لندن ـ العرب اليوم
إن مضادات الأكسدة هي سلاح الطبيعة ضد الجزيئات الضارة التي تسمى "الجذور الحرة"، والتي يصنعها الجسم باستمرار أثناء قيام الخلايا بعملها. يمكن لهذه الجزيئات غير المستقرة أن تلحق الضرر بخلايانا وتسبب أمراضًا مثل السرطان مع التقدم في العمر، بحسب ما نشره موقع Live Science. يتم تصنيع بعض مضادات الأكسدة في الجسم، في حين أن البعض الآخر يحصل عليه الجسم من النظام الغذائي، مثل البيتا كاروتين من الجزر والليكوبين من الطماطم والبوليفينول من العنب. ويُعتقد أن جميعها تمنع وتحد من تلف الخلايا، أو "الإجهاد التأكسدي"، الذي تسببه الجذور الحرة.
تظهر الأبحاث أن الأشخاص الذين تكون وجباتهم الغذائية مليئة بالفواكه والخضراوات والبقوليات الغنية بمضادات الأكسدة يميلون إلى تقليل خطر الإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية والسرطان والوفاة المبكرة لأي سبب. لذلك من السهل أن يعتقد البعض أن زيادة تناولهم لمضادات الأكسدة، عن طريق تناول المكملات الغذائية، على سبيل المثال، سيكون مفيدًا. ولكن بالمقارنة مع الأطعمة، فإن المكملات الغذائية تجعل من السهل تجاوز الجرعات الموصى بها من مضادات الأكسدة، والتي يمكن أن تكون ضارة بالفعل.
تتراوح الآثار الجانبية للجرعات العالية من مضادات الأكسدة من خفيفة إلى خطيرة جدًا. على الجانب الأكثر اعتدالًا، من المعروف أن الكميات الكبيرة من البيتا كاروتين تحول الجلد إلى اللون الأصفر أو البرتقالي، وهو أمر لافت للنظر، ولكنه ليس ضارًا في حد ذاته. إن الإفراط في تناول فيتامين C يمكن أن يؤدي إلى مشاكل في الجهاز الهضمي، مثل الإسهال والغثيان وتشنجات البطن.
والأخطر من ذلك هو أن الجرعات العالية من البيتا كاروتين قد تزيد من خطر الإصابة بسرطان الرئة وأمراض القلب والأوعية الدموية لدى الأفراد المعرضين بالفعل لخطر كبير للإصابة بهذه الأمراض، مثل المدخنين الحاليين والسابقين والأشخاص الذين تعرضوا للأسبستوس. أن هناك أيضًا أدلة من الدراسات التي أجريت على الحيوانات والأنسجة البشرية تشير إلى أن مضادات الأكسدة يمكن أن تشجع نمو وانتشار بعض أنواع السرطان.
كما ثبت أن مكملات فيتامين E ذات الجرعات العالية تتفاعل مع بعض الأدوية، مثل الأسبرين والوارفارين والتاموكسيفين والسيكلوسبورين A. كما تم ربطها بزيادة خطر الوفاة المبكرة لدى الأشخاص المصابين بأمراض مزمنة. وتشير نتائج هذه الدراسات إلى أن تناول كميات زائدة من مضادات الأكسدة يمكن أن يكون سيئًا للإنسان، لاسيما وأن أحد الأسباب هو أن الكميات المنخفضة من الجذور الحرة يمكن أن تكون مفيدة بالفعل.
يقول إسماعيل لاهر، أستاذ علم الصيدلة في جامعة كولومبيا البريطانية، إن "هناك الكثير من الأدلة التي تشير إلى أن الجذور الحرة لها أدوار مفيدة في العمليات الفسيولوجية"، شارحًا أنه عند التركيزات المنخفضة، تساعد الجذور الحرة الخلايا على النمو وتشكل جزءًا من آلية دفاع الجسم ضد الأمراض. كما أنها تشارك في عملية التمثيل الغذائي، أو تحلل الأدوية، وتشارك في التواصل بين الخلايا.
ولكن "إذا تم استهلاك الكثير من مضادات الأكسدة، يمكن أن تتعطل هذه العمليات الطبيعية والأساسية، مما يؤدي إلى تأثيرات غير مرغوب فيها"، بحسب ما ذكره جيمس كيهرر، الأستاذ الفخري وعميد كلية الصيدلة والعلوم الصيدلانية بجامعة ألبرتا، الذي يوصي بتخطي المكملات الغذائية، والالتزام بنظام غذائي صحي.
وأضاف كيهرر قائلًا إنه "عندما يتناول شخص ما نظاما غذائيا متوازنا يتضمن ما يكفي من الفواكه والخضروات، سيتم استهلاك الكمية المناسبة من مضادات الأكسدة"، مؤكدًا أنه "نادرا ما تكون هناك حاجة للمكملات الغذائية، هذا إن وجدت، إلا في حالة الغياب طويل الأمد لنظام غذائي مناسب، أو في بعض أنواع الأمراض." على سبيل المثال، قد يُنصح باستخدام المكملات الغذائية إذا كان الشخص يعاني من ترنح نتيجة لنقص فيتامين E المعزول AVED، وهو اضطراب تنكس عصبي وراثي نادر.
وأشار لاهر إلى أن ممارسة التمارين الرياضية مهم أيضًا، موضحًا أن الجسم قادر على إنتاج مضادات الأكسدة الخاصة به، وتزيد التمارين الرياضية من إنتاج مضادات الأكسدة المدمجة في العضلات والقلب والكبد.
فإذا كان الشخص يفكر في تناول مكمل مضاد للأكسدة، فيجب أن يناقش الأمر مع طبيب، لأنه من الضروري أن يكون على دراية بجرعات المكملات الغذائية وكيفية توافقها مع نظامه الغذائي اليومي، إذ إن الاستهلاك الزائد يمكن أن يؤدي إلى التسمم، علاوة على أنه يجب معرفة ما إذا كان المكمل قد يتفاعل مع أي دواء يتم تناوله.
عندما يتعلق الأمر بمضادات الأكسدة، فإنه من المهم النظر في مفهوم يسمى "الهرمون"، وهو عندما يكون لجرعة منخفضة من مادة ما تأثير مفيد ولكن الجرعة العالية لها تأثير سام. أو كما قال كيرر: "إذا كان القليل جيدًا، فإن الكثير ليس أفضل".
قد يهمك أيضــــــــــــــــًا :
أرسل تعليقك