حذَّرت مصادر طبية دولية من انتشار ظاهرة "التقزُّم " لحديثي الولادة في عدد من المناطق الواقعة شمال العراق وجنوبه كما أن الدراسات الميدانية التي تجريها الجهات الصحية العراقية بالتعاون مع منظمة "اليونسيف" للطفولة في مناطق شمال العراق وجنوبه وخصوصا في البصرة أثبتت ظهور حالات تقزُم بين الولادات الحديثة بالإضافة إلى ولادة أطفال بقامات قصيرة، وتعود أسباب تفشي هذه الظاهرة إلى عزوف العوائل في مناطق القرى عن تناول الأطعمة التي تحوي كميات مناسبة من مادة اليود وعدم استخدام ملح الطعام الذي يحتوي على هذه المادة.
ويعزو مختصون أسباب حدوث التقزم وحالات قصر القامة بصورة أساسية إلى أسباب خلقية وغددية واستقلالية، ففي مضمار الأسباب الخلقية، تؤدي بعض الأمراض التي تصيب الأم الحامل، كالحصبة وتسمم الحمل، وضعف التغذية أثناء الحمل إلى إنجاب مولود صغير الحجم، يعاني من مشكلة قصر القامة فيما بعد إضافة إلى جملة من الأمراض الأخرى.
ويؤكد باحثون ومتخصصون في تغذية الطفل، على أن حجر أساس تغذية الإنسان في مرحلة النضوج يوضع عادة في مرحلة الطفولة، خصوصا في مرحلة الانتقال من تغذية الطفل على العصيدة "الأغذية غير الصلبة" إلى مرحلة الغذاء الاعتيادي وتناول الطفل لطعامه على مائدة طعام العائلة، كما أن من الصعب تغيير عادات التغذية التي يكتسبها الطفل في سنواته الأولى، وترافقه هذه العادات لاحقا في مرحلة النضوج، إذ من الصعب تماما تغيير نمط ومحتويات غذائه بعد سنوات طويلة جعلت هذه التغذية جزءا من ساعته البيولوجية. وقد يواجه الإنسان البالغ، الذي تعلم عادات تغذية معينة في الطفولة، اضطرابا في عملية "التمثيل الغذائي" تمهد لظهور الأمراض المزمنة.
وتفيد تقارير وزارة الصحة إن 35% من أطفال العراق يعانون من زيادة الوزن و 18% منهم يعانون من سوء التغذية, وشنت وزارة الصحة حملة إعلامية واسعة للترويج للنظم الغذائية المتوازنة والنشاط في أوساط الشباب تستهدف الأطفال والآباء, واعتمدت كل من وزارة الصحة ووزارة التربية في العراق إجراءات برنامج تعزيز الصحة لتنفيذ برامج صحية مستقبلية في جميع أنحاء البلاد.
ويقول الدكتور شهاب حسين في معهد البحوث والتغذية في وزارة الصحة إلى "العرب اليوم" بشأن ظاهرة التقزم إن السبب الرئيسي للمرض هو نقص الغذاء لفترة زمنية طويلة وذلك لمعاناة المجتمع العراقي بسبب امراض سوء التغذية في الفترة السابقة والتقزم يظهر في حالة مزمنة في المجتمع العراقي وانعكاسات لسوء التغذية وغيرها في الفترة الماضية ونحاول في المستقبل ومن خلال جهود وعمل دؤوب أن نقلل هذه النسب، والوصول بالعراق الى مستوى جيد, لاسيما وأن العراق بحسب مختصين دوليين جيد في تنفيذ البرامج ولكن ظروفه الخاصة ادت الى تقليل هذه الفعاليات".
وأوضح الدكتور رياض عبد الامير أن العراق اليوم لا يشكو من حالات التقزم فقط والأمراض الصحية التي لها علاقة بالتغذية ونحن في العراق واغلب الدول العربية لا يوجد لديها اختصاصيين في مجال التغذية كما لا توجد هناك خطة حقيقة على مستوى الوطن او محلية في الوعي الغذائي وتوفير المستلزمات في زيادة هذا الوعي, وأشار إلى أن التخصص في مجال المشاكل الغذائية الموجودة في الوطن موضحًا أن الوعي الغذائي الذي تقوم به وزارة الصحة فقط وعلى مستوى محدود جدا بكوادرها العاملة في المراكز الصحية لا يكفي ".
وأضاف, "يفترض أن تشارك كل القنوات الاعلامية في زيادة الوعي الغذائي للمجتمع كما يفترض من وزارة التربية والتعليم العالي أن تدخل حتى في مناهجها التعليمية العلوم الغذائية وما هي الأغذية المهمة لبناء الجسم وما هي الاغذية الضارة والمشاكل الصحية التي تتسب بالعادات السيئة للغذاء، اضافة الى وزارة التجارة لفحص الطحين والملح والتأكد من نسب والحديد اليود في الملح والطحين.
واستكمل, "ظهرت لدينا مشكلة السمنة المفرطة للأطفال والتي لم تكن موجودة سابقا بهذا الحجم الى جانب حالات تسمى بالوزن المنخفض تحت الطبيعي اضافة الى فقر الدم لدى الامهات الحوامل والاطفال، وهذه المشاكل كلها لا يمكن أن تقوم بها وزارة الصحة وحدها او كوادرها بل يجب أن تكون خطة على مستوى وزارة التعليم العالي لتشجيع دراسات التغذية وكذلك الاستعانة بالبعثات وايجاد متخصصين في الخارج كي يعودون الى العراق لفتح مراكز متخصصة في مجال التغذية".
واشار الى أن التقزم انخفض الى نسبة 22% حسب وزارة الصحة لكل العراق ووفقًا المسح الاخير التي قامت به اضافة الى ارقام اخرى للسمنة وفقر الدم.
يُذكر أنَّ الحرب العراقية على مدى السنوات الماضية أدت إلى إنهيار في عدد كبير من القطاعات الأساسية وأدت إلى إختلال في النظام الصحي وظهور أعراض لأمراض غريبة.
أرسل تعليقك