باريس تسعى إلى تطويق زوبعة دبلوماسية في العلاقات الفرنسية ـ الجزائرية
آخر تحديث GMT03:22:18
 العرب اليوم -

بعد عرض تقريرين على قناتي "فرنس 5" و"البرلمانية" التابعتين للدولة

باريس تسعى إلى تطويق "زوبعة دبلوماسية" في العلاقات الفرنسية ـ الجزائرية

 العرب اليوم -

 العرب اليوم - باريس تسعى إلى تطويق "زوبعة دبلوماسية" في العلاقات الفرنسية ـ الجزائرية

الخارجية الجزائرية
باريس - العرب اليوم

وصف مصدر سياسي فرنسي «التسخين الحاصل حالياً بين باريس والجزائر بسبب اعتراض الأخيرة على بث تقريرين»، بحر الأسبوع الماضي، عن «الحراك» الجزائري، اعتبرتهما الخارجية الجزائرية مهيناً للبلاد، وجاء في بيانها أن ما حصل «ليس في الحقيقة إلا تهجماً على الشعب الجزائري ومؤسساته، بما في ذلك الجيش الوطني الشعبي، سليل جيش التحرير الوطني»،

مبرزة أن «هذا التحامل وهذه العدائية تكشف عن النية المبيتة والمستدامة لبعض الأوساط، التي لا يروق لها أن تسود السكينة العلاقات بين الجزائر وفرنسا بعد 58 سنة من الاستقلال في كنف الاحترام المتبادل وتوازن المصالح، التي لا يمكن أن تكون بأي حال من الأحوال موضوعاً لأي تنازلات أو ابتزاز من أي طبيعة كان».

ويأخذ الطرف الجزائري على فرنسا أن التقريرين عرضتهما قناتان تلفزيونيتان تابعتان للدولة، وليس للقطاع الخاص، وهما «فرنس 5» و«القناة البرلمانية»، وأن البرامج «المسيئة» للجزائر أصبحت «مطردة ومتكررة» ما يوحي بوجود رغبة بالاستهداف. ونتيجة لذلك، قررت الخارجية الجزائرية «استدعاء سفيرها في باريس، من دون أجل، للتشاور».

ويوحي بيان الخارجية الجزائرية أن التقريرين، إما أنهما يعكسان رأي وموقف الحكومة الفرنسية، باعتبار أن القناتين تابعتان لوزارة الخارجية التي توفر تمويلهما، وإما أن الوزارة «تغض الطرف» عن الإساءات «المتعمدة» للجزائر، وفق ما جاء في البيان الجزائري الرسمي.

وهذه هي المرة الأولى التي تستدعي فيها الجزائر سفيرها في باريس، رغم الأزمات التي تهز دورياً العلاقات بين الطرفين. فثمة «حساسية مفرطة» من الجانب الجزائري لكل ما يصدر عن فرنسا إزاء الجزائر، ولا يتقبل الجزائريون أي انتقاد مهما كان مغلفاً ومخففاً من فرنسا، التي «ليست في وضع يسمح لها بإعطاء دروس للجزائر» بحسب الأدبيات الجزائرية الرسمية.

وفي نهاية مارس (آذار) الماضي، استدعت الخارجية الجزائرية السفير الفرنسي لديها للاحتجاج على تعليقات لضيف لدى قناة «فرنس 24» التابعة للإعلام الفرنسي الخارجي، اعتبر فيها أن الجيش الجزائري «وضع اليد» على مساعدات صينية لمواجهة وباء «كوفيد - 19»، كانت موجهة للسكان.

بيد أن التصريحات الأخيرة للرئيس الجزائري الجديد عبد المجيد تبون، في السابع من مايو (أيار)، تعد الأشد والأعنف بحق فرنسا. ففي ذكرى مظاهرات 8 مايو 1945 للمطالبة باستقلال الجزائر، اعتبر تبون أن «القمع الدموي الوحشي للاحتلال الاستعماري (الفرنسي) الغاشم، سيظلّ وصمة عار في جبين قوى الاستعمار، التي اقترفت في حق شعبنا طوال 132 سنة،

جرائم لا تسقط بالتقادم رغم المحاولات المتكررة لتبييضها». ورأى الرئيس الجزائري أن فرنسا اقترفت «جرائم ضد الإنسانية، وضدّ القيم الحضارية لأنها قامت على التّطهير العرقي لاستبدال استقدام الغرباء بالسكان الأصليين، كما قامت على فصل الإنسان الجزائري عن جذوره، ونهب ثرواته، ومسخ شخصيته بكلّ مقوماتها».

وقبل ذلك، انتقد تبون تصريحات الرئيس ماكرون، الذي اعتبر في بداية «الحراك» أن المرحلة الانتقالية «يجب أن تبقى ضمن مهلة زمنية معقولة». وجاء تعليق تبون مندداً بـ«التدخل في الشؤون الجزائرية الداخلية»، مؤكداً أن الجزائر «لم تعد تقبل أن تدخل أو أي وصاية». وختم تبون بالدعوة إلى التزام «الاحترام المتبادل».

وأول من أمس، ردت الخارجية الفرنسية على استدعاء السفير، وعلى الحملة المعادية بكلام دبلوماسي، ضمنته رسالة أولى عنوانها «الاستقلالية التامة التي تتمتع بها كل وسائل الإعلام، وبحماية النصوص القانونية». أما الرسالة الثانية فمحورها أن باريس «تحترم بشكل كامل السيادة الجزائرية»، مع التأكيد على «تمسكها الشديد بالعلاقات المعمقة والقديمة» القائمة بين البلدين. وثالثة الرسائل أن الطرف الفرنسي «عازم على الاستمرار في العمل على تعزيز العلاقة الثنائية» مع الجزائر، ما يعني بكلام آخر أن ما يحصل زوبعة في فنجان، وأن المياه ستعود إلى مجاريها لاحقاً.

إلا أن القراءة غير الرسمية الفرنسية هي أن الجزائر «تفتعل المشاكل» في إطار حملة منهجية للهيمنة، وكم الأصوات المعارضة والمحاكمات والأحكام الأخيرة «خير دليل على ذلك»، وبالتالي فإن ردة الفعل العنيفة دبلوماسياً ضد باريس «موجهة للداخل الجزائري». فيما ترى مصادر فرنسية رسمية أن البلدين «بحاجة لبعضهما اقتصادياً وتجارياً وأمنياً وسياسياً». ولذا، فإن الأزمة الراهنة «عابرة».

لكن في خضم هذه التطمينات، أعلن البرلمان الجزائري أنه سيعقد بعد غد (الاثنين) جلسة مع وزير الخارجية صبري بوقادوم، وكاتب الدولة لدى الخارجية مكلف بالمهاجرين في الخارج رشيد بلادهان، لبحث تطورات «الوثائقي المسيء للشعب الجزائري»، الذي بثته القناة الفرنسية «فرنس 5»، مساء الثلاثاء الماضي. فيما عاد صالح لبديوي سفير الجزائر من باريس، أول من أمس في طائرة خاصة، إثر استدعائه من ظرف بوقادوم لـ«التشاور»، حول القضية التي تسبب استياء بالغاً بالجزائر.

وأعلن «المجلس الشعبي الوطني» (غرفة التشريع)، على حسابه بـ«فيسبوك»، مساء أول من أمس، أن لجنة الشؤون الخارجية البرلمانية، ستجتمع بعضوي الحكومة الاثنين، من دون تفاصيل أخرى. لكن من الواضح أن التوتر الجديد الذي ترى به العلاقة مع فرنسا، هو ما دفع الحكومة إلى دعوة البرلمان إلى الإسراع في تنظيم هذا الاجتماع.

ولم يسبق خلال الأزمات الكثيرة التي عرفتها العلاقات الثنائية، أن طلبت الحكومة اجتماع البرلمان لبحثها. ويرجح بأن الوزير بوقادوم يريد دفع البرلمانيين إلى شن حملة ضد «الأوساط التي لا يروق لها أن تسود السكينة العلاقات بين الجزائر وفرنسا، بعد 58 سنة من الاستقلال»، بحسب ما جاء في بيان للخارجية الجزائرية.

واللافت أن في بيان الخارجية «تبرئة» للحكومة الفرنسية مما يغضب الجزائر، فهو يشير إلى «أوساط» توجد ضمناً في فرنسا، وتبحث عن تسميم العلاقة، وهي غير حكومية حسب الجزائريين. ولهذا السبب، استغرب مراقبون سحب السفير من باريس «للتشاور» لأن هذا الإجراء يعني، في العرف الدبلوماسي، أن الأزمة بلغت الذروة مع البلد المعني، ويمكن أن يتبعه قطع العلاقات معه.

وبحسب متتبعين، كانت الجزائر تترقب موقفاً من الحكومة الفرنسية على العمل التلفزيوني، كأن تعلن أنه «لا يعكس وجهة نظر رسمية في قضية تعني الجزائريين وحدهم». لكن ذلك لم يحدث، واكتفت متحدثة باسم وزارة الخارجية الفرنسية، بالقول إن الحكومة لا تتدخل في شؤون وسائل الإعلام، وإن القانون يوفر لها الحماية. لكن هذا الموقف لم يعجب الجزائر التي كانت تطمح إلى رد فعل أقوى من شريك غير عادي، تربطه به علاقات معقدة، ومثقلة بهموم التاريخ والماضي الاستعماري، الذي يظل عقبة أمام إقامة علاقات ثنائية طبيعية.

قد يهمك ايضا

الجزائر تستدعي سفيرها لدى باريس على خلفية بث وثائقي حول "الحراك"

توقعات بالإفراج عن الموقفين بـ"الحراك الشعبي" في الجزائر

arabstoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

باريس تسعى إلى تطويق زوبعة دبلوماسية في العلاقات الفرنسية ـ الجزائرية باريس تسعى إلى تطويق زوبعة دبلوماسية في العلاقات الفرنسية ـ الجزائرية



هند صبري بإطلالة أنثوية وعصرية في فستان وردي أنيق

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 23:36 2024 الثلاثاء ,05 تشرين الثاني / نوفمبر

طرق مختلفة لاستخدام المرايا لتكبير المساحات الصغيرة بصرياً
 العرب اليوم - طرق مختلفة لاستخدام المرايا لتكبير المساحات الصغيرة بصرياً

GMT 22:21 2024 الثلاثاء ,05 تشرين الثاني / نوفمبر

ترامب يؤكد أنه سيقر بهزيمته إذا كانت الانتخابات عادلة
 العرب اليوم - ترامب يؤكد أنه سيقر بهزيمته إذا كانت الانتخابات عادلة

GMT 00:38 2024 الأربعاء ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

ترامب يؤكد أن هناك الكثير من عمليات الغش في فيلادلفيا
 العرب اليوم - ترامب يؤكد أن هناك الكثير من عمليات الغش في فيلادلفيا

GMT 22:50 2024 الثلاثاء ,05 تشرين الثاني / نوفمبر

محمد هنيدي يتراجع عن تقديم عمّ قنديل في رمضان 2025
 العرب اليوم - محمد هنيدي يتراجع عن تقديم عمّ قنديل في رمضان 2025

GMT 15:16 2024 الإثنين ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

العلاقة بين الاكتئاب وحرارة الجسم دراسة جديدة تسلط الضوء

GMT 05:00 2024 الثلاثاء ,05 تشرين الثاني / نوفمبر

الأولوية الإسرائيلية في الحرب على لبنان

GMT 04:05 2024 الثلاثاء ,05 تشرين الثاني / نوفمبر

ارتفاع عدد المصابين بأخطر سلالة من جدري القرود في بريطانيا

GMT 18:25 2024 الإثنين ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

مانشستر سيتي يرصد 150 مليون يورو لضم رودريغو

GMT 18:20 2024 الإثنين ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

17 ألف ريال غرامة للهلال السعودي بسبب أحداث مواجهة النصر

GMT 02:26 2024 الثلاثاء ,05 تشرين الثاني / نوفمبر

وفاة لاعب وإصابة 4 بسبب صاعقة رعدية بملعب كرة قدم في بيرو

GMT 03:11 2024 الثلاثاء ,05 تشرين الثاني / نوفمبر

الأمطار الغزيرة تغمر مطار برشلونة في إسبانيا

GMT 18:15 2024 الإثنين ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

وفاة لاعب وإصابة 5 بـ صاعقة في بيرو

GMT 13:14 2024 الثلاثاء ,05 تشرين الثاني / نوفمبر

سقوط مروحية عسكرية مصرية ووفاة ضابطين أثناء تدريب

GMT 15:29 2024 الإثنين ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

تحذير من مخاطر استخدام ChatGPT-4o في عمليات الاحتيال المالي

GMT 03:42 2024 الثلاثاء ,05 تشرين الثاني / نوفمبر

حزب الله يواصل هجماته على إسرائيل ويطلق 90 صاروخًا

GMT 18:38 2024 الإثنين ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

آينتراخت فرانكفورت يحدد 60 مليون يورو لبيع عمر مرموش

GMT 19:28 2024 الإثنين ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

قتلى من حزب الله بقصف إسرائيلي على محيط السيدة زينب في دمشق

GMT 03:40 2024 الثلاثاء ,05 تشرين الثاني / نوفمبر

فصائل عراقية موالية لإيران تستهدف ميناء حيفا بطائرة مسيرة

GMT 18:30 2024 الإثنين ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

غرفة ملابس ريال مدريد تنقلب على كيليان مبابي

GMT 14:43 2024 الإثنين ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

ليفربول يرفض إعارة الإيطالي كييزا في يناير
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab