أكد وزير المالية السعودي الدكتور إبراهيم العساف أن لدى المملكة استراتيجية للنمو مصحوبة ببرنامج استثماري، مشدداً على أن السعودية عازمة على استمرار هذا البرنامج على رغم تراجع سعر النفط أخيراً، مشيراً إلى اتخاذ إجراءات لدعم المؤسسات الصغيرة والمتوسطة وتمكينها من الحصول على التمويل ومواصلة الاستثمار في التعليم والصحة وتوظيف العمالة وغيرها من البرامج الاجتماعية.
وقال خلال مشاركته في فعاليات منتدى التشاور الإقليمي لمجموعة الأعمال «B20» المنبثقة عن مجموعة الـ20 الذي نظم بمقر المصفق السعودي الإسلامي للإنماء والتشغيل التابع للغرفة التجارية الصناعية بجدة أمس: «أن دول الـ20 تعمل على تحفيز النشاط الاقتصادي وتجنب الآثار السلبية للأزمة المالية العالمية، وبذل المزيد من العمل لتحفيز النشاط الاقتصادي العالمي»، موضحاً أن اجتماع وزراء المالية في العاشر من فبراير الجاري استعرض خلاله وزراء المالية ومحافظي البنوك المركزية في مجموعة الـ20 أوضاع الاقتصاد العالمي، إذ تمت الإشارة إلى بطء التعافي الاقتصادي بوجه عام وتفاوت مراحله بين الدول. مشيراً في الوقت ذاته إلى مساهمة السعودية في تنفيذ جدول أعمال مجموعة الـ20.
وأضاف العساف: «أجدد تأييدي للأولويات الثلاث التي وضعتها تركيا لرئاستها مجموعة الـ20 لهذا العام، وهي: «التنفيذ» و«الاستثمار» و«الشمولية في النمو»، إضافة إلى الأسس الثلاثة التي سيبنى عليها عمل مجموعة الأعمال «B20» وهي «الاستمرارية» و«الشمولية» و«الترابط»، إذ ستكون المملكة مشاركاً فعالاً في العمل لتحقيق هذه الرؤية المميزة».
وبيّن وزير المالية أهمية عمل مجموعة الأعمال في دعم الجهود الرسمية لتعزيز تعافي الاقتصاد العالمي، الذي لم يتحقق بشكل كامل على إثر الأزمة المالية التي حدثت خلال عام 2008، وزاد: «إنه منذ ذلك الحين يحرص وزراء المالية ومحافظو البنوك المركزية في مجموعة الـ20 على متابعة التعافي الاقتصادي بشكل دقيق ومنتظم وقد اتخذت دول مجموعة الـ20 إجراءات فردية وجماعية لتحفيز النمو وإعادة الأسواق المالية إلى مسارها الصحيح والمستقر».
ونوّه بالنمو الذي يساعد على إيجاد فرص العمل، الذي يجب أن يظل على رأس الأولويات العالمية في هذا المنعطف الحاسم، مشيراً إلى أن حكومات مجموعة الـ20 عليها مسؤولية تنفيذ الإصلاحات الهيكلية اللازمة لتحفيز النمو وينبغي في هذا السياق أن تحظى دول المجموعة ببيئة محفزة لازدهار الأعمال محلياً وعلى المستوى الدولي ولا تستطيع الحكومات القيام بذلك وحدها ولذلك تُعَلَّق أهمية كبيرة على دور القطاع الخاص وبالتالي مجموعة الأعمال «B20».
وقال: «من وجهة نظري يمثل الاستثمار طويل الأجل ولا سيما في البنية التحتية والمشاريع الصغيرة والمتوسطة وفرص العمل والتجارة وقواعد التنظيم المالي والأمن الغذائي، مجالات يمكن أن يحقق فيها القطاع الخاص، ثم مجموعة الأعمال نتائج إيجابية»، موضحاً أنه: «بالنسبة للاستثمار طويل الأجل في البنية التحتية طلبت مجموعة الأعمال «B20» إقامة مركز للبنية التحتية العالمية، وأصبح هذا المركز حقيقة واقعة وسيبدأ عمله في وقت قريب، وقد أعلنت المملكة عن التزامها بالمساهمة في تمويل هذا المركز وينبغي أن تضطلع مجموعة الأعمال «B20» بدورها في الربط بين عرض البنية بالفرص المتاحة والمساعدة في تحديد مجالات الإصلاح التي يمكن للحكومات ترتيبها على أساس الأولوية ثم القيام بتنفيذها».
وفي ما يتعلق بالمشاريع الصغيرة والمتوسطة أشار العساف إلى أنها مصدر فرص العمل الأكبر على الإطلاق لكن الاستفادة من إمكاناتها أقل بكثير من مستوى الاستغلال الكامل وبروح «الترابط» و«المشاركة» اللذين يشكلان الأسس للرئاسة التركية لمجموعة الـ20 ينبغي أن تتفاعل مجموعة الأعمال «B20» تفاعلاً نشطاً مع المنظمات المعنية بالمشاريع الصغيرة والمتوسطة على أن يكون الهدف من ذلك هو تعزيز فهم المجموعة لحاجات هذه المشاريع والتطلعات التي تطمح إليها والإمكانات التي تتمتع بها واقتراح ما يمكن للحكومات القيام به لتحسين مناخ الأعمال الكلي لهذه المشاريع.
وأضاف: «إنه بالنسبة إلى فرص العمل لا يزال التعافي العالمي دون المستوى المأمول حتى الآن وربما يكون عدد الوظائف الجديدة التي أضافتها التقنية الحديثة أقل من عدد الوظائف التي تم إحلال التقنية محلها، وفي بعض الدول ظلت الأجور الحقيقية ثابتة أو انخفضت، وتواجه الكثير من الدول معدلات بطالة مرتفعة وقضايا تتعلق بسوق العمل، وبالنظر إلى حجم التحدي الراهن ينبغي الجمع بين مبتكرات القطاع الخاص وإجراءات القطاع العام، ولذلك أتطلع إلى رؤية مجموعة الأعمال «B20» لتوفير وظائف عالية الجودة، خصوصاً للشباب».
وأفاد أن نمو التجارة العالمية قد تباطأ على نحو يثير القلق حتى وصل الآن إلى نصف ما كان عليه قبل الأزمة المالية العالمية، مؤكداً أن التجارة عامل حيوي لتحقيق النمو وزيادة فرص العمل، إلا أن إمكانات المشاريع الصغيرة والمتوسطة غير مستغلة بالكامل وعليه فهناك زوايا عدة يمكن أن تبحثها مجموعة الأعمال «B20» في مجال التجارة وتعزيزها على المستوى الدولي.
وبالنسبة لجدول أعمال الإصلاحات المالية العالمية، نوّه العساف إلى أنه تم إحراز تقدم في دفع هذه الإصلاحات، وأصبح التركيز منصباً على استكمال بقية البنود المدرجة على جدول الأعمال، وفي هذا السياق يمكن لمجموعة الأعمال أن تقدم مساهمة مهمة في تحديد ما هي الإصلاحات المطلوبة وأثارها على بنوك الأسواق الصاعدة.
وفي ما يتعلق بالأمن الغذائي، قال: «لعل مجموعة الأعمال «B20» أن تنظر في القضايا المتعلقة بالهدر الغذائي والأراضي الصالحة للزراعة غير المستغلة من منظور قطاع الأعمال، فالهدر والخسائر الغذائية ليست مجرد هدر اقتصادي بل إنها إسراف غير مقبول في الوقت الذي نشهد فيه الكثير من الجوع وسوء التغذية في الدول الفقيرة، ولذلك ينبغي أن تطرح مجموعة الأعمال أفكاراً عما يمكن أن تقوم به مؤسسات الأعمال وما يجب عليها القيام به، لكي تؤدي دورها في خفض الهدر والخسائر الغذائية، وكذلك النظر في كيفية تشجيع الاستثمار المسؤول في الأراضي الزراعية غير المستغلة والخدمات اللوجستية المصاحبة».
وأكد العساف أن هذا النوع من الاستثمار لن يساعد على توسيع القاعدة الزراعية للإنتاج الغذائي فحسب بل سيكون مردوده مجزياً من الناحية المالية. وعلينا التفكير في نماذج للاستثمار يمكن أن تؤدي إلى دخول المجتمعات المحلية وصغار ملاك الأراضي في شراكة مع المستثمرين تعود بالنفع على الطرفين، لافتاً إلى أن مجموعة الأعمال «B20» تمثل مصالح عدد كبير من الشركات حول العالم فهي بهذا يمكن أن تُحْدِث فرقاً حقيقياً في تنفيذ جدول الأعمال الطموح الذي وضعته مجموعة الـ20.
وزاد: «أن مجموعة الـ20 قد أدركت الدور المهم لمجموعة الأعمال «B20» وجعلتها طرفاً مشاركاً في عملية تنسيق السياسات الاقتصادية العالمية بين اقتصادات العالم الكبرى، ومن هنا تتاح لصناع السياسات في مجموعة الـ20 فرصة الاستماع إلى مجتمع الأعمال العالمي بشكل مباشر وحظيت عروضكم وتوصياتكم بكل الترحيب في مختلف مسارات مجموعة الـ20، مشدداً معاليه على اهتمام المملكة بما تقومون به من عمل، متطلعاً لاستمرار جهودكم المفيدة في دعم أجندة عمل مجموعة الـ20.
من جهته، أكد نائب رئيس مجلس الوزراء في تركيا علي باباخان مضي المملكة نحو أفاق أرحب وأوسع لتعزيز اقتصادها واستقرار المنطقة كدولة فاعلة في منظومة الـ20 بقيادة خادم الحرمين الشريفين، معرباً عن ثنائه لوزير المالية ومجلس الغرف السعودية ومجموعة البنك الإسلامي للتنمية لدعم تنفيذ جدول الأعمال لدول الـ20.
ونوّه بضرورة فتح الأبواب لمساعدة الدول النامية التي تواجه مشكلات اقتصادية ودعم الشركات المتوسطة والصغيرة وتحقيق الرفاهية لها، مشيراً إلى أن هذا المنتدى سيبحث في هذا الجانب وتأمين الاستقرار الاقتصادي وتحقيق التكامل في المنطقة مع الاقتصاد العالمي وخلق الوعي تجاه هذا التكامل.
وافاد أن مجموعة الأعمال «B20» وضعت في أجندتها فتح ساحات جديدة لتنمية الاستثمارات والتركيز على المجال المهني للقوى العاملة والتوظيف ومكافحة الفساد وإعداد التقارير الخاصة بالمبادرات لمجموعة الدول الـ20، مخاطباً أصحاب الأعمال السعوديين للاستفادة من الفرص الواعدة في تركيا وسط التسهيلات التي وضعتها للاستثمار الأجنبي.
وأكد على دور المملكة الريادي في الاستقرار الاقتصادي والسياسي ومحاربة الإرهاب بكل صوره وأشكاله، مشيراً إلى أن المملكة وتركيا وإندونيسيا هما الدول الإسلامية الثلاث في دول الـ20، الذين سيرسخون مفهوم المساعدة والتعاون مع الدول الفقيرة خارج منظومة الدول الـ20.
أرسل تعليقك