أم زينة تغادر الطب بعد غياب زوجها إلى مهنة احتكرها الرجل
آخر تحديث GMT13:20:36
 العرب اليوم -

عراقيات يكسرن قيود العمل وينخرطن في مهن "صعبة"

أم زينة تغادر الطب بعد غياب زوجها إلى مهنة احتكرها الرجل

 العرب اليوم -

 العرب اليوم - أم زينة تغادر الطب بعد غياب زوجها إلى مهنة احتكرها الرجل

"أم علي" ورافدة شاكر
بغداد – نجلاء الطائي

تعمل كثير من العراقيات في مهن صعبة كاسرات بذلك قيود المجتمع، ومحققات نجاحات في المجالات التي يعملن فيها، فمن قيادة سيارات الأجرة إلى العمل في محطات الوقود وإدارة المتاجر وبيع الخضار وغيرها من المهن التي كانت حكرا على الرجال.

لم تكن مشاهدة نساء يقدن سيارات أجرة أمرًا مألوفا في شوارع بغداد قبل سنوات، حيث شاءت المصادفة أن ألتقيها أثناء مروري في أشهر وأكثر ساحات العاصمة بغداد ازدحامًا (ساحة باب المعظم ) حين لفتت انتباهي امرأة متوسطة العمر وهي تقود سيارة أجره لنقل الركاب نوع (كيا)، فأسرعت الخطى من أجل أن اقترب منها أثناء توقفها لإنزال من كانت تقلهم من الركاب، قالت: "طالما أجابت عن هذا سؤال لماذا أعمل وأنا امرأة مرات عديدة ولم يتغير جوابي أكثر من أن للضرورة أحكام"، ورافدة شاكر (أم زينة) امرأة عراقية من بين عشرات بل مئات النساء اللائي أجبرتهن ظروف الحياة القاهرة على العمل بشرف في شتى المجالات لدرء عوز الحاجة والفاقة عن أسرهم وعوائلهم بعد فقدهم آبائهم وأزواجهم بعد فقدها لزوجها وعشرة آخرين من اهلها وعائلتها خلال الأحداث الطائفية المقيتة التي شهدتها بغداد ومعظم المدن العراقية في السنوات الماضية التي أعيتها السبل.

وأوضحت أنها فشلت في أن تجد عملًا شريًفا عله يكون حلا تبعد به شبح الحاجة والعوز عنها وعن اسرتها وعيالها، فما كان ذلك إلا من خلال قيامها بالعمل على سيارة (كيا) لنقل الركاب بعد ان اتقنت تعلمها السياقة على يد زوجها الراحل، مضيفة: "لم أجد أمامي خيارا وأنا التقي هذه المرأة الا ان ادع تساؤلاتي عن أحوالها وحكايتها تنساب بهدوء وانبهار الواحدة تلو الأخرى أمام ذلك الإصرار المهيب الذي تحمله بانتزاع فرص الحياة بقوة شكيمة تفوق كونها ذلك الكائن الضعيف الذي طالما منحنا سر الحياة وسر البقاء حينما سألتها ان تحدثني عن عملها وحكايتها علت وجهها ابتسامة شفيفة تخفي خلفها رحلة تعب يومي مضن لساعات طويلة من عمل شاق"

تابعت: "شاء القدر أن أفقد زوجي وعددًا من أفراد عائلتي نتيجة أعمال العنف الطائفية فأصبحت المعيل الوحيد إلى بناتي وأبنائي الثمانية الذين أغلبهم من التوائم ويحق لي الفخر والاعتزاز لانني استطعت أن أوصل اثنتين من بناتي إلى المرحلة الجامعية ورفضت العديد من طلبات الزواج ثانية إكراماً لأبنائي ولذكرى والدهم الراحل".

وأشارت إلى أنه قد لا يُصدق أني طالبة في المرحلة الثانية في كلية الطب وقد أجلت دراستي إلى ثلاث سنوات لأتمكن من إعالة عائلتي وتحملي المسؤولية بعد وفاة زوجي فضلا عن عملي في مهن عديدة قبل السياقة ومنها خياطة الملابس وبيع الخضراوات ولكن صعوبة المعيشة؛ وارتفاع الإيجار قد وضعني أمام خيار العمل كسائقة بعد أن خذلني جميع الذين ائتمنتهم بالعمل على السيارة الوحيدة التي نملكها والتي اشتريتها بالإقساط بمعاونة أهلي وبعض معارفي .

جدير بالذكر أن أم زينة اكتسبت خبرة ومهارة عالية وجيدة في تصليح العطلات الطارئة والمفاجئة التي تحصل في سيارتها ويسارع الجميع إلى إبداء المساعدة، خاصة رجال المرور والحرس الوطني وطالما ينادونها كما تقول: (أهلاً بالبطلة والمجاهدة ) والبعض الآخر ينادونها (بالعلم) ويحرصون على السماح لها بالتوقف لنقل الركاب من الشارع مباشرة من دون الذهاب الى "الكراج" الخاص في خطوط النقل الداخلي أي بطريقة (الجابك) ولعل من بين المواقف النبيلة والمشرفة التي قامت بها ام زينة والتي تستحق الذكر والثناء قيامها بنقل العديد من الجرحى في التفجيرات الإجرامية التي حصلت سابقا قرب مبنى وزارة الخارجية ومتنزه الزوراء على الرغم من إصابتها هي أيضاً لمرورها بالقرب من مكان الحادث الى جانب تذكرها للعديد من المواقف والحكايات التي لا تخلو من الإحراج والطرافة.

بينما "أم علي" تجاوزت الأربعين وهي تقوم بإصلاح عطلات سيارتها بنفسها، وتروي (ام علي) التي تحملت هي الأخرى مسؤولية إعالة أسرة كبيرة قوامها أربع بنات شابات وولد معاق بعد وفاة زوجها في أواسط التسعينيات من دون ان تتمكن من الحصول على راتب تقاعدي بعد توقفها عن العمل عقب أحداث نيسان/أبريل 2003 كونها كانت تعمل في إحدى دوائر الدولة ولديها خدمة وظيفية تجاوزت الـ(25) عامًا وبعد ان أتعبها كما تقول: "روتين المراجعات قررت ترك الامر للظروف والمستقبل".

وألمحت إلى أنها تعلمت مهنة السياقة منذ سنوات طوال وذلك خلال عملها قبل الحرب في إحدى دوائر الدولة، إضافة الى كون أغلب أشقائها وأقربائها يمتهنون "السياقة" مما شجعني لكسب المزيد من الثقة والخبرة في هذا المجال حيث استفدت من ذلك حين اتخذت من السياقة مهنة اعتاش منها وخاصة بعد أحداث عام 2003 واستمر الأمر حتى الآن، وأنا وعائلتي وجميع معارفي فخورون بذلك، وهم الذين شجعوني وساعدوني على شراء هذه السيارة (بالأقساط) للعمل فيها في شوارع بغداد ومناطقها أسوة ببقية سواق سيارات الأجرة، مضيفة: "لقد حاولت كثيرا للحصول على مثل هذه الفرصة ولكن وللأسف الشديد لم افلح في ذلك وأملي هنا ومن خلال مجلتكم ان احصل على ذلك وسأكون سعيدة ان تحقق هذا الأمر لي، ويبدأ عملي اليومي من الساعة السادسة صباحا وحتى وقت الظهيرة لأعود الى عيالي وبيتي، كوني ما زلت لحد الآن اسكن مع أهلي لعدم مقدرتي وتمكني من شراء دار مستقلة لعائلتي حتى الآن لأداء الصلاة وتناول طعام الغداء مع أولادي ثم أعود ثانية الى الشارع لمواصلة العمل حتى مغيب الشمس وهكذا الحال في بقية الأيام".

arabstoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

أم زينة تغادر الطب بعد غياب زوجها إلى مهنة احتكرها الرجل أم زينة تغادر الطب بعد غياب زوجها إلى مهنة احتكرها الرجل



اختيارات النجمات العرب لأجمل التصاميم من نيكولا جبران

بيروت ـ العرب اليوم

GMT 11:26 2024 السبت ,18 أيار / مايو

استلهمي ألوان واجهة منزلك من مدينة كانّ
 العرب اليوم - استلهمي ألوان واجهة منزلك من مدينة كانّ

GMT 14:34 2024 الخميس ,16 أيار / مايو

وفاة مطرب سوري وضاح إسماعيل بعد صراع مع مرض

GMT 03:05 2024 الجمعة ,17 أيار / مايو

هزة أرضية تضرب ولاية البويرة في الجزائر
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab