لندن ـ كاتيا حداد
اكتشفت بعثة بقيادة بريطانية قطعا كبيرة من البوليسترين مستلقية على الجليد البعيد في وسط المحيط المتجمد الشمالي.
ويُعد الاكتشاف المُحزن، الذي وُجد على بعد 1000 ميل فقط من القطب الشمالي، هو الأول في منطقة كان في السابق لا يمكن للعلماء الوصول إليها بسبب الجليد البحري، وهي واحدة من أكثر المشاهدات لهذه المخلفات في محيطات العالم، والتي تلوث بشكل متزايد من قبل البلاستيك.
وقال فريق من العلماء من بريطانيا والولايات المتحدة والنرويج وهونج كونج برئاسة عالم الأحياء البحرية تيم جوردون من جامعة اكستر إنَّ الاكتشاف أكد مدى انتشار التلوث البلاستيكي. وقد دفعت المخاوف من تدفق النفايات البلاستيكية إلى القطب الشمالي حيث يذوب الجليد بسبب تغير المناخ، فذوبان الجليد يطلق البلاستيك الذي كان محاصرًا في الجليد.
وفاجأ العلماء الذين كانوا على متن الطائرة الاستكشافية التي كانت تُبحر إلى القطب الشمالي لاكتشاف كتل البوليسترين التي تبعد مئات الأميال عن الأرض في المناطق التي كانت تغطي حتى وقت قريب بالجليد على مدار السنة. ووجدوا قطعتين كبيرتين على حافة الجليد الذي يتراوح درجته بين 77 درجة و80 درجة شمالا، في وسط المياه الدولية للمحيط المتجمد الشمالي.
وقال هادو، وهو الشخص الوحيد الذي سافر منفردًا، دون إعادة تموين، من كندا إلى القطب الشمالي الجغرافي: "على مدى 25 عامًا، كنت أكتشف القطب الشمالي، ولم أر قط مثل هذه المواد الكبيرة والواضحة من القمامة. كانت كتل البوليسترين مجرد توجد فقط في قمة الجليد".
وقال جوردون إن "العثور على قطع من القمامة مثل ذلك هو علامة مثيرة للقلق بأن ذوبان الجليد قد يسمح بانتقال مستويات عالية من التلوث إلى هذه المناطق، وهذا أمر يُحتمل أن يكون خطرًا جدًا على الحياة البرية في القطب الشمالي".
وأبحرت الحملة الرائدة باستخدام اثنين من اليخوت، في المياه الدولية للمحيط المتجمد الشمالي وذلك أبعد من أي محاولة ملاحة سابقة، وارتفعت معدلات ذوبان الجليد بشكل كبير بسبب تغير المناخ، مع نسبة ذوبان 40٪ من المحيط المتجمد الشمالي في القطب الشمالي الآن.
وتشير التقديرات إلى أنّ هناك أكثر من 5 تريليونات قطعة من البلاستيك العائمة على سطح محيطات العالم، وادعى أن هناك الآن ما يكفي من البلاستيك لتشكيل طبقة دائمة في السجل الأحفوري. وحذر الدكتور سيرى لويس المستشار العلمي للبعثة التابعة جامعة إكستر سابقا من إن الناس ينتجون حوالي 300 مليون طن من البلاستيك سنويًا، وهو نفس الوزن تقريبا لجميع البشر على هذا الكوكب، ويتم استخدام حوالي نصف كل من البلاستيك المنتجة مرة واحدة ثم يُلقي.
وهناك قلق كبير من أن القطع البلاستيكية الكبيرة يمكن أن تتحلل إلى "لدائن دقيقة"، وهي جسيمات صغيرة تُستهلك بطريق الخطأ من قبل الحيوانات. وتبقى الجسيمات في أجسام الحيوانات وتنتقل إلى السلسلة الغذائية وتهدد الحياة البرية على جميع المستويات. وفي محاولة لقياس وجود اللدائن الدقيقة في المياه القطبية الشمالية، يعتزم العلماء اختبار عينات من مياه البحر التي جمعوها.
وقال لويس إن "العديد من الأنهار التي غالبا ما تكون مصدرا للتلوث تصل إلى المحيط المتجمد الشمالي، ولكن التلوث البلاستيكي محاصرا حرفيا في الجليد. والآن الجليد يذوب ونحن نعتقد بأنه يتم إطلاق البلاستيك العضوي في القطب الشمالي".
وتشير بعض التوقعات إلى أن المحيط القطبي الشمالي بأكمله سيكون خاليا من الجليد في الصيف بحلول عام 2050، وهذا سيسمح بالاستغلال البشري للمياه المفتوحة حديثا ويعرض مجموعة من الأخطار الجديدة التي تهدد الحياة البرية في القطب الشمالي.
وقال جوردون: "إنَّ الحياة البرية للمحيط المتجمد الشمالي كانت محمية بطبقة من الجليد البحري على مدار السنة. والآن هذا هو تأثير الذوبان، وسوف تتعرض هذه البيئة للصيد التجاري، والشحن والصناعة لأول مرة في التاريخ. نحن بحاجة إلى النظر بجدية في أفضل السبل لحماية حيوانات القطب الشمالي من هذه التهديدات الجديدة. وبقيامنا بذلك، سنمنحهم فرصة قتالية للتكيف مع التغيرات".
ويقوم الفريق أيضًا بالتحقيق في تأثير التلوث الناجم عن الإنسان على الحياة البحرية في القطب الشمالي والثدييات، وذلك باستخدام مكبرات الصوت تحت الماء والميكروفونات لفهم كيفية انتقال الصوت عبر البحار القطبية، وكيف يمكن أن يتأثر ذلك بفقدان الجليد.
أرسل تعليقك