مؤتمر أهل السنة في منطقة الرصافة في بغداد
بغداد ـ جعفر النصراوي
استنكر أهل السنة في منطقة الرصافة الجانب الشرقي من العاصمة العراقية بغداد، إغلاق مسجد أبي حنيفة النعمان من قبل القوات الحكومية وأكدوا في الوقت نفسه رفضهم "للشعارات الطائفية" ودعوات المتظاهرين في المحافظات المنتفضة للزحف إلى بغداد، مبينين أن تلك الدعوات "يدفع ثمنها"
أهل السنة في العاصمة وحدهم، في حين شددوا على أن مطالب المتظاهرين جميعها مشروعة، محذرين من أن الوضع سيخرج عن السيطرة في حال لم تلب الحكومة تلك المطالب.
وقال وجهاء وشيوخ عشائر يمثلون (حراك أهل السنة في منطقة الرصافة من بغداد) في بيان صدر عن مؤتمر عقدوه قبل ظهر الثلاثاء في فندق عشتار شيراتون وسط بغداد "إننا نرفض ونستنكر إغلاق مسجد أبو حنيفة النعمان وندعو الحكومة إلى عدم تكرار هذا الفعل مستقبلاً، كما نستنكر دعوات الزحف إلى بغداد والشعارات الطائفية التي يرفعها إخواننا السنة في المناطق الغربية من العراق".
وأضافوا "إننا ندعو إخواننا في المحافظات الغربية إلى الكف عن هذه الشعارات لأنها تؤذينا نحن أهل السنة الذين نعيش في العاصمة بغداد وتجرح مشاعر إخواننا وشركائنا في الوطن من الطوائف الأخرى، كما ندعو الحكومة العراقية إلى الإسراع في الاستجابة لمطالب المتظاهرين المشروعة وهي كلها مشروعة".
وحذر شيوخ ووجهاء العشائر السنية في بيانهم من أن "التأخر في الاستجابة للمطالب سيفاقم الوضع وسيخرج الأمور عن السيطرة"، وشددوا على أن "إلصاق تهمة القاعدة والبعث بالمتظاهرين غير مقبول وغير حقيقي"، لافتين إلى أن "الشعب لم يخرج إلى الشارع إلا لسبب وجود مظالم حقيقية يجب حلها وتلبيتها وأول ما يجب أن يُلبَّى هو الإطلاق الفوري للنساء المعتقلات".
كما دعا البيان إلى أن "تكون الجمعة الموحدة اختيارية لا إجبارية، كما يحصل الآن من إغلاق إجباري لبعض المساجد"، مشيرا إلى أن "أي خطاب طائفي يُطلَق في الأنبار أو غيرها فإننا ندفع ثمنه في بغداد، وخاصة الجانب الشرقي فيها والذي يتميز بغالبية شيعية واللبيب من الإشارة يفهم".
وخاطب شيوخ عشائر ووجهاء السنة في الرصافة المتظاهرين بالقول" قلوبنا معكم ولكن نتمنى أن تُقدِّروا ظروفنا لأننا نعيش في بغداد وهي مدينة مختلطة ومتنوعة ولا يتحمل الوضع فيها مثل هذه الاهتزازات"، كما دعوا أهالي بغداد إلى "عقد مؤتمر عام تلتقي فيه الفعاليات الاجتماعية والسياسية ليقولوا كلمتهم فيما يتعلق ببغداد ودورها في الحراك الشعبي الحالي الذي يجتاح بعض محافظات العراق".
وأوضح البيان أن "لجنة تضم نخبة خيرة من أبناء الرصافة الكرام انبثقت عن مؤتمر الحراك السلمي في منطقة الرصافة لمتابعة شؤون الحراك في مناطقهم وستعقد اجتماعها الأول اليوم".
وتشهد المحافظات ذات الغالبية السنية في الغرب والشمال العراقي تظاهرات منددة بسياسة رئيس الحكومة نوري المالكي، منذ 21 من كانون الأول/ديسمبر 2012، وتطالب بوقف الانتهاكات ضد المعتقلين والمعتقلات، وإطلاق سراحهم، وإلغاء قانوني المساءلة والعدالة ومكافحة الإرهاب، وتشريع قانون العفو العام، وتعديل مسار العملية السياسية وإنهاء سياسة الإقصاء والتهميش وتحقيق التوازن في مؤسسات الدولة، وعلى الرغم من أنها جاءت على خلفية عملية اعتقال عناصر حماية رافع العيساوي فإن أهالي المحافظات الغربية والشمالية كانوا وعلى مدى الأعوام الماضية قد تظاهروا في العديد من المناسبات ضد سياسة الحكومة الحالية وإجراءاتها بحقهم.
وعلى الرغم من أن المتظاهرين أعلنوا أن يوم الجمعة 8 آذار/مارس 2013، هو الفرصة الأخيرة للمالكي فإن الأخير يبدو أنه يفكر في خطة طويلة الأمد، إذ أكد في السابع من آذار/مارس الجري ، خلال احتفالية في مناسبة عيد المرأة أن المطالب الحقيقية للمتظاهرين يجب أن تكون عن "النقص في الخدمات"، والتعويض عن "سياسات النظام السابق"، وشدد على أن المطالب "غير المشروعة" ملزمة للجميع بعدم تحقيقها، وفي حين أكد أن رفع الظلم في البلاد يحتاج إلى تشكيل "ديوان حكومي"، باسم (ديوان رفع المظالم)، وطالب المعترضين على النظام الحالي بـ"الخروج منه وتشكيل معارضة سياسية وليست دموية".
وفي حين طالب النائب عن ائتلاف دولة القانون والقيادي في حزب الدعوة الإسلامية الذي يتزعمه رئيس الحكومة نوري المالكي، وليد الحلي، المتظاهرين بـ"البراءة من البعث والقاعدة"، وتثبيت ذلك ضمن قائمة المطالب التي رفعوها، وأكد أن الحكومة لبت أغلب مطالب المتظاهرين، مبينا أنه "لا يعرف الباقي منها حتى الآن".
ولا يعد تشكيك الحلي في مطالب المتظاهرين هو الأول من نوعه وربط هذه المطالب بحزب البعث والقاعدة، إذ شن رئيس الحكومة نوري المالكي، خلال زيارته إلى البصرة، (يبعد مركزها، 590كم جنوب العاصمة بغداد)، في 23 شباط/فبراير 2013، هجوماً لاذعاً على التظاهرات التي تشهدها المحافظات الغربية والسياسيين الداعمين لها، وهاجم المالكي خلال الاجتماع الأول لمحافظي الوسط والجنوب، الذي حضره هناك، "الشركاء" السياسيين ووصفهم بأنهم "مصابون بمرض خطير هو الطائفية"، وأكد أنه سيقدم طلباً إلى القضاء لمحاكمة المتحدثين بالطائفية ومن أي جهة كانوا، محذراً "أمراء الميليشيات" من الاستمرار في التصعيد "تنفيذا لأجندات إقليمية" ، فيما وصف في كلمة له خلال مؤتمر لشيوخ ووجهاء عشائر البصرة تصريحات السياسيين الداعمين للتظاهرات بـ"الطائفية والحمقاء"، في حين أكد أن بعض مطالب المتظاهرين "مرفوضة ولن تؤثر على العملية السياسية".
وجدد المالكي، بعدها بيوم واحد، هجومه على التظاهرات المناوئة للحكومة التي تشهدها المحافظات الغربية، متهما المطالبين بإلغاء قانون المساءلة والعدالة وإطلاق سراح المعتقلين بـ"السعي لتبييض صفحة تنظيم القاعدة وحزب البعث المنحل"، مؤكدا أن الحكومة استجابت لبعض المطالب القانونية للمتظاهرين البسطاء من غير أصحاب الأجندات الخارجية والمؤدلجين الذين يقفون وسط وخلف التظاهرات، وأطلاق سراح بعض المعتقلين وفقا لمبدأ التساهل والتسامح، مشدداً على رفضه إلغاء الدستور والعملية السياسية".
والتقطت وزارة الداخلية، الكرة من المالكي، بعد 24 ساعة، وأطلقت في 24 شباط/فبراير الماضي، معركة "كسر العظم" مع المتظاهرين، عندما حذرت المواطنين ممن يحرضون على "الطائفية والعنف"، واعتبرت أن ذلك يشكل تهديداً مباشراً لأمن الوطن والمواطنين يرفضه الدستور ويتعارض مع القانون، مؤكدة أنها ستتصدى بـ"قوة وحزم لهذه المحاولات الخبيثة" الرامية لتدمير وحدة البلاد مهما كان موقعها أو صفتها.
وتعد كلمات قادة التظاهرات في الأنبار (في جمعة العراق أو المالكي)، هي الأبرز منذ انطلاق التظاهرات في 21 كانون الأول/ديسمبر الماضي، وتشير بشكل واضح الى تأزم الوضع الطائفي في البلاد خصوصا خلال الأسابيع القليلة الماضية بالتزامن مع فشل الحكومة والبرلمان في التوصل إلى حلول واضحة تضمن تنفيذ مطالب المتظاهرين.
أرسل تعليقك