القاهرة - محمد الدوي
قام ثلاثة طلاب من الجامعة الأميركية في القاهرة بإجراء أبحاث مهمة في مجال بصريات النانو تضاهي أبحاث الخريجين، كما تَقدَّم الطلاب بطلبات للحصول على براءات اختراع، وتمكَّنُوا من نشر مقالاتهم في المجلات العلمية، ويُصمِّم الطلاب أجهزة في حجم النانو ميتر لأغراض الطب الحيويّ واستخدام الضوء، ويعمل الطلاب محمود الدسوقي، ومصطفى هنداوي، وعبد الإله عزازي تحت توجيه وإرشاد أستاذ الفيزياء في الجامعة دكتور محمد سويلم، في مشروعين لاستغلال طاقاتهم وخلفيتهم الدراسية.
وصمم عزازي، طالب في قسم الفيزياء في الجامعة الأميركية في القاهرة ومتخصص فرعيًا في الكمبيوتر، أجهزة مبتكرة في حجم النانو خاصة بالروابط الضوئية، والتي تسمح للضوء بالمرور بين الرقائق والحلقات الموجودة في اللوحة الأم (motherboard)، أو اللوحة الرئيسية في أجهزة الكمبيوتر، لتزيد من سرعة هذه الأجهزة وتقلل تكلفتها. يُعَد هذا الجهاز من أصغر الأجهزة التي تم تصميمها على الإطلاق، بمقياس 500 x 500 نانو متر، وسيتم إرسال التصميم إلى جامعة يابانية لكي يتم تصنيعه، ثم يُعاد إلى مصر مرة أخرى لاختباره.
ويوضِّح عزازي، الذي سيُعرض عمله على 20,000 خبير في هذا المجال ضمن فعاليات مؤتمر "Photonics West" الدولي في مدينة سان فرانسيسكو في شباط/ فبراير المقبل، "تحتوي اللوحات الأم على أنظمة عدة، حيث تتصل المكونات الخاصة بتلك الأنظمة من خلال إشارات كهربائية تبطّئ من سرعة عمل الكمبيوتر. ومن خلال استخدام الروابط الضوئية، سيتم وضع أجهزة صغيرة الحجم فوق الرقائق الموجودة باللوحة الأم لإتاحة إرسال واستقبال العديد من أطوال الموجات الضوئية على ترددات عدّة. يُعَد الضوء حلاً جيدًا لزيادة سرعة أداء أجهزة الكمبيوتر من دون السماح بالتداخل بين أنظمة الكمبيوتر الداخلية. سيقدم هذا الجهاز الصغير استجابة دقيقة وسريعة للغاية."
ويؤكِّد سويلم "من الطبيعي أن يقوم طلاب الدراسات العليا بعمل أبحاث وأن ينشروا مقالاتهم فى الدوريات العلمية المختلفة، ولكن ليس من المعتاد أن يقوم بذلك طلاب الجامعة. وأنا أرى أن الطالب لا يمكن أن يعلم إن كان في استطاعته أن يصبح عالمًا أو مهندسًا بارزًا حتى يحاول بنفسه، ومن ثم فإن طالب الجامعة لديه الفرصة لاكتشاف مهاراته وقدراته، وأن يتعرّف بشكل أفضل على ما يحب القيام به وما يثير اهتمامه. وتوفر الجامعة الأميركية مناخًا مناسبًا للطلبة للتعرف على الجديد في مجالهم، وتُمكّنهم من الاطلاع على الأبحاث العلمية المتاحة".
ويدرس الدسوقي في قسم الأحياء، وتخصص فرعيًا في الفيزياء، والرياضيات، والكيمياء، أما هنداوي، فيدرس هندسة الإلكترونيات، ومتخصص فرعيًا في الفيزياء.
ويعمل الدسوقي وهنداوي معًا على تصميم عدسات فائقة تتميز بقوى تركيز هائلة لتصوير الأنسجة، بالإضافة إلى ملقاط ضوئي في حجم النانو يبث ضوءًا تتبعه الجزيئات ليتم التحكم في مسارها.
وتُعَد العدسات الفائقة عدسات ذات إمكانات عالية في التصوير، حيث تتمكن من رؤية الجزيئات المتناهية الصغر والتي يصعب رؤيتها بالمجهر المعتاد. يوضح الدسوقي "يمكنك رؤية البكتريا بالمجهر داخل أي معمل، لكن لا يمكنك أن ترى ما في داخلها من دون استخدام جهاز مثل المجهر الإلكتروني، الذي يبلغ حجمه حجم غرفة. أما مع العدسات الفائقة، التي يبلغ طولها ميكرومترات عدة، فيمكنك رؤية ما يوجد داخل البكتريا باستخدام أطوال الموجات أو الضوء العادي، من دون اللجوء إلى المجهر الإلكتروني. بمعنى آخر، نستخدم مجهر ضوئي بدلاً من المجهر المعتاد، مما يؤدي إلى خفض كل من تكلفة الأبحاث وحجم الأجهزة المستخدمة."
بالإضافة إلى ذلك، يوضِّح سويلم أن استخدام العدسات الفائقة أو عدسات عادية بإمكانات عالية يقلل من احتمالات حدوث تلف في الأنسجة التي عادة ما يصعب رؤيتها، وهو ما قد يحدث عند استخدام المجهر الإلكتروني.
ويمكن أيضًا استخدام العدسات الفائقة "كملاقط بصرية" لحصر الجزيئات الحيوية والتحكم فيها."
ويعمل مؤلف الكتاب الذي صدر أخيرًا بعنوان "Photonics Optimization" سويلم، والذي يتحدث عن أساليب جديدة للاستخدام الأمثل للضويئات، مع الدسوقي لتصميم عدسات ذات خصائص تصويرية جديدة، وبالتالي تحقق أقصى استخدام لإمكاناتها. وقد تمت الموافقة على حصول التصميم على براءة اختراع من قبل مكتب براءات الاختراع في الولايات المتحدة. ويؤكِّد سويلم "هناك آخرون يحاولون تنفيذ تصميمات مماثلة، ولكن بصورة أكثر تعقيدًا. إلا أن تصميمنا هو الأكثر بساطة".
ويوضح سويلم، الذي يُدرِّس مادة عن الموجات والبصريات لطلاب الجامعة، "مع الإنجازات الجديدة في مجال تكنولوجيا النانو، سنتمكن من التغلب على الحدود التقليدية للبصريات والحصول على وظائف غير مسبوقة لها. يشعر طلاب الجامعة بالحماس لتعلمهم هذه الفيزياء الجديدة، والتي تفتح الباب أمام الكثير من التطبيقات المبتكرة. أعمل على تبسيط هذه المفاهيم الجديدة أثناء شرحي للمادة العلمية لكي يتوق الطلاب لتعلم المزيد عن تلك المفاهيم والتطبيقات."
ويحلم الطلاب بتحقيق الإنجازات والابتكارات في مجالاتهم.
ويأمل عزازي أن يحدث ثورة في عالم تكنولوجيا الإنترنت والكمبيوتر باستخدام جهازه الجديد.
ويؤكِّد عزازي "إذا تمكنا من تطوير هذه التكنولوجيا، فإننا سنتمكن من استخدامها في النقل الضوئي للمعلومات على الشرائح، مما سيوفر وسيلة أسرع لنقل المعلومات، وسيكون هذا في المستقبل البعيد، لكننا سنتمكن من تحقيقه.
أرسل تعليقك