> "يبدو أنّي فاتح مصنع أو ببيع كهرباء أو عندي صالات أفراح"...بهذه العبارة سخر الأردنيّ عماد من فاتورة استهلاك الكهرباء لمنزله الشهر الماضي، والتي نشرها عبر صفحته على فيسبوك وبلغت قيمتها 154 دينارا (حوالي 217 دولارا أميركيّا) قبيل اعتماد تعرفة جديدة.وقال عماد في حديث لوكالة أنباء العالم العربي إنّه بدأ يرصد ارتفاعات متتالية في قيمة فاتورة الكهرباء منذ أشهر، على الرغم من أنّه لا يملك سوى جهاز تكييف واحد في المنزل وسجّل في الدعم الحكومي المخصّص للمنازل.
عماد، الذي يؤكّد أنّ فواتير الماء والكهرباء والإنترنت والاتصالات تمثّل عبئا كبيرا عليه وتستنزف نحو 40% من دخله الشهري، يرى في الوقت ذاته أنّ الحكومة الأردنيّة "تُحاول تعويد المواطن على فواتير كهرباء مرتفعة، تمهيدا لتطبيق التعرفة الجديدة على المنازل" بحسب وصفه.
أمّا عائشة، وهي ربّة منزل، فقالت إنّ موجات الحرّ المتتالية التي شهدتها المملكة خلال الأسابيع الماضية زادت استخدامها لمكيّفات الهواء في المنزل وضاعفت بالتالي فاتورة الكهرباء في الشهرين الماضيين إلى قرابة 60 دينارا من 20-25 دينارا في الشتاء الماضي.
ترى عائشة أن هذا الرقم كبير جدا بالنسبة لدخل أسرتها الذي لا يتجاوز 400 دينار؛ ولا تثق أن التعرفة الجديدة ستكون أفضل، حيث تقول إنّ "أسعار الكهرباء في ازدياد".
تعرفة جديدة
على الرغم من التأكيدات الرسميّة بأنّ التعرفة الجديدة للكهرباء التي ستطبق في الأردن بداية من بداية تموز يوليو المقبل لن يصحبها ارتفاع في أسعار الكهرباء، يعبّر أردنيّون عن استيائهم من ارتفاع فواتيرهم الشهريّة حتّى قبل تطبيق التعرفة الجديدة، التي لن تشمل المنازل في مرحلتها الأولى.
وقال وزير الطاقة والثروة المعدنية الأردنيّ صالح الخرابشة في مؤتمرٍ صحفيّ يوم الأربعاء الماضي إنّ القطاع المنزلي غير مشمول حاليا في تعرفة الكهرباء المرتبطة بالزمن، حيث تدرس الوزارة تطبيق هذه التعرفة على القطاع المنزلي والقطاعات الأخرى في المستقبل.
وأكد الوزير أن أسعار الكهرباء لن تتغيّر وأنّ الهدف من التعرفة الجديدة تنظيميّ، يتمثل في ترحيل جزء من الحمل الكهربائيّ إلى فترات الاستهلاك الخفيف.
وأوضح الوزير أن التعرفة الجديدة المرتبطة بالزمن تُقسّم إلى أربعة أوقات؛ الفترة الأولى خارج الذروة من الخامسة فجرا إلى الثانية ظهرا، بينما الفترة الثانية "ذروة جزئية" وتمتدّ حتّى الخامسة عصرا، فيما تمتدّ الثالثة حتّى الساعة 11 ليلا، وهي فترة ذروة تليها فترة ذروة جزئيّة جديدة حتّى الخامسة صباحا.
ووفقا للخرابشة، فإنّ التعرفة ستنخفض في فترة خارج الذروة إلى 59 فلسا من67 فلسا، أي بما نسبته 12 في المئة، بينما ستبقى دون تغيير في فترتي الذروة الجزئية وسترتفع قليلا في فترة الذروة.
وتوقّع الوزير أن يوفّر القطاع الصناعي 2.5 مليون دينار في حال ترحيل 25% من الحمل إلى فترات خارج الذروة بموجب هذه التعرفة الجديدة.
زيادة في التكلفة؟
لكن في المقابل، يرى عماد صويص، وهو صاحب مصنع لإنتاج البلاستيك، أنّ تكلفة القطع المُصنّعة ستزداد على المصنع نتيجة التعرفة الجديدة وأن المواطن سيدفع هذه الزيادة من جيبه في النهاية.
وقال في حديث لوكالة أنباء العالم العربي إنّ مصنعه يعمل 24 ساعة يوميّا في فصل الصيف، وهو ما لا يسمح له بالتوقّف عن استهلاك الكهرباء في أوقات الذروة لتفادي التشغيل المفاجئ الذي يرفع استهلاك الكهرباء أكثر.
قرّر صويص تركيب ألواح طاقة شمسيّة في مصنعه لتجاوز مشكلة أسعار الكهرباء؛ لكنّه قال إنه سيحتاج ثلاث سنوات لتعويض تكلفة تركيب تلك الألواح.
ويرى الخبير الاقتصادي المتخصص في قطاع الطاقة عامر الشوبكي أنّ الحكومة الأردنيّة مُلزمة بتطبيق تعرفة جديدة تماشيا مع توصيات صندوق النقد الدولي للحصول على باقي دفعات قرض بقيمة 1.2 مليار دولار أميركي، والتي قال إنّ عَمّان لن تحصل عليها إذا لم تلتزم بباقي توصيات الصندوق.
كان صندوق النقد الدولي قد أعلن الشهر الماضي التوصّل إلى اتفاق على مستوى الخبراء مع الأردن بشأن المراجعة الأولى ضمن برنامج القرض، وقال في بيان إنّ هذا سيتيح لعمّان الحصول على 129 مليون دولار، بعدما حصلت على دفعة أولى بقيمة 190 مليون دولار أوائل هذا العام.
وأشار الشوبكي إلى أنّ تقرير الصندوق جاءت فيه توصيات للحكومة الأردنيّة من بينها "مواصلة تعزيز حوكمة شركات الكهرباء... والانتقال من صافي القياس إلى صافي الفوترة" وهو ما يعني ساعة الكهرباء المربوطة بالزمن بحسب رأيه.
وقال إنّ ما يمنع الحكومة من تطبيق التعرفة الجديدة على القطاع المنزلي في هذه الفترة هو عدم تركيب العدّادات الذكيّة، متوقّعا تطبيق منظومة التعرفة الجديدة على المنازل أيضا.
آثار وخسائر
توقّع الشوبكي أن تظهر آثار هذه التعرفة الجديدة على القطاعات المختلفة، لا سيّما القطاع الصناعيّ، مع الزمن، قائلا إنه "لا تُوجد ضمانات حكوميّة بعدم رفع أسعار السلع والخدمات التي تقدمها المصانع والمحال التجاريّة في حال أثّرت عليها تعرفة الكهرباء الجديدة".
وعلى الرغم من وجود فائض في إنتاج الكهرباء في الأردن، فإنّ شركات توليد الكهرباء لديها فائض في الإنتاج "متوفر فقط في ساعات النهار" بحسب وصفه، للاعتماد على الطاقة الشمسيّة في إنتاج الكهرباء، في حين لم تُلزَم هذه الشركات بتركيب بطّاريّات تخزين للاستفادة منها في أوقات أخرى.
ووفقا للشوبكي، فإنّ خسائر شركة الكهرباء الوطنيّة بلغت 1.1 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي للأردن، أي ما يعادل حوالي 400 مليون دينار خسائر سنويّة تراكمت عاما بعد عام لتصل إلى 5.5 مليار دينار.
ويرى الخبير الاقتصادي المتخصص في قطاع الطاقة أن هناك حلولا لحلّ مشكلة هذه الخسائر، من بينها ما قال إنه معالجة الفاقد من شبكة الكهرباء الأردنيّة الناتج عن "السرقات والفاقد الفنيّ نتيجة لترهّل الشبكة" والذي بلغ بحسب قوله 20-22 في المئة، بما يعادل 400 مليون دينار سنويا.
كما اعتبر أيضا أن الإجراء الثاني الذي يجب اتخاذه هو مراجعة عقود الطاقة الطويلة الأجل التي وقعتها الحكومة قبل قرابة عقد من الزمن بأسعار مرتفعة، والتي في رأيه تجعل تكاليف الكهرباء المُباعة للحكومة أعلى من أسعار الكهرباء المباعة للمواطنين ويكلّف الدولة 380 مليون دينار سنويا.
(الدولار الأميركي يُساوي 0.71 دينار أردنيّ)
قد يهمك أيضــــــــــــــــًا :
الأردن تعلن تخفيض أسعار المشتقات النفطية لشهر تموز /يوليو 2024
انقطاع التيار الكهربائي عن الجبل الأسود بالكامل وثلاث دول مجاورة
أرسل تعليقك