تحظى ليندا ياكارينو، مديرة مبيعات الإعلانات السابقة، بشهرة واحترام على نطاق واسع في مجالها، لكن هل يكفي هذا لتتولى إدارة تويتر؟
لماذا قد يرغب شخص ما بترك وظيفة رائعة مثل رئيس قسم الدعاية والإعلان في واحدة من أكبر الشركات الإعلامية في أميركا، ويستبدلها بقيادة منصة تويتر للتواصل الاجتماعي، ذات السجل المتأرجح ومالكها الزئبقي سيئ السمعة؟
لدى لو باسكاليس المخضرم في مجال التسويق، والذي يعرف ليندا ياكارينو منذ أكثر من عقدين من الزمن نظرية لتفسير ذلك. "إنها حقاً تحب أن تكون امرأة خارقة"، واصفاً إياها بأنها شرسة وداهية وطموحة، واغتنمت الفرصة عندما واتتها وتقدمت قائلة: يمكنني إصلاحها"، رداً على سؤال: هل تستطيع القيام بذلك؟
وبحسب تقرير لـ"بي بي سي" حتى قبل استحواذ إيلون ماسك العام الماضي، على تويتر، واجهت الشبكة الاجتماعية بعض المشاكل.
لقد تعرضت المنصة لانتقادات شديدة من قبل اليسار واليمين، بسبب طريقة تعاملها مع المعلومات المضللة وخطاب الكراهية، وكافحت الشركة لسد نفقاتها، حيث حققت أرباحاً سنوية مرتين فقط منذ إطلاقها في عام 2006.
كان طريق النمو وعراً، سواء تم قياسه من خلال المستخدمين أو الأموال التي تربحها. منذ أن تولى ماسك المنصة العام الماضي، ازدادت المشكلات سوءاً.
لقد أقال 75 في المئة من موظفيه السابقين، بما في ذلك الفرق المكلفة بتتبع خطاب الكراهية وغير طريقة التحقق من صحة حسابات المشتركين؛ كما أثارت تغريداته نفسها الجدل بسبب نشره نظريات المؤامرة.
لقد غادر المعلنون المنصة بأعداد كبيرة ويبدو أن المستخدمين متشككون أيضاً.
أظهر استطلاع حديث أجراه مركز Pew أن ستة من كل عشرة بالغين في الولايات المتحدة - أكبر جمهور لتويتر - أخذوا استراحة من المنصة، وقال ربعهم إنهم لا يتوقعون استخدام المنصة ثانية في غضون عام.
وحتى ماسك بدا مرعوبا من التحديات التي واجهها، من خلال عملية شرائه للمنصة بقيمة 44 مليار دولار، العام الماضي عندما واجهته تهديدات برفع دعوى قضائية ضده في حال تراجعه عن إتمام صفقة الشراء. وقال ممازحاً إن "أحمق" فقط يمكن أن يطلب منه تولي منصب الرئيس التنفيذي.
وهنا جاء دور ليندا ياكارينو، وهي مواطنة من نيويورك وتبلغ من العمر 60 عاماً، وتحمل شهادة في الاتصالات السلكية واللاسلكية من ولاية بنسلفانيا.
نشأت في عائلة إيطالية أميركية، وهي ابنة ضابط شرطة، ارتقت السلم الوظيفي في بعض أكبر شركات الإعلام في الولايات المتحدة، واكتسبت سمعة باعتبارها مديرة تنفيذية مرموقة ساعدت في توجيه عملاق الترفيه "إن بي سي العالمية" خلال الاضطرابات التي ترافقت مع نمو عمالقة التكنولوجيا.
في إن بي سي العالمية التي تضم علامات تجارية مثل NBC News و Focus Features و Bravo ، قامت ياكارينو بإصلاح قسم مبيعات الإعلانات وحثت على إطلاق منصة البث المدعومة بالإعلانات Peacock في عام 2020 ، وقادت مناقشات على مستوى الصناعة حول فجوات البيانات مع هجرة الجماهير إلى عالم الإنترنت .
تزوجت ياكارينو من كلود مادرازو بعد لقاء غرامي، ولديها ابن وابنة، كما أصبحت العام الماضي جدة أيضاً. يشاع أن ياكارينو ، تبحث عن نوع من الترقية بعد عقد من العمل في إن بي سي العالمية، حيث كانت رئيسة الإعلانات والشراكات العالمية.
كانت هناك تكهنات واسعة النطاق حول اهتمامها بتويتر، خاصة بعد أن دافعت عن ماسك في مؤتمر العام الماضي، وحثت المعلنين الناقدين على "إعطاء الرجل فرصة".
وكتبت على تويتر بعد الإعلان عن توليها المنصب الجديد مخاطبة ماسك: "لطالما ألهمتني رؤيتك لخلق مستقبل أكثر إشراقاً، أنا متحمسة للمساعدة في تطبيق هذه الرؤية في تويتر وتطويرها معًا".
ومن خلال تعيين ياكارينو، حصل ماسك على "الثقة" من المعلنين كما يقول باسكاليس، الرئيس التنفيذي لشركة AJL الاستشارية.
في الواقع ، قالت شركة GroupM العملاقة في الصناعة، التي تمثل علامات تجارية مثل كوكاكولا ونستله، إنها ترى بالفعل المنصة أقل خطورة. لكن إصلاح تويتر لن يكون بالمهمة اليسيرة.
وعلى الرغم من أن كبار مشتري الإعلانات حريصون على الحصول على خيارات تتجاوز عمالقة التكنولوجيا، إلا أن المنصة لا تزال صغيرة جداً ولا تمثل أولوية كبيرة لديهم، كما يقول المحلل الإعلامي منذ فترة طويلة برايان وايزر ، المدير الآن في شركة الاستشارات Madison and Wall.
بالإضافة إلى الإعلانات، ستواجه ليندا أيضاً مجموعة من المشكلات الملحة: التدقيق في خطاب الكراهية على تويتر وضوابط الخصوصية؛ دعاوى قضائية من الملاّك والبائعين والموظفين السابقين على تويتر بسبب فواتير غير مدفوعة؛ ناهيك عن شكاوى المستخدمين ومواطن الخلل التقنية الأساسية، مثل الأعطال التي شابت المقابلة رفيعة المستوى مع المرشح الرئاسي الجمهوري رون ديسانتيس التي استضافتها المنصة.
وتبقى المسألة الأكثر أهمية بالطبع هي إيلون ماسك ذاته حيث قال إنه يعتزم البقاء منخرطاً في الموقع، ليشرف على المنتجات والتكنولوجيا.
يقول ويزر: "أي شخص يتولى هذه الوظيفة، يكون كمن تم تجهيزه ليفشل، الكلام ليس تحديداً عن ليندا".
"السؤال هو ما إذا كان من المرجح أن تكون الاحتمالات لصالحها أكثر من أي بديل آخر. نعم، في الواقع، الاحتمالات هي لصالحها".
يقول الأصدقاء والزملاء السابقون إنهم يتوقعون أن تستخدم ياكارينو خبرتها في التلفزيون لتحسين الأعمال الإعلانية للمنصة وتوسيع استخدام الفيديو عبر الموقع.
وقد وصفت رؤية ماسك لتويتر كنقطة انطلاق لـ "تطبيق كل شيء"، حيث تقدم الرسائل والمدفوعات والوظائف الأخرى "فرصة عظيمة" للمعلنين.
تقول جاكلين كوربيلي، المؤسسة والرئيسة التنفيذي لشركة Brightline ، وهي شركة تكنولوجية تركز على بث الإعلانات عبر الإنترنت، ودخلت في شراكة مع إن بي سي العالمية: "لديها الحس العالي والشجاعة لإحداث تغيرات كبيرة".
"إذا منحتها تويتر مساحة للقيام بذلك، فستجلب لها القدرة على دمج ما كان ناجحاً في الماضي مع ما يبحث عنه المعلنون لاستعادة الثقة في تويتر".
وتظل مسألة ما إذا كانت ياكارينو تتمتع بالقدرة على المواكبة أم لا أمراً بالغ الأهمية.
وقد أشار بعض المراقبين بالفعل إلى أنها مستعدة لمواجهة "المنحدر الزجاجي" - وهي ظاهرة لا تصل فيها النساء إلى مناصب السلطة إلا في أكثر اللحظات خطورة.
قالت ياكارينو على تويتر مؤخراً ، رداً على هذا التحليل: "سأكون واضحة تماماً، كشخص اعتاد على ارتداء الكعب العالي، لن أهتز في مواجهة العواصف".
وفي مؤتمر خاص بهذا المجال، وقبل تعيينها في تويتر، ضغطت ياكارينو التي وُصفت سياستها بأنها محافظة ولكنها ليست أيديولوجية، على ماسك لتوضيح ما تعنيه "حرية التعبير ، وليس حرية الوصول" على تويتر وكيف تختلف عن القواعد المعمول بها في الشركات الأخرى.
كما سألت ماسك عما إذا كان سيحد من تغريداته، لكنها حصلت على القليل من الالتزام الصارم، على الأقل علناً، رداً على ذلك. وقال ماسك لشبكة CNBC مؤخراً: "سأقول ما أريده حتى لو كلفني ذلك المال".
يقول الأصدقاء إن ياكارينو، التي تعتمد استراتيجية "الصبر والنبيذ" للتعامل مع الزملاء الصعاب - تتولى دورها الجديد وهي مدركة للمخاطر.
"ليندا ليست خائفة" كما تقول شيلي زاليس، الرئيسة التنفيذية لـ Female Quotient ، التي تعمل على النهوض بالمرأة في مكان العمل، وتصفها ليندا بأنها "الأخت الروحية".
"ليندا شرسة وشجاعة و تبحث عن الحلول، إنها حقاً ستحسن من هذه الصناعة وتدفع بها إلى التقدم نحو الأمام".
وقد يهمك ايضا:
تحديات تعليم الفتيات يتصدر اهتمامات الناشطة الباكستانية ملالا يوسف زاي في إثيوبيا"
العلوم الروسية" تُرشح لبنانيًا لجائزة نوبل للسلام
أرسل تعليقك