دمشق - العرب اليوم
على وقع تراكم مفاعيل الأزمات التي تعصف في سوريا طيلة أكثر من عقد، والحرب التي ألقت بظلالها السلبية على مختلف القطاعات الانتاجية والخدمية الحيوية في البلاد، وفي مقدمها قطاع الرعاية الصحية وصناعة الأدوية التي بات ارتفاع أسعارها الكبير قياسا بتدني دخل الفرد السوري. كل هذا دفع بالمواطنين للجوء لخيار التداوي بالأعشاب والطب الشعبي، على علاته ومخاطره الصحية، في ظل الغلاء الذي يعصف بأسعار الغذاء والكساء والدواء. لدرجة أن محلات العطارة المختصة ببيع التوابل والأعشاب، باتت تنافس الصيدليات في كونها مقصدا للسوريين المرضى، الباحثين عما يشفيهم ويخفف آلامهم، وحتى للباحثين عن علاجات تجميلية وتنحيفية عن طريق "الطب البديل".
ورغم أن الكثيرين يدركون مخاطر الاستعاضة بالأعشاب والتوابل عن الدواء، لكن ضيق ذات اليد، وتفشي الفقر والبطالة والغلاء يجعلهم مضطرين على فعل ذلك، فيما يجادل آخرون في أن تعاطي الأعشاب كدواء تبقى تداعياته المحتملة أقل ضررا من الآثار الجانبية للأدوية، علاوة على أنها رخيصة السعر وفي متناول الجميع.
وحول شيوع هذه الظاهرة ومفاعيلها الكارثية على الصحة العامة للمواطنين السوريين، تقول الصيدلانية السورية، نيرمين محمد سعد، في حديث لمصدر إعلامي : "انتشرت ثقافة التداوي بالأعشاب مؤخرا نظرا لظروف الغلاء التي تشهدها البلاد، فباتت الملجأ الأوفر والأكثر اقتصادية، وقد تم تداولها بين الناس بشكل خاطئ وعشوائي دون إدراك لكم المخاطر والتداخلات التي تحملها، ويتم الاعتماد عليها بكونها منتجات طبيعية واعتقاد أنها آمنة تماما".
وتضيف: "مؤخرا تشابهت معظم الأدوية بتراكيبها مع الأعشاب وتم العمل على تصنيع تراكيب مشابهة قدر الامكان للوصول للفعالية المطلوبة، وقد كان للمنتجات العشبية فعالية في علاج العديد من الأمراض حيث تم استخدام الكركم كمضاد للالتهاب لاحتوائه على الكركمين، واستخدام النعناع لتخفيف آلام المعدة والتشنج واستخدام القرفة لخفض السكر، أكليل الجبل لتحسين الادراك المعرفي والذاكرة والبابونج لتهدئة الأعصاب، بالإضافة للزنجبيل لعلاج العديد من مشاكل الجهاز الهضمي". لكن تكمن خطورة الأعشاب في الاستخدام العشوائي لها، فيعتقد الناس بأنها مفيدة على طول الخط ولا ضير في استهلاكها، كما ترى سعد، مضيفة: "وأنها لا تحمل أي مخاطر ويتم تناولها بكميات كبيرة دون معيار محدد، أو انتباه لاحتمال تداخل قد يحصل مع دواء أو منتج عشبي آخر قد يصل إلى حد السمية".
وعن أمثلة التداخلات الخطيرة تلك، تقول الصيدلانية السورية: "تداخل الزنجبيل مع الميترونيدازول حيث يتسبب بعدم إطراح الميترونيدازول وتراكمه في الجسم والوصول إلى آثار سمية، بالإضافة لتداخل أكليل الجبل مع الأسبرين وخطورة حدوث نزوف لدى المرضى المعالجين بالأسبرين تزامنا مع تناول أكليل الجبل".
ختاما يجب التنويه إلى أن الأعشاب تحوي مواد مشابهة لتراكيب الأدوية في معظم الأحيان لذلك، تردف سعد: "يجب تناولها بحذر وبكمية محددة تجنبا لحدوث أي سمية ناتجة عن تراكم تراكيز كبيرة في الجسم، وفي حال تناول أي أدوية أو وجود أي مرض مزمن لدى المريض يجب إخبار طبيبه أو استشارة الصيدلاني قبل التداوي بالأعشاب تجنبا لحدوث تداخل دوائي عشبي لدى المريض". هذا وتتعدد استخدامات هذه الأعشاب من قبل السوريين كبديل عن الأدوية تعدد الأمراض، فالزهورات والبابونج مثلا يستخدمان كمشروبين ساخنين على نطاق واسع لمكافحة نزلات البرد والإنفلونزا، فيما يستخدم مشروبا النعناع واليانسون في حالات المغص وتشنجات المعدة والجهاز الهضمي، بينما يستعمل الزنجبيل والقرفة للتنحيف، وهكذا.
قد يهمك ايضا
"الصحة" السورية تطلب من المستشفيات الانتقال لـ"خطة الطوارئ"
تعليمات جديدة لتخفيف الضغط على مراكز تحاليل كورونا في سوريا
أرسل تعليقك