سجن عايلون الإسرائيلي القريب من تل أبيب الذي كان يحتجز فيه "السجين إكس"
القدس المحتلة ـ ناصر الأسعد
كشفت قضية السجين الأسترالي اليهودي بين زيجير المعروف باسم "السجين إكس" التي كشف النقاب عنها هذا الأسبوع والذي كان يحمل الجنسيتين الأسترالية والإسرائيلية كما كان عميلا للموساد ، والذي يعتقد بأنه انتحر بعد حبسه حبسا انفراديا في أحد السجون الإسرائيلية خلال عام 2010، عن عدم التزام إسرائيل
بتعهدها الذي قطعته على نفسها عام 2006 بعدم احتجاز مساجين سرًا ومخالفة الأعراف القانونية الدولية، وذلك بعد أن شدت انتباه المجتمع الدولي مرة أخرى نحو الكيفية التي تتعامل بها إسرائيل مع من تعتبرهم أعداء دولة إسرائيل.
هذا و يذكر أنه وبعد الكشف عام 2003 عن وجود معتقل في إسرائيل يعرف باسم معسكر 1391 ، قالت إسرائيل بعد 3 سنوات "إنها لم تعد تحتجز أي مساجين داخل معتقلات سرية على نحو يخالف الأعراف القانونية الدولية، إلا أن قضية السجين زيجير تشير إلى أن الحكومة الإسرائيلية لم تلتزم بما تعهدت به من قبل".
كما أن موقع معسكر 1391 قد تغييره من موقع صور الأقمار الاصطناعية، وكانت محكمة إسرائيلية قد أصدرت حكمًا قالت فيه "إنه يفتقد إلى المعايير القياسية اللازمة للمساجين"، وفي الوقت الذي كان جهاز الأمن الداخلي الإسرائيلي المعروف باسم "الشين بيت"، و الذي يستخدمه في احتجاز المساجين الفلسطينيين الذين لا يسمح لهم بزيارات عائلية والذي كان يوصف بأنه سر من الأسرار العسكرية .
وكانت لجنة مكافحة التعذيب التابعة للأمم المتحدة قد نشرت تقريرا بشأن أحوال السجون الإسرائيلية عام 2009 قالت فيه "إنه وعلى الرغم من أن إسرائيل قد قالت بأنها لم تعد تستخدم "سجن الاستجواب والاعتقال السري" منذ عام 2006 ، إلا أنها رفضت طلب اللجنة بالتفتيش على السجن".
وقال التقرير أيضا "إنه ينبغي على دولة إسرائيل تضمن عدم احتجاز أي فرد داخل أي معتقل سري في المستقبل ، لاسيما وأن المعتقلات السرية في حد ذاتها تعد بمثابة خرق للمواثيق الدولية الخاصة بالتعذيب" .
كما ينبغي على الدولة كذلك أن تقوم بالتحقيقات اللازمة والكشف عن وجود مثل تلك المعتقلات والسلطة التي قامت بإنشائها.وعلى الرغم من أن إسرائيل قد تتحجج بأن الزنزانة 15 في سجن عيالون التي كان محتجزا فيها بن زيجير قبل وفاته، لم تكن معتقلا ًسريًا مثل المعسكر 1391 ، إلا أن ذلك لا يخفي حقيقة احتجازه في أوضاع تخالف الأعراف القانونية الدولية مثل عزله عزلا تاما وعدم السماح له بالتواصل مع محامي ، كما أن حراسه لا يعرفون شيئا عن ماهيته ، وهذه كلها أوضاع تكشف في واقع الأمر عن وجود سجن سري داخل السجن العام.
يذكر أن قضية بن زيجير ليست هي القضية الأولى التي تقوم فيها إسرائيل بالتحايل على الأعراف القانونية الدولية عند سجن واعتقال من تعتبرهم أعداء لدولة إسرائيل. فقد كان هناك ماركوس كلينبرغ، وهو باحث إسرائيلي في مجال الأسلحة الكيميائية الإسرائيلية، الذي اكتشفت السلطات الإسرائيلية أنه كان عميلاً للمخابرات السوفيتية، وفي عام 1993 قامت السلطات الإسرائيلية باختطافه عن طريق خداعه وإيهامه بأنه سوف يذهب إلى سنغافورة للتحقق من حريق وقع في منشأة كيميائية ، ولكنها أخذته إلى مكان غير مجهول وقامت بتعذيبه وسجنه بعد محاكمة سرية تحت اسم وهمي. وقد تم الإفراج عنه في نهاية المطاف ليعيش في فرنسا.
وفي شباط/ فبراير عام 2011 قام الموساد في أوكرانيا باختطاف الفلسطيني ضرار أبو سيس الذي ينتمي لحماس واعتقاله دون محاكمة ، لكونها تشتبه في أنها صانع للقنابل. وقد اختفي الرجل من أوكرانيا ليظهر في إسرائيل بعد ثلاثة أسابيع، وفي هذه القضية حصلت السلطات الإسرائيلية على قرار من محكمة إسرائيلية بحظر النشر في هذا الشأن. وقد اتهم أبو سيسي بأنه العقل المدبر لبرنامج صورايخ حماس والمشرف على معسكر تدريبي في قطاع غزة.
وتقول صحيفة "الغارديان" "إن قضية السجين الأسترالي زيجير تثير علامات استفهام أكثر خطورة". وفي هذا السياق تنسب الصحيفة إلى بيل فان إيزفيلد باحث حقوق الإنسان الذي كان يتابع هذه القضية ، قوله "إن الاعتقال السري دون محاكمة ودون السماح لأهالي المعتقل أو محاميه بزيارته، يعد بمثابة انتهاك خطير من جانب إسرائيل لالتزاماتها تجاه القانون الدولي".
كما أثار عدد من الصحافيين الإسرائيليين علامات استفهام بشأن واقعة انتحار بن زيجير وتساءلوا : كيف يمكن لسجين يخضع للمراقبة على مدار 24 ساعة يوميا أن يقتل نفسه وتحت أي ظروف؟.
وقد أثار الموضوع أيضا عضو الكنيست الإسرائيلي نيتزان هورويتز الذي كتب إلى وكيل النائب العام عام 2010 يطلب منه تقديم بيانات بشأن "السجين إكس" عندما كشف النقاب عن قضيته للمرة الأولى كما طلب منه ضمان توفير معاملة لائقة له خلال فترة تواجده في السجن. وقد تلقى ردًا على ذلك يفيد بضمان توفير الأمان والمعاملة اللائقة للسجين.
وجاء في رسالته إلى وكيل النائب العام آنذاك الاحتفاظ بسجين أو معتقل بمعزل عن العالم الخارجي لفترة طويلة يشكل العديد من المخاطر ، فبالإضافة إلى كونه يمثل انتهاكا خطيرا لحقوق الإنسان، فهو يؤدي أيضا إلى أضرار بدنية ونفسية خطيرة.
وقال أيضا في خطابه "إنه حتى في الحالات الضرورية التي تتطلب احتجاز السجين انفراديا فلابد من ضمان ألا يكون العزل مطلقا على نحو يحرمه من التواصل مع غيره من الكائنات البشرية. وهي كلها أمور لم تتحقق مع "السجين إكس" الذي عاش في ظلام تام وتم القبض عليه سرا ومحاكمته سرًا، كما أنها أمور غير مقبولة في مجتمع ديمقراطي، ومن شأن ذلك أن يلحق ضررًا بالغًا بسيادة القانون وفقدان ثقة الجماهير في النظام القضائي".
ومما يجعل من قضية "السجين إكس" أكثر خطورة هو محاولة مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي إجبار الصحافيين على عدم الخوض في قضية "السجين إكس" أو الكتابة عنها ، لا شيء سوى لرفع الحرج عن الموساد.
أرسل تعليقك