القدس المحتلة - العرب اليوم
بعد أيام من المداولات التي استمرت ليل نهار وانتهت فجر أمس، نجحت حكومة نفتالي بنيت، في تمرير مشروع الموازنة العامة بأغلبية 61 ومعارضة 59 نائباً، وعبرت بذلك أول اختبار جدّي لقدرتها على الاستمرار في الحكم. وقد جاء هذا النجاح بفضل تمسك أعضاء الائتلاف بمواقفهم ووحدتهم وفشل المعارضة بقيادة بنيامين نتنياهو في تجنيد متمردين.
وقد لوحظ خلال التصويت أن نواب الائتلاف تصرفوا بثقة في النفس، بينما نواب المعارضة تصرفوا بتوتر أعصاب بارز، لدرجة أن أبرز قائدين، نتنياهو نفسه ورئيس حزب شاس للمتدينين الشرقيين أرييه درعي، صوّتا مع الحكومة ضد حزبيهما. وقد سمح لهما رئيس الكنيست ميكي ليفي، وهو من حزب «يش عتيد» برئاسة يائير لبيد وزير الخارجية، بأن يعيدا التصويت.
وأقرت الهيئة العامة للكنيست موازنة عام 2021، وذلك لأول مرة منذ سنة 2018، حيث أديرت الحكومة في السنوات الأخيرة بميزانية عام 2019 التي أُقرت في عام 2018، وفور الانتهاء من التصويت، في ساعات الفجر من يوم أمس، بدأ التداول في ميزانية عام 2022، بغرض الحفاظ على استقرار سياسي للحكومة حتى نهاية السنة القادمة. وقد حصل خطأ لدى أحد نواب الائتلاف فسقط أحد بنود موازنة 2022، مما أوقف التصويت، لكن رئيسة كتل الائتلاف طمأنت مؤيديها بأن الأمور ستسير على ما يرام.
ويبلغ حجم ميزانية العام الجاري 609 مليارات شيكل (الدولار يساوي 3.12 شيكل)، من ضمنها ميزانيات تسديد الديون واحتياطي معالجة «كورونا». وعملياً تكون الميزانية الأساسية المباشرة، من دون هذين البندين، 433 مليار شيكل. وقد خُصص أكبر قدر من الميزانية لوزارة الدفاع، التي وصل حجمها إلى 78 مليار شيكل رسمياً، مع ضمان احتياطي لتمويل أحداث حربية طارئة بقيمة 4 مليارات إلى 8 مليارات شيكل سنوياً. كما تشمل الميزانية زيادة بنسبة 50% في ميزانيات المستوطنات، التي تحولها وزارة الداخلية لمجالس المستوطنات، بموجب ما أعلنته وزيرة الداخلية اليمينية المتطرفة، أييليت شكيد.
وصوّت جميع نواب المعارضة ضد الميزانية وقانون التسويات المرافق لها، بدعوى أنها «ميزانية للأغنياء تفرض ضرائب جديدة، وتعطي للحركة الإسلامية أموالاً طائلة سيصل قسم منها إلى (حماس)». وصوّت ضد الميزانية أيضاً النواب الستة للقائمة المشتركة للأحزاب العربية برئاسة النائب أيمن عودة، الذين عدّوها «ميزانية الحرب والاحتلال والاستيطان وترسيخ العنصرية».
وصوّت إلى جانب الميزانية جميع نواب الائتلاف الحكومي، باستثناء نائب واحد متمرد هو عميحاي شيكلي الذي كان قد انتُخب ضمن قائمة «يمينا» برئاسة رئيس الوزراء بنيت. وهو كان قد صوّت ضد تشكيل الحكومة الحالية من البداية، اعتراضاً على تحالفها مع «القائمة العربية الموحدة» للحركة الإسلامية برئاسة النائب منصور عباس، وقد رأى في ذلك خيانة لمصوتي الحزب من اليمين الاستيطاني. وأعرب عن شكوكه بأن هذه الحكومة ستنحرف نحو اليسار، وتخوض مفاوضات مع السلطة الفلسطينية على حل سياسي للصراع يفضي إلى إقامة دولة فلسطينية. وبسبب موقفه، خرج بنيت بتصريحات أكد فيها أن حكومته لن تفاوض على تسوية للصراع، لأن هناك هوّة في المواقف بين يمين الحكومة ويسارها، وأن عملها في هذا الموضوع سيقتصر على تحسين الحياة الاقتصادية والاجتماعية للفلسطينيين وبناء جسور الثقة.
وقد وضع اليمين المعارض الحركة الإسلامية في مركز هجومه على الموازنة بعد أن نجحت الحكومة في تخصيص ميزانية 55 مليار شيكل موزعة على خمس سنوات لتحسين أوضاع المواطنين العرب (فلسطينيي 48) الذين يعانون من سياسة تمييز عنصري طيلة 74 عاماً. كما هاجمت «القائمة المشتركة» رفاق الأمس في الحركة الإسلامية، واتهمتهم بشق الصف العربي الوطني والانضمام إلى حكومة حرب واحتلال تتنكر للسلام وترفض التسوية السلمية وتأييد ميزانية حرب واستيطان.
وردّ النائب منصور عباس على الاتهامات من الجهتين، فقال إن الليكود بقيادة نتنياهو تفاوض معه وكان على استعداد لمنحه ميزانيات أكبر ولكنه لم يذهب معه لأن نتنياهو غير صادق ويتنكر للوعود. ورد على العرب بقوله: «الصراع الفلسطيني - الإسرائيلي غير مطروح على جدول أعمال القائمة في هذه المرحلة، لا في إسرائيل ولا في السلطة الفلسطينية، خصوصاً بسبب الانقسام. ونحن انتُخبنا وفق أجندة لخدمة المجتمع العربي ومتابعة قضاياه». وقال إن «بنود الاستيطان في الموازنة موجودة دائماً ولكنّ هذه هي أول مرة يكون فيها حضور بارز للحقوق العربية في المساواة».
وأضاف عباس أن حزبه لم يَحِد عن الثوابت الفلسطينية وحل الدولتين، ولكن هذا الأمر اليوم غير واقعي. ومع ذلك فإنه يريد تثبيت وجوده في الائتلاف، لأنه مقتنع بأنه سيؤثر على سياسة الحكومة في المستقبل أيضاً في الموضوع الفلسطيني.
من جهته، عدّ بنيت نجاح حكومته في تمرير الموازنة، «يوم احتفال وطني لإسرائيل، بكل سكانها الراغبين في رؤيتها دولة ناجحة ومستقرة تحارب الفساد وتعزز الديمقراطية وتواجه العداء في الخارج وتجند دعماً دولياً كبيراً».
قد يهمك ايضًا:
أرسل تعليقك