خذ نفسًا عميقًا. أنها نصيحة مألوفة قلما نأخذ بها. ولكني أعطيها قدرًا من الاهتمام حينما أتمدد على الأرض مع عشرة أشخاص آخرين في حجرة في مدينة فرنهام التابعة إلى سري في إنكلترا.
تقع رأسي على وسادة صفراء، بينما يغطي غطاء رقيق جسدي. وتستلقي بجواري سوزي بويسر، الطبيبة النفسية البالغة من العمر 38 عامًا، القادمة من مانشستر لحضور ورشة عمل يديرها أنطوني دونكلي، مؤسس مؤسسة "كمياء التنفس"، وخبيرة العلاج الطبيعي الأميركية أمي راتشيلا.
وهدف الورشة هو مساعدة الناس على فهم ماذا يحدث لهم إذا تنفسوا "بعمق وشكل كامل"، كما قالت أنطوني التي وصفت هذا بأنه "أكثر الطرق فاعلية لتقليل الضغط".
البعض هنا لإصابته بنوبات ذعر أو مشاكل عاطفية، والبعض الآخر مثلي جاء لمعرفة المزيد عن فعل التنفس، الشيء الذي يؤخد وكأنه مفروغًا منه.
وعلى الرغم من أنه يبدو أمرًا "غير مألوف"، إلا أن الحقيقة أننا لا نتنفس على ما يرام، ما يسبب مشاكل على صحتنا، وعلة وظائفنا العقلية وحتى على طريقة تحدثنا.
وقال الدكتور جيمس هول، إستشاري الجهاز التنفسي بمستشفى رويال برموتون ي لندن، إن ضعف التنفس "أو الخلل الوظيفي في التنفس" يمكن أن يؤدي إلى الغثيان والصداع وضيق الصدر وفقدان التركيز.
ونحن نتنفس في المتوسط 14 مرة شهيق وزفير في الدقيقة. وغالبا بدون بذل مجهود، ولكن في لحظات التوتر يمكن ظهور ما سماه دكتور هول "اضطراب في نمط التنفس".
وأحيانًا يظهر هذا وكأننا نتنفس بسرعة أو الشعور بأننا نختنق، ويمكن أن يؤدي هذا بدوره إلى تضييق الحنجرة والتأثير على الكيفية التي نتحدث بها وإعطاء إحساس الشعور بالذعر.
وقال هل "هذه آلية دفاعية، كاستجابة للضغط، ويمكن التغلب على هذا فورا، ولكن يحتاج هذا بعض الإرشادات".
ويعتقد دكتور هل الذي يدير "خدمة ضيق التنفس غير المبرر" في بورمتون، أن عدد من يعانون من اختلال في وظيفة التنفس يزيد.
وأضاف: "في الكثير من الأحيان تشخص حالة من يعانون بضيق في التنفس بالخطأ على أنهم مصابين بالربو، ويرجع هذا، جزئيًا، إلى الحشرجة التي نحدثها عندما تضيق الحنجرة".
وأشار هل إلى أنه في العادة لا يوجد ما يستدعي أخذ علاج، فقط جلسات تمرينات تنفس عند إخصائي تنفس.وخطوة رئيسية في طريق العلاج هي التنفس من خلال الأنف بدلا من الفم لأن الاستنشاق يجعل الحجاب الحاجز يعمل بشكل أكثر قوة، وينشط العضلات التي تعمل مثل المنفاخ، ما يساعد على إخراج نفس أعمق.
ويعمل الأنف كمرشح ومرطب، يدفئ الهواء الداخل للرئتين، حيث أن الهواء البارد يمكن أن يهيج الألياف العصبية، يؤدي للسعال. وتلعب أيضًا الأنف دور الفرامل التي تبطئ التنفس باستمرار.
كما أن التنفس عن طريق الفم، خصوصا في الليل، قد يؤدي لزيادة التعرض لخطر تسوس الأسنان.
فوفقًا لدراسة نيوزلاندية نشرت في فبراير/شباط في دورية "أورل ريهابليتيشن"، فإن التنفس عن طريق الفم قد يبخر اللعاب القلوي فلا يمكن إبطال مفعول الأحماض التي تنتجها بكتريا الفم.
ومعظم مستشفيات وزارة الصحة توفر تمرينات التنفس التي شرحها الدكتور هل. فأنطوني دونكلي، البالغة من العمر 62، أنشأت "كمياء التنفس" قبل ثلاث سنوات.
وفي ورش العمل التي يلقيها عن العصر الجديد من أنواع العلاج، ينصح بالتنفس عن طريق الأنفم.
وفي بداية الجلسة، طلب منا غلق أعينا والتركيز على تنفسنا، فالبدء بالشهيق بعد الزفير مباشرة، أطلق عليه "التنفس المتصل". واراد أن نطلق مع تنفسنا أي شعور سلبي أو إيجابي.
وفي وقت لاحق، تم تشغيل موسيقى هادئة، قبل أن يملأ أنثوني وأيمي الغرفة بالروائح العطرية الباعثة على الهدوء. ثم بعد ذلك أخذا في العزف على الآلات الإيقاعية لدعم تنفسنا.
وفي الزفير أجد نفسي مستريخية ما سمح له بالخروج بوتيرة أطول وابطأ مع إحداث صوت يشبه الشخير، وشعرت بوخز في يدي، وصدري أصبح متخدرًا قليلًا، مع شعور بالدوار، ولكنه دوار آمن.
وأثار هذا فضولي للبحث عن مزيد من تعليمات،وذلك عبر حضور جلسة "التنفس الواعي" في منتج صحي في كورنثيا بلندن. وبدأنا فيه بتمرينات توسيع التنفس، حيث يشمل التنفس القفص الصدري والضلوع بالكامل، قبل إضافة نفس صغير للداخل في نهاية عملية التنفس.
ويوضح الطبيب المعالج ميشيل ماثيوز كيف أن التتنفس بالفم الأكث هيمنة، لذا قمنا بما يسمى "بدائل التنفس عن طريق الأنف". وفي نهاية الجلسة أصبحت مسترخية بالكامل، وهو ما يجعلك نفكر في تنفسك.
وكما قال الطبيب أنوندو برينجي ، طبيب الجهاز التنفسي في مستشفى ساوثامبتون، فغن التنفس بشكل غير صحيح يمكن أن يؤثر على مستويات ثاني أكسيد الكربون في الدم.
وقال: "إن التنفس سريعا يعني الحصول سريعا على الكثير من أكاسيد الكربون، وهو بدوره ما يجعل جهاز التنفسي بالكامل قلويا". وأضاف أن التوتر يؤثر على الطريقة التي نتنفس بها، ما يجعل التنفس قصيرا وحاد.
وفترات التوتر الطويلة تجعلنا نتنفس باستخدام الثلث الأعلى فقط من الرئة، وهو ما يعد نذير بالإصابة باللهاث. ويرى الدكتور برينجي فائدة جلسات التنفس مثل التي ينظمها أنثوني بأنها "تركيز على عيوب التنفس، وتمنح الإحساس".
لا يمكني إدعاء بأن الجلسات جعلتني اهدأ، ولكني لاحظت عند الجلوس بلا أي عمل في القطار، بدأت في ممارسة التنفس بشكل أكثر وعيا، ما جعلني أشعر بتحسن في التنفس.
أرسل تعليقك