نشرت صحيفة بريطانية قصة لاجئ سوري في ألمانيا يُدعى أحمد، والذي حاول الانتحار، فلم يجد من يساعده سوى معلمه دانيال ونش، 52 عامًا ، وهو مدرس في لويس ليبولكس، الذي هبّ لمساعدة الصبي.
ونقل ونش الصبي إلى المستشفى فور تلقيه المكالمة ثم منحه غرفة في منزله للعناية به، وقال عنه: "أحمد شاب يعمل بجد ليصبح ممرضًا، وقد عانى من الأرق لمدة أسابيع لذا أنا قلق عليه. إنه فتى ودود ومجتهد في واجباته المنزلية ويعمل بشكل جيد في الفريق، لكنه كان يخشى أن تعتقله الشرطة".
وقد استوعب هذا الفصل الدراسي في المدرسة 60 طفلًا لاجئًا، وكثير منهم، مثل أحمد، فروا من أماكن مثل سوريا وأفغانستان وأفريقيا، وعند وصول اللاجئين يحضرون دروس الترحيب، حيث يتعلمون اللغة الألمانية وكيفية التكيف مع الحياة العملية مثل كيفية استخدام الترام أو شراء المواد الغذائية من السوبر ماركت. وبعد عام، جمع الطالب أحمد بين دروسه في المدرسة والتدريب المهني، هذا يعني العمل مع الممرضات في المستشفى المحلي.
ومن المتوقع أن تستقبل ألمانيا 1.5 مليون من طالبي اللجوء هذا العام، وفقًا للتقديرات، كما سيتقدم 325 ألف طالب على الأقل للمدارس عبر الدولة، لكن الانتقال من مناطق الصراع إلى ألمانيا لا تسير في خط مستقيم، إذ يقول ونش إن تلامذته أذكياء وطيبون، لكن العديد منهم يعيش وحيدًا نظرًا لتوفي والديهم، والبعض منهم مريضًا وعدد كبير جدًا يعيشون مع الكثير من الناس في غرفة واحدة مشتركة. "إنهم يخافون لدرجة أنهم لا يستطيعون النوم، ومن ثم يجدون صعوبة في التعلم"، كما يقول ونش.
ويعاني العديد من الطلاب أيضًا من مشاكل الصحة العقلية، وواحد من كل خمسة أطفال لاجئين في ألمانيا لديهم اضطراب ما بعد الصدمة (PTSD) وفقًا للمعالجين النفسيين الألمان.
وتقول نانا كيك التي تعلم الأطفال اللاجئين: "بعضهم لا يمكنه التركيز على ما أدرسه لهم نتيجة لأنهم مصابون بالصدمة"، عندما يحدث هذا، تسمح لهم كيك بالتمشي قليلًا أو النظر من النافذة.
وقالت إنها لا تملك الموارد أو التدريب النفسي لفعل أي شيء أكثر من ذلك. وتحكي أن طالبًا لديها أصيب بصدمة لدرجة أنه جلس مرتديًا حقيبة فوق ظهره طوال الوقت، رافضًا إخراج القلم والورقة، وأضافت "كان على حافة الهاوية وعلى استعداد للرحيل في أي لحظة".
وتكمن صعوبة احتواء المهاجرين الأطفال في أن عليهم الانتظار ستة أشهر في مراكز الاستقبال لدى وصولهم إلى ألمانيا، إلى جانب محدودية فرص التعليم أو الأنشطة الهادفة، كما أن هناك أطفالًا عرضة للعنف وسوء المعاملة.
ويحاول بعض الأطفال، تعلم اللغة الألمانية مع الكتب المدرسية القديمة، ولكن البيئة ليست سهلة بالنسبة لهم، فهناك رجل رسم سكينًا على جسد صبي، وهذا مألوف في تلك المراكز.
وقال اتحاد التدريس إن البلاد تحتاج على الأقل 25 ألف معلم زيادة لتلبية احتياجات الوافدين الجدد، بالإضافة إلى المزيد من الأطباء النفسيين والمترجمين والعاملين الاجتماعيين، إذ يعمل المعلمون فوق طاقتهم لساعات طويلة لإدماج اللاجئين الشباب في المجتمع الألماني.
ويحذر الخبراء من أنه لا بد من تثقيف وإدماج اللاجئين لتجنب أحداث باريس الرهيبة، فالتعليم لا يقتصر فقط على التعلم، وإنما في خلق مواطن ألماني صالح ينتمي إلى هذا المكان وقيمه.
وقد دعت اليونيسيف إلى تحسين ظروف مراكز الاستقبال وتقديم الدعم السياسي والمالي للمعلمين لدعم التكامل. لكن ألمانيا قد تحتاج إلى 21 مليار يورو، وفقًا لأحدث التنبؤات من معهد إيفو ومقره ميونيخ.
وقد نما رد فعل عنيف ضد سياسة الباب المفتوح في ألمانيا مما جعل الوضع متوترًا، فقد نظمت الحركة المناهضة للإسلام بيغيدا مؤخرًا أكبر مظاهرة لها منذ أشهر، وتراجع تأييد المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل بسبب تعاملها مع الأزمة.
أحمد عاد الآن إلى المدرسة مع دواء لمساعدته على النوم، وقد قال أساتذته أنه عاد للمسار الصحيح ليصبح ممرضًا، وقد شدد ونش على أن ألمانيا يجب أن تساعد المزيد من الشباب مثل أحمد، كما قال: "اللاجئون هم بشر يعانون من مشاكل وشباب يحتاجون إلى مساعدة".
أرسل تعليقك