أوشكت حقبة السيَّارات ذات المحركات التي تستخدم الوقود لتشغيلها، سواء كان "البنزين" أو "الديزل" أو خليط "هيدروكربوني" والتي انطلقت عام 1885، على الانتهاء، لتبدأ بعدها مرحلة جديدة من السيارات. ولذا قد تكون السيارة التي قمت بشرائها مؤخرًا، أو السيارة التي تنوي شراءها العام المقبل، آخر سيارة تمتلكها من هذا النوع. فالثورة الصناعية للسيارات آتية لا شك.
فبعد مرور 130 عامًا على ميلاد المحرك الذي يعمل بالوقود، ربما تكون سيارتك بعد هذه الحقبة سيارة كهربائية، بحيث تكون هناك بطارية مكان خزان الوقود ومحرك كهربائي مكان المحرك التقليدي القديم، فهو الأمر الذي سيمنح سيارتك أكثر هدوءًا ورفاهية وذكاء واتساعًا وأكثر جمالا بناء على تجربة الدفعة الأولى من تلك السيارات الكهربائية الفارهة بين الفترة الحالية وحتى نهاية العقد الحالي.
وتأتي على قمة هذه السيارات الكهربائية "جاغوار" الجديدة كليًا I-PACE المتوقع طرحها عام 2018 ، وسيارة "البورش" وسيارة "مرسيدس بنز" وسيارة "واستون مارتن" التي سيتم طرحها بعد 24 شهراً، أما بالنسبة لسيارة "المرسيدس مايباخ" وسيارة "رولز رويس" المقرر طرحها عام 2030 سوف تأخذك بعيدًا في عالم الخيال العلمي.
ففي نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، طُرحت أمام الجمهور سيارة "جاغوار I-Pace " في مدينة "لوس أنجلوس" الأميركية، إلا أن معاملات البيع والشراء ستكون في مطلع عام 2018 بحيث أنها ستأتي بعد انطلاق سيارة "بي ام دبليو" الكهربائية. وتتميز سيارة "جاغوار I-Pace " بالتصميم المستقبلي الثوري الرائع، كما أنها تجمع بين سمات السيارات الرياضية والسيارات الكلاسيكية.
وقال إيان كالوم مصمم سيارة "جاغوار I-Pace " بأنها تتميز بتصميمها الكلاسيكي بعض الشيء من مقصورتين صغيرتين وشكل طولي، يشبه السيارات الكلاسيكية القديمة بالمحرك الذي يأخذ شكل حرف ""V، فسيارة "جاكوار I-Pace " تعبر عن سمات المستقبل بأكمله والتي تظهر في محركها الكهربائي. فالسائقون المحترفون أو الهواه يعترفون بأن السيارات الكهربائية، سيارات رائعة بجانب أنها صديقة للبيئة.
ولا تُعتبر الأسباب البيئية فحسب خلف السيارات الكهربائية، لكن هناك أسباب هندسية أيضا. فالسيارات الكهربائية ستحدث ثورة في عالم السيارات عن طريق تصنيع نماذج تزود بالشحن الكهربائي بدلا من الوقود. لكن عزم السيارة الكهربائية ليس بالقوة التي تعمل على حركة السيارة، فالمحرك الكهربائي ليس في حاجه أن تحميه لتزيد السرعة، كما أنه غير مرتبط بناقلات حركة معقدة مثل السيارات العادية، فكل ما عليك فعله، أن تدير المفتاح ومن ثم تصبح السيارة جاهزة للانطلاق. وإذا نظرنا الى موضع البطاريات الثقيلة في تلك السيارة سنجدها تكون تحت أرضية السيارة، ومن ثم تزيد من ثبات السيارة على الطريق أثناء القيادة، ويدل على ذلك القيادة السهلة والرائعة لسيارة "لامبرغيني" عن قيادة سيارة "رانج روفر"، لذلك البطاريات الثقيلة في السيارات الكهربائية لها عامل كبير لحفظ أتزان السيارة على الطرق وخصوصا الطرق السريعة.
ولا تعتبر المحركات الكهربائية أصغر بكثير مما تؤديه من وظائف فهي تأخذ مساحة لا بأس بها من السيارة مما يوفر مساحة كافية للركاب. بجانب ذلك، فالسيارات الكهربائية ليست رائعة وسريعة وحسب بل مريحة أيضًا، فلا يصدر صوت عن محركها إطلاقا لذا هذا النوع من السيارات يعبر عن مستقبل السيارات الفارهة. فكل ما حققته السيارات الكهربائية من تصاميم تمت بالفعل او لا تزال قيد التنفيذ في هذا المجال أمر رائع، فالسيارة البريطانية الصغيرة " G-WIZ " ذات المحرك الكهربائي وبطارية الرصاص والتي أصبحت فيما بعد بطاريتها من الليثيوم تعتبر بمثابة السبق في هذا المجال، حيث يجد صناع السيارات أنفسهم تحت ضغط شديد للحد من انبعاثات "ثاني أكسيد الكربون" من سيارتهم التي ينتجونها لكنهم دائما ما يفشلون في ذلك، فمعظم السيارات المشهورة كجاغوار ومرسيدس وبورش وأستون مارتن ملوثة للبيئة بفعل عوادمها.
وعلى صعيد آخر كشفت شركة مرسيدس النقاب عن سيارتها الرياضية الكهربائية متوسطة الحجم في شهر سبتمبر/أيلول الماضي في باريس، حيث ستعرض كل هذه السيارات للبيع في منتصف العقد المقبل. وتسعى شركة "مرسيدس" لاستعادة الريادة بمفهوم جديد من السيارات الكهربائية. فلن تقدم شركة "مرسيدس" السيارات الكهربائية وحسب كسيارة “مرسيدس EQ” بل ستقدم البطاريات الكهربائية المتطورة وكذلك كافة خدمات المرتبطة بهذا النوع من السيارات.
كما ستقوم "مرسيدس" بتلبية احتياجات زبائنها بتوفير سيارات كهربائية تلبي هذه الاحتياجات، فبحلول عام 2025 سيكون لدي مرسيدس أكثر من 10 سيارات كهربائية في سوق السيارات العالمي. إذ ترى "مرسيدس" أنها ستبيع مليون سيارة كهربائية سنويا في منتصف العقد القادم. أما بالنسبة لشركة "فولكس واجن" التي عرضت سيارتها في المعرض ذاته ترى أنها ستبيع قرابة المليون سيارة من نوع " VW I.D " وسيارة "BUDD-E" الكهربائية التي لا تزال تعاني من قلة الأقبال عليها في ولاية "كاليفورنيا". فشركة "فولكس فاغن" تضع في اعتبارها تسويق هذا النوع من السيارات، إذ تقدم المنتجات الملحقة والكماليات بتلك السيارات، بجانب أنها توفر لزبائنها اختيار سعة البطارية بشكل الذي يلبي معها رغباتهم.
فالسيارات الكهربائية العصرية يجب أن يتوفر معها محطات شحن كهربائي أو يتوفر وسيله لشحن أخرى داخل المنازل، فكل ما على صاحب السيارة فعله أن يضعها على الشاحن الكهربي لمدة 20 دقيقة. ويقول أحد المقتنيين لسيارة " BMW i3 " الكهربائية بأنه يواجه صعوبة بالغة في شحن سيارته لانعدام توفر محطات الشحن الكهربي في مدينته. فتعد شركة تصنيع السيارات الذكية "تيسلا موتورز" وعلى رأسها مديرها التنفيذي ومهندس الإنتاج بها إيلون ماسك، أمل صناعة السيارات الكهربائية في الأعوام المقبلة، إذ توفر لعملائها شحنًا مجانيًا لسيارتهم لمدة عام كامل. كما أنها في طريقها لتطوير شبكات المحطات الشحن الكهربائي داخل أوروبا. فشركة "تيسلا موتورز" ليس في أجندتها التعاون مع صناع سيارات آخرين لتقليل انبعاثات غاز ثاني أكسيد الكربون لكن الشركة وحده قادرة على تحقيق ذلك بمفردها من خلال منتجاتها. فهذه المشارع الصديقة للبيئة التي تعمل عليها شركة "تسيل موتورز" ليست بثمن المنخفض بل أقل تكلفة من مشروع تطوير محرك الكبس وناقلات الحركة الخاصة به. ويصرح أحد صانعي السيارات في العالم بأن سيارات الكهربائية ستصب أرباح مبيعاتها في صالح تطوير محركات "الاحتراق الداخلي"، إذ أنه من الصعب التخلي الكامل على محركات "الاحتراق الداخلي" الجديدة في الحالة التي عليها الآن.
وقد أعلنت حكومة "النروج" بأنها ستحظر استخدام وتصنيع محركات "الاحتراق الداخلي" وسار على نهجها دول أوروبية بما فيها ألمانيا. ولتلبية ذلك أعلنت شركات مرسيدس وفولكس فاغن وبورش بأنها ستكشف النقاب عن سياراتها الرياضية الكهربائية خلال الثلاث السنوات المقبلة. إذ يجذب هذا النوع من السيارات العديد من الزبائن من الولايات المتحدة والصين. كما أن شركة "بي أم دابليو" وشركة "تيسلا موتورز" ستدخلان هذا السوق بقوة بسياراتهما الكهربائية العصرية.
وتجيب شركة "تيسلا موتورز" عن السؤال الذي يحير الكثيرين حول سبب تصنيع سيارات كهربائية صديقة للبيئة، إذ يرجع هذا الأمر التحرك العالمي حول استخدام الطاقة النظيفة وبجانب ذلك تمنح تلك السيارات الرفاهية والراحة لسائقيها. فمن المفارقات العجيبة أن صانعي السيارات بنهاية القرن التاسع عشر طوروا المحرك "الاحتراق الداخلي" بسبب ضعف البطاريات في ذلك الوقت، لذا من الأسهل الحصول على الطاقة من الوقود. لكن بعد ذلك ظهرت السيارات الكهربائية التي ستحل محل السيارات التقليدية مستقبلا. فإن كنت في حيرة من أمرك حول إمكانية تطوير واستخدام السيارات الكهربائية، عليك إذن أن ترجع الى الماضي بنحو 140 سنة لتلقي نظرة سريعة، ثم اتبعها بعد ذلك بنظرة للحاضر لتجد ما يزيل حيرتك.
أرسل تعليقك