النائب تمام سلام ورئيس مجلس الوزراء نجيب ميقاتي
بيروت ـ جورج شاهين
انضم رئيس البرلمان اللبناني، نبيه بري، ورئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي، وقوى "8 آذار"، إلى القوى السياسية المؤيدة لتسمية تمام صائب سلام لتشكيل الحكومة الجديدة.
وقد أجمعت قوى "14 آذار" اللبنانية، في وقت سابق، على تسمية النائب من صفوفها تمام سلام ليكون مرشحها
الوحيد، إلى الاستشارات النيابية الملزمة لتشكيل الحكومة الجديدة، التي ستخلف حكومة الرئيس المستقيل نجيب ميقاتي، وسيجريها الرئيس ميشال سليمان بدءًا من عصر الجمعة إلى ما بعد ظهر السبت.
وجاءت هذه الخطوة طبيعية في سياق الأحداث التي واكبت انتقال النائب وليد جنبلاط من صفوف قوى "8 آذار" إلى 14 منه، لتستعيد هذه القوى أكثريتها النيابية والمباردة التي افتقدتها منذ مطلع العام 2011، بعد الانقلاب على حكومة الرئيس السابق سعد الحريري وتسمية ميقاتي لتشكيل الحكومة السابقة في 25 كانون الثاني / يناير 2011.
وأعلن رئيس البرلمان اللبناني، نبيه بري، الجمعة، باعتباره رئيسًا لكتلة "التنمية والتحرير" في مجلس النواب، أن الكتلة قررت تسمية تمام سلام لرئاسة حكومة وفاقية وطنية.
وقال بري بعد اجتماع استثنائي للكتلة، قبل ساعات قليلة على الاستشارات النيابية الملزمة التي يجريها رئيس الجمهورية، إنها صفحة جديدة تفتحها الأكثرية السابقة نحو المعارضة السابقة، علّ الكل يعمل مع الكل لخلاص لبنان".
وأكدت مصادر واسعة مقربة من بري، في حديث لـ"العرب اليوم"، أن قراره جاء ليعزز من حظوظ رئيس الحكومة الجديد، حيث سيكلف بإجماع قل نظيره، وبخاصة إذا انضم إلى لائحة الذين سيسمونه كل من "حزب الله" و"التيار الوطني الحر"، مما يرفع عدد مؤيديه إلى الذروة، وهو أمر بات ثابتًا في انتظار التثبت منه في الاسستشارات ليتحول أمرًا واقعًا.
وأضافت المصادر ذاتها، أن بري أجرى اتصالاً برئيس الحزب "الديمقراطي" النائب طلال أرسلان، وتمنى عليه أن يضم صوته وزميله النائب فادي الأعور إلى جانب تمام سلام أيضًا.
وتمنى رئيس حكومة تصريف الأعمال، نجيب ميقاتي، التوفيق للرئيس الذي سيكلف بتشكيل الحكومة، آملاً بأن "يكون هذا التكليف فاتحة لعودة التلاقي بين اللبنانيين، وبخاصة أن الظرف الحالي يقتضي التعاضد والتكاتف".
وعمن سيسميه هو في الاستشارات التي تبدأ عصر الجمعة، في القصر الجمهوري في بعبدا، قال ميقاتي "طبعًا سأسمي أنا والنائب أحمد كرامي تمام سلام، وأتمنى أن يحوز غالبية الأصوات، وأن يكون تكليفه جامعًا لتأليف الحكومة، مراعيًا لأصول الوفاق الوطني، وآمل بأن تشرف الحكومة المزمع تشكيلها على إجراء الانتخابات النيابية وفق قانون يلتزم وثيقة الوفاق الوطني، يجمع ولا يفرق، ويؤكد مبدأ التداول الذي ذكرته سابقًا، على أن تجرى في أسرع وقت، وفي أفضل الظروف".
ورفض ميقاتي وصفه بأنه "كان الضحية الوحيدة في ما جرى"، موضحًا "هذا الكلام غير صحيح، وإذا صح فكل التضحيات من أجل لبنان رخيصة، وآمل بأن الباب الذي فتحته سيؤدي إلى الخروج من النفق الذي أراد أعداء لبنان أن يدخلوه فيه، وأجمل ما في لبنان ديمقراطيته القائمة على تداول السلطات، وعندما اتخذت قرار الاستقالة كنت مقتنعًا به لمصلحة البلد، وكنت أضع نصب عيني أن تداول السلطات جوهر الديمقراطية".
وبشأن خططه في المرحلة المقبلة، أجاب رئيس حكومة تصريف الأعمال، "سأعود إلى مدينتي طرابلس، وإلى أهلي، وسأتابع اتصالاتي على المستوى الوطني لترسيخ الحالة الوسطية التي أثبتت ضرورتها كآسرة للاصطفافات الحادة، وحاملة لمشروع إنقاذي للبنان على كل الصعد".
وقد زار سلام السعودية، الخميس، والتقى الأمير بندر بن سلطان في الرياض قبل أن يلتقي الرئيس سعد الحريري ورافقه في الزيارة السيد هشام جارودي، وعقد معه اجتماعًا استمر لأكثر من ساعتين، أعقبه غداء عمل تطرق لمختلف جوانب الوضع السياسي في لبنان، لا سيما مستجدات الوضع الحكومي، بحسب بيان للمكتب الإعلامي للحريري، ومساءًا عقدت قوى "14 آذار" اجتماعًا موسعًا في "بيت الوسط" حضره نواب حاليون من مختلف الكتل النيابية وعدد من الوزراء السابقين وممثلون عن مختلف القوى المنضوية تحت لوائها من أحزاب وهيئات سياسية وأهلية وشخصيات مستقلة .
وقال فؤاد السنيورة، "لقاؤنا اليوم محدد الأهداف وهو للنقاش في موضوع تسمية رئيس الحكومة في الاستشارات النيابية الملزمة التي يجريها رئيس الجمهورية العماد ميشال سليمان يوم الجمعة والسبت قصر بعبدا، وإن الاتصالات التي أجريت في الأيام القليلة الماضية، توصلت إلى توافق شامل بين مكونات قوانا على مواجهة الاستحقاق الحكومي بعد استقالة حكومة الرئيس نجيب ميقاتي، وأنه من الجيد أننا تفاهمنا على المضي في هذه المرحلة بموقف واحد وموحد، ولذلك فقد اخترنا الزميل والصديق النائب تمام سلام ليتولى هذه المهمة، متمنين أن يتحقق الإجماع حول شخصه ودوره لنكون سوية في هذه المرحلة".
ورأى النائب فريد مكاري، أنه "الخيار الصحيح الذي لا يحتمل أي نقاش، وهو أمر لابد منه لمواجهة الاستحقاق"، منوهًا إلى التفاهم ومضي قوى "14 آذار" بكل مكوناتها في هذا الخيار الجيد.
وأكد نائب رئيس حزب "الكتائب"، سجعان قزي، باسم رئيس الحزب أمين الجميل،
"مرشحنا الطبيعي والأساسي لهذه المهمة الوطنية الكبرى كان سعد الحريري، لكن الظروف الأمنية والسياسية حتمت علينا خيارًا آخر ومرشحًا آخر، واعتقد صادقًا أن الصديق تمام سلام هو الخيار الصائب والمناسب، وللمناسبة لا يسعني إلا التأكيد أن إجماعًا على تسمية سلام، لا يعتبر تحديًا لأحد، وإن كنا نحن من اختاره، وهو مرشح توافقي، ميثاقي، وطني وحدوي ووفاقي وهو ابن بيت سياسي صاحب مواقف وطنية، وهو خير من يجسد الوحدة وهو رجل المواقف الوطنية التي جسدت ولا تزال النسيج الوطني اللبناني لبناء مسقبل جديد، ولذلك فأنا باسمي وباسم الرئيس أمين الجميل وحزب (الكتائب) نؤيد هذا الترشيح، باعتباره الخيار الصحيح، ونتمنى على جميع الفرقاء في لبنان في هذه القاعة وخارجها، أن نلتقي على هذه المواصفات، فننظر إلى المرشح الجديد نظرة وفاقية لإعطائه الزخم الذي يستحق في هذه المرحلة الدقيقة من حياة لبنان".
وكان رئيس حكومة تصريف الأعمال الرئيس نجيب يمقاتي قد أصدر بعد ظهر الخميس، بيانًا عبر فيه عن عزوفه من الترشح الى رئاسة الحكومة وشكر كل من فكر في تسميته وقال فيه "حين تقدمت باستقالتي قبل أيام خلت، إيمانًا مني بضرورة كسر الجمود في الحركة السياسية، كنت أدرك أنني، ومن خلال هذه الاستقالة، أطمح لفتح نافذة ، بل فتح كل الأبواب أمام عودة التلاقي بين كل الفرقاء السياسيين، بل بين جميع المواطنين من أجل تحقيق صحوة وطنية شاملة تواجه كل المخاطر التي تهدد وطننا وتبعده عن حافة الهاوية، وعلى مدى ترؤسي للحكومة، حرصت على عدم الانجرار إلى أي اصطفاف يؤدي إلى زيادة الشرخ بين اللبنانيين، وقد كان لي شرف التعاون مع كل مكونات الحكومة ، ومَن هم خارجها بروح المسؤول، واليوم أكثر من أي يوم مضى، لا زلت أدعو كل الفرقاء إلى التزام مبادئ الوفاق الوطني الصادق، حتى يتمكنوا جميعًا من إخراج وطني لبنان من أنواء العاصفة، وقد أكدت مرارًا أن أي حكومة ستتشكل يجب أن تكون حكومة إنقاذ وطني تتمثل فيها كل المكونات السياسية للنسيج اللبناني، وانطلاقًا من ذلك، أعتذر سلفًا وأشكر صادقًا، كل من يسميني للتكليف ولا يسعني قبول هذا الشرف إلا إذا توافرت لي النسبة الأكبر والأوفر من إجماع الأطراف كافة ومن الشركاء كافة في الوطن، حيث لا مجال للنجاح إلا بتعاضد الإرادة الوطنية بأكثرية مكوناتها، وأكرر تمنياتي على الجميع بالسعي إلى التكافل والتعاضد وتغليب مصلحة لبنان الواحد الموّحد، متمنيًا التوفيق والنجاح لمن سيتحمل هذه المسؤولية".
وكانت مصادر نيابية وحكومية حسمت موضوع تسمية تمام سلام لرئاسة الحكومة اللبنانية الجديدة، وكشفت لـ"العرب اليوم" أن ذلك جاء بعدما رشحته قوى "14آذار" وقدمته رئيسًا توافقيًا، وبات يحظى بتأييد مجموعة كبيرة من الكتل النيابية من "8 و14 آذار" ومستقيلين.
ويعتبر تمام صائب سلام من مواليد عام 1945، وهو سياسي لبناني ونجل رئيس الوزراء السابق صائب سلام، انتخب نائبا للمرة الأولى في البرلمان في دورتي 1992 و1996، لكنه خسر مقعده في انتخابات العام 2000، وشارك في انتخابات عام 2009 بالتحالف مع رئيس الوزراء السابق سعد الدين الحريري واستطاع تحقيق النجاح.
وكان سلام قد خلف والده عام 1983 على رأس جمعية "المقاصد الخيرية" الإسلامية وهو الآن رئيسها الفخري، وفي 11 تموز/ يوليو 2008 عين وزيرًا للثقافة في حكومة فؤاد السنيورة في عهد الرئيس ميشال سليمان، واستمر في موقعه حتى استقالة الحكومة في 9 تشرين الثاني نوفمبر 2009.
وبعد ظهر السبت المقبل، تاريخ نهاية الاستشارات النيابية سيعلن سلام رئيسًا مكلفًا لرئاسة الحكومة، بأكثر من 73 صوتًا على الأقل من أصل 128 نائبًا هم أعضاء مجلس النواب اللبناني، علما أنه يحتاج إلى 65 صوتًا ليفوز بالتكليف، علمًا أن مسألة التأليف ستنتج أزمات أخرى لاحقة، ولن تكون مهمته سهلة على الإطلاق.
وبرزت مشكلة حقيقية من خلال تقديم النائب وليد جنبلاط، وعدد من نوابه ترشيحاتهم إلى وزارة الداخلي، مما فرض نقاشًا مستجدًا بشأن نتائج العملية، بعدما تبين أنه لا يوجد نص لتوقيف باب الترشيحات، وقد يكون الحل عند إلغاء الانتخابات المقررة في 9 حزيران/يونيو فتسقط كل الترشيحات دفعة واحدة.
أرسل تعليقك