شبح التصحر يهدد ما تبقى من أراضي العراق الزراعية ومواشيه
آخر تحديث GMT04:37:33
 العرب اليوم -

شبح التصحر يهدد ما تبقى من أراضي العراق الزراعية ومواشيه

 العرب اليوم -

 العرب اليوم - شبح التصحر يهدد ما تبقى من أراضي العراق الزراعية ومواشيه

الأراضي الزراعية
بغداد - العرب اليوم

كلّ عام، يزداد وقع التغير المناخي في موسم الصيف العراقي الحارّ على المزارعين ومربي المواشي الذين يجدون أنفسهم مرغمين على النزوح وبيع أراضيهم، بعدما نفق عدد كبير من مواشيهم وابتلعت المباني ما تبقى من أرض صالحة للزراعة.في هذا البلد ذي المناخ الصحراوي القاسي حتّى قبل التحولات المناخية الصعبة، شكّلت الأهوار في الجنوب ملاذاً لقطعان الجواميس التي تلجأ لمياهها العذبة احتماءً من درجات حرارة تفوق الخمسين في الصيف.وفي أقصى جنوب العراق، شكّل شطّ العرب، المنفذ الوحيد للعراق على البحر، جنّة للملاحين وسط بساتين النخيل العامرة.

بات الوضع شبه مأساوي اليوم، فقد تسبب شح المياه في نهري دجلة والفرات خصوصاً بسبب السدود التي تبنيها تركيا وإيران، وامتلاء مجاريهما بكمّ هائل من نفايات كلّ المدن التي يعبرانها، بكارثة في شطّ العرب حيث بدأت الملوحة تتسرّب إلى الأراضي الزراعية وتقتل المحاصيل، كما الحال مع إنتاج الفلاح رفيق توفيق.

ويشكو توفيق من البصرة في جنوب العراق بأن «كل ما نزرعه يموت، أشجار النخيل، البرسيم، وهي عادة نباتات تحتمل المياه المالحة، كلها تموت».

في الأعوام الماضية، تسببت ملوحة المياه بتحويل آلاف الهكتارات من الأراضي إلى أراضٍ بور، وبدخول مائة ألف شخص إلى المستشفيات في صيف عام 2018.

ويشرح المهندس الزراعي علاء البدران من هذه المحافظة النفطية بأنه «هذا العام، وللمرة الأولى منذ أبريل (نيسان) وبدء الموسم الزراعي، ارتفعت نسبة المياه المالحة».

وتعدّ ملوحة المياه، مرفقة بالارتفاع الشديد في درجات الحرارة، ضربة قاضية للقطاع الزراعي العراقي الذي يشكّل نسبة 5 في المائة من إجمالي الناتج الداخلي ويوظّف 20 في المائة من إجمالي اليد العاملة في البلاد.غير أنه قطاع ضعيف أصلاً، فهو لا يؤمن أكثر من نصف احتياجات البلاد الزراعية، فيما تغرق الأسواق بواردات زراعية ذات جودة أعلى.

وفي الإجمال، تضرّر «سبعة ملايين عراقي» من 40 مليوناً، من «الجفاف والنزوح الاضطراري»، وفق ما ذكر الرئيس العراقي برهم صالح في تقرير أصدره عن التغير المناخي.

في الجبايش في جنوب العراق، المنطقة الواقعة ضمن أهوار العراق والمشهورة تاريخياً بمسطحاتها المائية منذ أيام السومريين، ابتلي الفلاح علي جاسب بالترحال المستمر. عليه أن يقطع، كل موسم، مسافات هائلة ليؤمن لجواميسه البيئة الملائمة لإنتاج الحليب الذي يشكّل الدخل الوحيد لعائلته.

ويروي الرجل لوكالة الصحافة الفرنسية: «كل شهرين أو ثلاثة أشهر، علينا النزوح لنجد المياه»، مضيفاً: «إذا شربت الجواميس المياه المالحة، تتسمم، وتتوقف عن إنتاج الحليب ثمّ تنفق».

وأصبح جفاف الأنهر والأهوار واضحاً بالعين المجردة ويتسارع بشكل مطّرد في بلد شهد منذ 40 عاماً حروباً وأزمات متتالية أضرّت بشدّة بالبنى التحتية، فبات العراق يفتقر إلى مقومات التأقلم مع مناخ لا ينفكّ يزداد قساوة. وبحسب الأمم المتحدّة، فإنّ 3.5 في المائة من الأراضي الزراعية في العراق فقط مزوّدة بأنظمة ري
.

ويثير هذا الوضع قلق رعد حميد وهو أيضاً مربي ماشية.ويروي الرجل لوكالة الصحافة الفرنسية بينما يقف على أرض متصدّعة ومحترقة بفعل الشمس القوية: «قبل عشرة أيام فقط، كانت هذه الأرض موحلة، كانت هناك ماء وخَضار».

وليست هذه سوى البداية. ففي السنوات المقبلة، سوف تزداد تداعيات التغير المناخي حدّة، كما كتب الرئيس العراقي: «مع وجود أعلى معدلات التزايد السكاني في العراق، تُفيد البيانات بأن عدد سكان البلد سيتضاعف من 38 مليوناً اليوم إلى 80 مليوناً بحلول عام 2050. وهذا يُضاعف المخاطر الاقتصادية والاجتماعية لتغير المناخ إذا تُركت من دون معالجة».

يضاف ذلك إلى ارتفاع درجات الحرارة درجتين وانخفاض المتساقطات بنسبة 9 في المائة بحلول عام 2050، وفق صالح.في منطقة خانقين في شرق العراق المحاذي لإيران، يتحسّر المزارع عبد الرزاق قادر البالغ من العمر 45 عاماً على أرضه ومحاصيله.ويقول لوكالة الصحافة الفرنسية: «أربع سنوات مرت من دون مطر» على حقله للحنطة الممتد على مساحة 38 هكتاراً.

ويفكّر عبد الرزاق جدياً بالتخلي عن الزراعة والعمل كعامل بناء، كما فعلت غالبية فلاحي منطقته الذين هجروا حقولهم لسوء الأوضاع وغيّروا مهنتهم.

وطال التصحر «نسبة 69 في المائة من أراضي العراق الزراعية»، وفق ما يقول مدير قسم التخطيط في دائرة الغابات ومكافحة التصحر المهندس الزراعي سرمد كامل لوكالة الصحافة الفرنسية.

وإزاء اجتياح الجفاف والتصحر والتزايد المطّرد في أعداد السكان، الأرض الزراعية هي الضحية الأكبر.ويشرح الاقتصادي أحمد صدام لوكالة الصحافة الفرنسية: «من جهة، يزداد الطلب على السكن، أما الزراعة، فلم تعد تنتج مدخولاً كبيراً».

في محافظة البصرة حيث يقطن، أصبحت أسعار الأراضي تصل إلى «ما بين 20 و120 مليون دينار» أي نحو 27 ألفاً إلى 82 ألف دولار أميركي.

بالنسبة للمزارعين، تلك «مبالغ هائلة لم يربحوا مثلها قط، ولذلك قاموا ببيع أراضيهم»، وفق الخبير، مضيفاً أنه بفعل ذلك، «تتحول 10 في المائة من الأراضي الزراعية كل عام إلى أحياء سكنية».ومن شأن تلك الظاهرة أن تسرّع منفى أهل الريف العراقي في بلدهم بفعل الاضطرابات في التوازن الاقتصادي والاجتماعي والمناخي.

قد يهمك أيضــــــــــــــــًا :

الإمارات تقدم طلبا لاستضافة الدورة 28 لمؤتمر بشأن تغير المناخ

تغير المناخ قد يؤدي إلى تفاقم مشكلة النفايات الفضائية ويجعلها أسوأ

arabstoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

شبح التصحر يهدد ما تبقى من أراضي العراق الزراعية ومواشيه شبح التصحر يهدد ما تبقى من أراضي العراق الزراعية ومواشيه



إطلالات الأميرة رجوة الحسين تجمع بين الفخامة والحداثة بأسلوب فريد

عمّان ـ العرب اليوم

GMT 10:19 2024 الأحد ,01 كانون الأول / ديسمبر

يسرا تتفرغ للسينما بعد خروجها من دراما رمضان
 العرب اليوم - يسرا تتفرغ للسينما بعد خروجها من دراما رمضان

GMT 01:25 2024 الأحد ,01 كانون الأول / ديسمبر

الأوركسترا التنموية و«مترو الرياض»

GMT 06:28 2024 الأحد ,01 كانون الأول / ديسمبر

السجائر الالكترونية قد تحمل مخاطر صحية غير معروفة

GMT 00:18 2024 الأحد ,01 كانون الأول / ديسمبر

قصة غروب إمبراطوريات كرة القدم

GMT 00:08 2024 الأحد ,01 كانون الأول / ديسمبر

تحذير من عقار لعلاج الربو يؤثر على الدماغ

GMT 00:08 2024 الأحد ,01 كانون الأول / ديسمبر

ماذا يحدث فى حلب؟

GMT 01:36 2024 الأحد ,01 كانون الأول / ديسمبر

عودة ظاهرة الأوفر برايس إلى سوق السيارات المصري

GMT 12:03 2024 الأحد ,01 كانون الأول / ديسمبر

بدء أعمال القمة الخليجية الـ 45 في الكويت

GMT 02:12 2024 الأحد ,01 كانون الأول / ديسمبر

السفارة الروسية في دمشق تصدر بيانًا هامًا

GMT 00:03 2024 الأحد ,01 كانون الأول / ديسمبر

مي عمر أفضل ممثلة في "ملتقى الإبداع العربي"
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab