العديد من المبادرات والمشاريع الوطنية لتدعم هذا الهدف وفي مقدمتها مشروع "الريادة" المشترك بين شركة بترول أبوظبي الوطنية "أدنوك" و"مصدر" لالتقاط الكربون واستخدامه وتخزينه على نطاق تجاري، حيث يستخدم المشروع غاز ثاني أكسيد الكربون المنبعث من مصنع «حديد الإمارات»، الأكبر من نوعه في الإمارات، من أجل حقنه كبديل عن الغاز المشبع بالسوائل في حقول النفط في أبوظبي لتعزيز إنتاجه.
وكانت "أدنوك" قد أعدت خطة طموحة لالتقاط ثاني أكسيد الكربون الناتج عن عملياتها، باستخدام تقنيات من الجيلين الثاني والثالث أكثر فعالية بما يلبي زيادة بمقدار ست مرات في استخدام غاز ثاني أكسيد الكربون لتعزيز استخلاص النفط.
وتخطط أدنوك لالتقاط 5 ملايين طن من ثاني أكسيد الكربون سنوياً /250 مليون قدم مكعبة قياسية يومياً/ قبل عام 2030.وتتعدد المشاريع الاستراتيجية العملاقة التي أنشأتها الإمارات في إطار جهودها لتنويع مصادر الطاقة، والتي حولتها لإحدى أبرز التجارب العالمية في هذا الإطار.
محطة براكة
تشكل محطة براكة للطاقة النووية السلمية في منطقة أحد أكثر المشاريع تأثيراً ضمن جهود الإمارات، ويوفر المشروع بمفاعلاته الأربعة المتقدمة /APR1400/ عند التشغيل التام 5600 ميجاوات، أي ما يعادل 25% من احتياجات الإمارات من الكهرباء.
وسيؤدي هذا المشروع دورًا أساسيًا في تنويع مصادر الطاقة بالإمارات، وسيوفر كمية كبيرة من الطاقة للمنازل والشركات والمنشآت الحكومية مع تقليلها للبصمة الكربونية في الإمارات، فبعد التشغيل التام للمحطة، من المتوقع أن تحدّ من الانبعاثات الكربونية في دولة الإمارات بواقع 21 مليون طن سنوياً والتي تعادل إزالة 3.2 مليون سيارة من الطرقات.
محطة الظفرة
في ديسمبر/كانون الأول الماضي أعلنت أبوظبي عن إنجاز صفقة تمويل ناجحة لمشروع محطة الظفرة للطاقة الشمسية الكهروضوئية المستقلة الذي ستبلغ قدرته الإنتاجية 2 جيجاوات من الكهرباء ستورد جميعها إلى شركة مياه وكهرباء الإمارات.وعند دخولها حيز التشغيل، ستولد المحطة طاقة كهربائية كافية لما يقارب 160 ألف منزل في مختلف أنحاء الإمارات، ومن المتوقع أن تساهم المحطة بتخفيض انبعاثات غاز ثاني أكسيد الكربون في أبوظبي بأكثر من 2.4 مليون طن متري سنوياً؛ أي ما يعادل إزالة ما يقارب 470 ألف سيارة من الطرقات.
نور أبوظبي
ومنذ بدء التشغيل التجاري لها في عام 2019 توفر محطة "نور أبوظبي" للطاقة الشمسية نحو1.177 ميجاوات من الكهرباء التي تكفي لتغطية احتياجات 90 ألف شخص.ويتيح المشروع لأبوظبي زيادة إنتاجها من الطاقة المتجددة والحد من استخدام الغاز الطبيعي في توليد الكهرباء، الأمر الذي يساعد على جعل الطاقة أكثر استدامة وكفاءة ويقلل الانبعاثات الكربونية لأبوظبي بمقدار مليون طن متري سنوياً، وهو ما يعادل إزالة 200 ألف سيارة من شوارعها.
مجمع محمد بن راشد
ويعد مجمع محمد بن راشد آل مكتوم للطاقة الشمسية في دبي الأكبر من نوعه في موقع واحد على مستوى العالم حيث ستبلغ قدرته الإنتاجية 5000 ميجاوات بحلول عام 2030 باستثمارات تصل إلى 50 مليار درهم (13.61 مليار دولار).ويتوقع عند اكتمال المرحلة الرابعة من المجمع الذي تنفذه هيئة كهرباء ومياه دبي أن يكون من أكبر مشروعات تخزين الطاقة على مستوى العالم لمدة 15 ساعة ما يسمح بتوافر الطاقة النظيفة على مدار الساعة لنحو 320 ألف مسكن مع خفض 1.6 مليون طن من الانبعاثات الكربونية سنويا.
وساهمت مشاريع الطاقة الشمسية الإماراتية في خفض تكلفة الطاقة المتجددة عالمياً حيث سجل طرحُ مناقصة المرحلة الخامسة من مجمع الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم للطاقة الشمسية في دبي الكلفةَ الأقل عالمياً لوحدةِ الإنتاج في 2019، والتي لم تتجاوز 1.7 سنت لكل كيلو وات في الساعة، وخلال 2020 سجل مشروع الطاقة الشمسية في منطقة الظفرة تكلفة انتاج اكثر انخفاضاً حيث لم تتجاوز 1.35 سنتاً لكل كيلو وات في الساعة.
مبادرة "شمس دبي"
واتخذت الإمارات مجموعة من الخطوات لإشراك المجتمع في إنتاج الطاقة من مصادر متجددة، حيث أطلقت هيئة كهرباء ومياه دبي مبادرة "شمس دبي" التي تهدف إلى تشجيع أصحاب المنازل والمباني على تركيب لوحات كهروضوئية، تنتج الكهرباء من الطاقة الشمسية، وربطها واستخدامها داخل المباني مع تحويل الفائض إلى شبكة.
وفي الإطار نفسه أعلنت وزارة الطاقة في نهاية عام 2016 عن قيامها، بالتعاون مع الهيئة الاتحادية للكهرباء والمياه، بإعداد قانون يسمح للسكان والمؤسسات والشركات الخاصة بإنتاج الكهرباء باستخدام الطاقة الشمسية عن طريق تركيب الألواح الكهروضوئية على اسطح المباني الخاصة بهم.وقد تزامن ذلك كله مع الاهتمام بصورة خاصة بتحسين إنتاج النفط والغاز، وبتعزيز كفاءة استخدام الطاقة وترشيد استهلاكها من خلال مجموعة متنوعة من التدابير كالتوعية وربط الاستهلاك بالآلية الاقتصادية /نظام الشرائح/ واستخدام الأدوات المرشدة لاستهلاك الطاقة في مختلف القطاعات.
تحلية المياه
وفي جهود تحلية المياه أعلنت شركة أبوظبي لطاقة المستقبل "مصدر" في شهر نوفمبر/تشرين الثاني 2015 رسمياً بدء المرحلة التشغيلية لمشروعها التجريبي لتحلية المياه بالاعتماد على الطاقة المتجددة بمنطقة "غنتوت" في أبوظبي، بطاقة إنتاجية تبلغ نحو 1500 متر مكعب من المياه يومياً، مع خفض كمية الطاقة بنسبة 40%.
تحويل النفايات
وطورت الإمارات منظومة متكاملة لمعالجة النفايات وتحويلها إلى طاقة، عبر إنشاء العديد من المحطات المتخصصة في هذا المجال، مثل مشروع مركز دبي لمعالجة النفايات في منطقة الورسان، الذي ستصل قدرته إلى معالجة 5,666 طناً من النفايات البلدية الصلبة التي تُنتِجها إمارة دبي يومياً وسيُحوَّل نحو 1.9 مليون طنٍ من النّفايات سنوياً إلى طاقة متجددة ستُغذي شبكة الكهرباء المحلية بنحو 200 ميجاوات من الطّاقة النظيفة.
بدورها تنفذ شركتي "مصدر" المتخصصة في الطاقة المتجددة، و"بيئة" ذات الخبرة في إدارة النفايات مشروعا لمعالجة ما يزيد عن 37.5 طن من النفايات في الساعة لتوليد 30 ميجاوات من الطاقة الكهربائية، كذلك تعمل وزارة التغير المناخي والبيئة على تشغيل محطة نموذجية لمعالجة النفايات البلدية الصلبة وإنتاج الوقود البديل منها بقدرة إنتاجية تصل إلى 300 ألف طن سنويا.ً
قد يهمك أيضــــــــــــــــًا :
دراسة علمية حديثة تربط التغير المناخي بظهور جائحة كورونا
العاهل السعودي يدعو للتصدي إلى التغير المناخي
أرسل تعليقك