فرقت الشرطة السودانية، بالغاز المسيل للدموع والقنابل الصوتية، آلافاً عدة تظاهروا وسط العاصمة الخرطوم؛ للتنديد بالأوضاع المعيشة في البلاد، والمطالبة بمحاسبة قتلة المحتجين السلميين، ورفضاً للاتفاق الإطاري بين العسكريين والمدنيين، وذلك استجابة لدعوة «لجان المقاومة» وقوى سياسية مناوئة للتفاوض مع من تطلق عليهم «الانقلابيين».
وقال شهود عيان تحدثوا لـ«الشرق الأوسط» إن المواكب انطلقت من «ميدان جاكسون والسوق العربي» بالقرب من القصر الرئاسي، في تحدٍ واضح للتعزيزات الشرطية الكثيفة، التي حشدتها السلطات هناك وحول القصر؛ للحيلولة دون وصول المحتجين إليه.
وحثت تغريدة على موقع «تويتر»، على مشاركة المواطنين في المظاهرات المناوئة للأوضاع المعيشة القاسية، بحسب الهتافات التي رددها المتظاهرون «يا مواطن ضاقت بك، طلوع الشارع فرض عليك».
واستبقت الأجهزة الأمنية والشرطية الاحتجاجات، باتخاذ إجراءات أمنية مشددة، أعادت للأذهان مواجهتها للمتظاهرين قبيل توقيع «الاتفاق الإطاري»، وسارعت إلى إغلاق جسور رئيسية تربط مدن الخرطوم الثلاث، وأوقفت حركة السير في معظم الطرق المؤدية إلى القصر الرئاسي، ونشرت منذ وقت مبكر أعداداً غير مسبوقة من القوات الأمنية.
وأغلقت السلطات الأمنية وسط الخرطوم تماماً، وتكدست السيارات وحافلات النقل العام، وسُدت الطرقات.
وفي مظاهرات أمس استعاد المحتجون «تكتيكات الثورة السودانية» التي أطاحت بحكومة الرئيس المعزول عمر البشير، وسارع آلاف من المحتجين، معظمهم من الشباب، إلى الخروج من أمكنة تجمعاتهم، بعد أن أطلقت إحدى المحتجات «الزغرودة الشهيرة»، معلنة بداية الموكب الاحتجاجي.
وعادة ينطلق الاحتجاج فجأة في «تمام الساعة الواحدة ظهراً بتوقيت الثورة»، وقال المتظاهر محمد خليفة، في تغريدة على صفحته في «فيسبوك»: «على الرغم من إغلاق وسط الخرطوم، وعلى الرغم من ميليشيات الانقلاب وترسانتها العسكرية الضخمة، فإن كنداكة أطلقت زغرودة عند الواحدة تماماً، فانطلق الموكب من قلب السوق العربي في ثبات وهيبة».
وتصدت الشرطة والأجهزة الأمنية للمتظاهرين، مستخدمة الغاز المسيل للدموع وقنابل الصوت والهراوات، وآليات مكافحة الشغب الثقيلة، وسيارات ضخ المياه وإطلاق زخات الغاز.
وشهدت المنطقة، التي اختلط فيها المتظاهرون والباعة وأصحاب المحلات، عمليات كر وفر استمرت لأكثر من ساعة، قبل أن تفلح في إبعادهم جنوباً باتجاه مكان «التظاهر التقليدي» في «موقف شروني وحديقة القرشي».
وفي أم درمان، استخدمت الشرطة الغاز المسيل للدموع بكثافة؛ للحيلولة دون وصول المتظاهرين إلى مباني البرلمان.
وقال شهود إن المنطقة شهدت عمليات كر وفر طويلة، بينما شهدت مناطق جنوب الخرطوم، مواكب احتجاجية فرقتها الشرطة بالغاز المسيل للدموع.
وغيرت لجان المقاومة تكتيكاتها في المواكب الاحتجاجية، فبعد أن كان المحتجون يتجمعون جنوب الخرطوم، ويقطعون مسافة طويلة باتجاه القصر الرئاسي، قررت اللجان أن تنطلق المظاهرات وسط الخرطوم، ووسط التجمعات في محطة المواصلات الرئيسية (شروني) القريبة من القصر الرئاسي، والمكتظة بالمتسوقين والمتاجر والباعة الجوالين.
وترفض لجان المقاومة - وهي تنظيمات شبابية تكونت في الأحياء إبان الثورة السودانية - الاتفاق الإطاري الموقع الشهر الماضي بين الجيش والدعم السريع وأحزاب وتنظيمات مدنية، أبرزها تحالف «قوى إعلان الحرية والتغيير»، ويدعمها حزبا «الشيوعي» و«البعث العربي»، ومجموعات يسارية أخرى انشقت عن التحالف المعارض.
وتصدت لجان المقاومة و«قوى إعلان الحرية والتغيير» لانقلاب 25 أكتوبر (تشرين الأول) 2021 منذ اللحظة الأولى وقبيل بث بيانه الأول، وواجهتها القوات العسكرية والأمنية بعنف لافت، أدى لمقتل 122 محتجاً سلمياً، وإصابة المئات بجروح، بيد أن الاحتجاجات لم تتوقف طوال أكثر من عام، ووصلت القصر الرئاسي أكثر من مرة في تحدٍ لافت لعنف الأجهزة الأمنية والشرطية المفرط الذي استخدم ضدها.
وفي 5 ديسمبر (كانون الأول) الماضي، وقَّع تحالف «قوى إعلان الحرية والتغيير» وعدد من التنظيمات السياسية اتفاقاً إطارياً مع قائد الجيش عبد الفتاح البرهان وقائد قوات الدعم السريع محمد حمدان دقلو، نص على خروج الجيش من السياسة وتكوين حكومة مدنية، على أن يكمل الاتفاق بشكل نهائي بعد حسم خمس قضايا رئيسية أرجئ حسهما في الاتفاق الإطاري، بيد أن الاتفاق لم يحظَ بالقبول من لجان المقاومة التي أعلنت «صراحة» العمل على إسقاطه عبر الاحتجاج السلمي وصولاً للإضراب السياسي والعصيان المدني العام.
قد يهمك أيضــــــــــــــــًا :
أرسل تعليقك