زعيم حزب حركة النهضة الإسلامي الحاكم راشد الغنوشي
تونس ـ أزهار الجربوعي
أكد زعيم حزب حركة النهضة الإسلامي الحاكم، راشد الغنوشي في اليوم الأول الذي تباشر فيه الحكومة التونسية الجديدة مهامها برئاسة علي العريض القيادي في الحزب نفسه ، أن "الحركة ستعارض قرارات حكومة "العريض" التي لا تطابق سياساتها، ولا تعبر عن فكر الحركة"، نافيًا "دخول حزبه في مفاوضات مع حزب "نداء
تونس" الذي يتزعمه رئيس الحكومة التونسية الأسبق الباجي قائد السبسي، الذي يعتبر أشد الخصوم السياسيين للنهضة"، كما هدد الغنوشي بمقاضاة "كل من يتهم حزبه بتكوين جهاز أمني موازي"ميليشيات"، يأتي ذلك فيما يواجه وزير الداخلية التونسية الجديد تحديات أمنية كبيرة على غرار مواصلة التحقيقات المتعلقة باغتيال المعارض اليساري البارز "شكري بلعيد"، فضلا عن التصدي لظاهرة انتشار السلاح وتعقب عناصر تنظيم إرهابي تم الكشف عنه أواخر العام الماضي.
ورفض رئيس حركة النهضة الإسلامية الحاكمة في تونس، راشد الغنوشي ،الجمعة،الاتهامات الموجهة لحزبه بتشكيل جهاز أمن موازي لجهاز الدولة "ميليشيات"، ملوحًا بتتبع "كل من يطلق هذه الاتهامات جزائيًا وقضائيًا".
وقال الغنوشي إن "اتهام حركة النهضة بامتلاكها لجهاز أمن موازي "مجرد عملية تلويث للمناخ السياسي في تونس " ،وأردف "لاحاجة لحزب حاكم لمثل هذه التنظيمات، وإنما تحتاجه حركة معارضة".
وأوضح زعيم حزب حركة لنهضة الاسلامي الحاكم، الجمعة، أن "وزراء النهضة الذين ينتمون إلى حكومة علي العريض، ملزمون بنهج وسياسات حزبهم، ومن الطبيعي أن يصوتوا ضد أي قرار قد يتخذه المجلس الوزاري، ويكون مخالفًا لسياسة الحركة".
وأضاف الغنوشي، أن "الحكومة الجديدة التي نالت ثقة المجلس التأسيسي التونسي بغالبية 139 صوتًا من مجموع 217 والتي يرأسها أحد أبرز قيادات الحركة علي العريض، لا تمثل حركة النهضة فقط، بل تمثلها بصفة جزئية، على اعتبار أنها تضم بقية أحزاب ائتلاف الترويكا الحاكم "التكتل من أجل العمل والحريات،المؤتمر من أجل الجمهورية"، فضلا عن وزراء مستقلين"، مشددا على أن "الحكومة مستقلة عن الأحزاب التي يقتصر دورها على مساندتها".
وبشأن موقف حركة النهضة من مسألة التفاوض مع حزب "نداء تونس"، الذي يقوده، فقد بين الغنوشي أن "الحركة لم تتفاوض أبدًا مع نداء تونس، نظرًا لكونه خليطًا من التجمعيين"بقايا النظام السابق" والدستوريين أنصار الحبيب بورقيبة، واليساريين"، معتبرًا أنه "حزب لم تتحدد هويته، على حد قوله".
وأضاف الغنوشي أن "دعوة حزب "نداء تونس" كل التجمعيين "بقايا النظام السابق" إلى الانضمام إليه، "أمرًا مثيرًا للمشكلات، لاسيما وأن "نداء تونس" لم يطرح برامجه و يمر بنوع من التجاذبات الداخلية بين مكونيه".
وردًا على دعوة بعض أحزاب المعارضة إلى مراجعة التعيينات صلب الحكومة، وأن غالبيتها تم على قاعدة الولاءات لأحزاب الترويكا الحاكمة "النهضة،التكتل،المؤتمر"، قال الغنوشي إن "المراجعة الآلية لمسألة التعيينات "أمر مرفوض، لأنها تشكيك في الشرعية"، على حد قوله"، وأضاف أن "التعيينات قابلة للمراجعة، لكن حسب معيار الكفاءة ونظافة اليد والالتزام بأهداف الثورة، شريطة ألا يتم النظر أثناء عملية مراجعة التعيينات، إلى الولاءات الحزبية".
وفي سياق متصل، رحب زعيم الحزب الحاكم في تونس بنيل ثقة الحكومة الجديدة التي يقودها أحد أبرز كوادر النهضة، علي العريض، متقدمًا بالشكر، إلى جميع الأحزاب التي ساندت هذه الحكومة وأيدتها، على غرار حزب التحالف الديمقراطي، إذ رأى الغنوشي أن "تحفظ نواب "التحالف" على التصويت، شكل من أشكال التزكية، إلى جانب إشادته بحزب المبادرة وحزب الاتحاد الوطني الحر ، فضلا عن الكثير من المستقلين الذين منحوا ثقتهم لحكومة علي العريض التي حصدت أغلبية 139 صوتًا مقابل تحفظ 13 نائبًا ورفض 45 أخرين".
ودعا راشد الغنوشي، المجلس التأسيسي التونسي إلى "التسريع في وضع موعد نهائي للانتخابات"، معتبرا أن "تشرين الأول/ أكتوبر المقبل، هو الأنسب"، مشيرًا إلى "ضرورة أن تلتزم الكتل النيابية داخل المجلس التأسيسي بدورها التشريعي".
وبالتزامن مع ذلك، تسلمت الحكومة التونسية، الجمعة رسميًا مهامها لخلافة حكومة حمادي الجبالي، فيما تبقى من المرحلة الانتقالية التي ستتوج بتنظيم انتخابات تشريعية ورئاسية تفرز مؤسسات دائمة للبلاد، وتبدو مهمة وزير الداخلية الجديد لطفي بن جدو الأكثر دقة وحساسية، لاسيما وأنها ملفات شائكة في انتظاره على غرار قضية ترويج السلاح والتنظيمات الإرهابية، وملف اغتيال المعارض اليساري، شكري بلعيد، إذ طالبته أرملة شكري بلعيد، بسمة الخلفاوي بـ "إثبات جدارته في تولي حقيبة الداخلية عبر الإسراع في القبض على قاتل زوجها"، معبرة عن "استيائها من تراخي السلطات المعنية في القبض على المشتبه فيه الرئيسي".
من جهته، قال عميد المحامين التونسيين، شوقي الطبيب إن "هيئة الدفاع لن يهدأ لها بال، إلا بعد القصاص من قتلة الأمين العام السابق لحزب الوطنيين الديمقراطيين الموحد، وستتم ملاحقتهم حتى وإن كانوا خارج تونس، أو حتى في القبر حسب تعبيره"، في حين لوحت هيئة الدفاع بتدويل القضية في صورة "تعثر التحقيقات" وعجز القضاء التونسي في الكشف عن التحقيقات.
إلى ذلك يواجه وزير الداخلية الجديد تركة ثقيلة، تلت عملية الكشف عن أول تنظيم إرهابي متصل بعلاقة مباشرة مع ما يعرف بـ"تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي"، إذ ما تزال عملية تعقب عناصر هذه الخلية متواصلة،لاسيما على مستوى الجبال المحاذية للحدود الجزائرية، إلى جانب قضية انتشار السلاح والذخيرة الحية في البلاد التي تعد ظاهرة غير مسبوقة في تونس، ولم يقتصر الأمر في العثور على قطع سلاح أو بنادق صيد في حوادث معزولة ، لاسيما بعد أن تم الكشف عن مخازن ضخمة للقنابل والذخيرة، مما زاد المخاوف من احتمال التخطيط لهجمات إرهابية داخل البلاد.
أما القضية الثالثة التي يواجهها وزير الداخلية فتكمن، في مسألة أمن الحدود ومشكلة "التهريب" الذي ذهبت ضحيته أرواح عدة، كان أخرها جندي في الجيش التونسي، إضافة إلى الخسائر المادية المجحفة التي يتكبدها الاقتصاد التونسي بسبب تهريب السلع إلى القطر الليبي والبنزين إلى الجزائر.
كما يعتبر ملف التيارات السلفية في تونس، أحد أهم الملفات الحارقة التي تنتظر معالجة أمنية واجتماعية، إذ ترى شريحة مهمة من المجتمع التونسي أن "السلفية" أصبحت تتخذ أمنًا موازيًا للدولة وتنصب نفسها آمرًا بالمعروف وناهيًا عن المنكر، وتشكل خطرًا على الحريات في البلاد، وهو ما ينفيه منتسبو هذا التيار الذين يتهمون الدولة بالتمييز ضدهم، ويرون أن "الإعلام يستهدفهم في حملة مغرضة لتشويههم وإقصائهم".
وإضافة إلى ذلك، ارتفع منسوب الجريمة في تونس، إذ لا يكاد يمضي يوم من دون الإعلان عن اعتقالات ضخمة لمروجي المخدرات ومرتكبي السرقات وحاملي الأسلحة البيضاء، فضلا عن ارتفاع أعمال القتل والنهب والاستهداف المسلح للبنوك، ولا شك في أن وزير الداخلي الجديد مدعو إلى فرض الأمن وطمأنة الرأي العام الذي بات يعيش نوعًا من القلق والخوف بسبب حالة الانفلات الأمني التي لم يقع السيطرة عليها منذ ثورة 14 كانون الثاني/يناير2011.
وفي السياق ذاته، تم الجمعة الكشف عن عصابة لتهريب الأموال بين تونس وليبيا وتركيا، وذلك بعد حجـــز أكثر من 200 ألف دينار تونسي، فضلا عن عملات أجنبيــة أخرى وكميات كبيرة من الذهب وسيارتين في منطقــة قصيبــة الميدوني التابعــة لمحافظة المنستير في أحد نقاط التفتيش، كما تمكنت الفرق المختصــة من حجز جملــة من الوثائق البنكيــة التي يتم عبرها تحويل الأمـــوال إلى بنوك أخرى، في حين اعتقل أعوان فرقــة الشرطــة العدليــة في قاب سجنوب البلاد، شخصين يحملان بعض القطع الأثريــة التي يعود تاريخ صنعها إلى العهــدين الروماني والفرعوني.
أرسل تعليقك