مجازر داعش في آثار سورية كنوز فريدة ضاعت بلا رجعة
آخر تحديث GMT07:19:02
 العرب اليوم -

مجازر "داعش" في آثار سورية كنوز فريدة ضاعت بلا رجعة

 العرب اليوم -

 العرب اليوم - مجازر "داعش" في آثار سورية كنوز فريدة ضاعت بلا رجعة

سوريا
دمشق - العرب اليوم

 لم تغير 10 سنوات من الحرب وجه سوريا عبر تدمير حاضرها وتهديد مستقبل شعبها فحسب، بل أتت على معالم أثرية عريقة وقضت على تراث رمزي ثمين.في سوريا، تركت حضارات عدة، من الكنعانيين الى الأمويين، مروراً باليونانيين والرومان والبيزنطيين، تراثاً شاهداً عليها.كانت البلاد تفخر بمواقعها الأثرية في تدمر وحلب وإدلب ودرعا ودمشق والرقة وغيرها.

وقد يكون النزاع الذي اندلع في سوريا في مارس/آذار 2011 أنتج الكارثة الإنسانية الأسوأ خلال القرن الماضي، لكن الهمجية التي ضربت التراث الثقافي أسوأ ما مرّ أيضاً على أجيال كثيرة.خلال سنوات قليلة، تحوّلت مدن قديمة إلى ساحات قتال واستحالت الأسواق الأثرية دماراً، ونُهبت قطع من مواقع أثرية أو متاحف كانت تحفظ بين جدرانها روايات من التاريخ.

في إحدى قاعات متحف تدمر العريق في وسط البادية السورية، يستذكر مدير المتحف منذ 20 عاماً، خليل حريري، معاناته مع فريقه لإنقاذ ما أمكن من قطع أثرية قبل وقوعها، كما كنوز أخرى في تدمر، في أيدي تنظيم "داعش" الإرهابي، الذي استولى على المنطقة في العام 2015.

ويقول حريري (60 عاماً): "مرّت عليّ أيام صعبة جداً، حوصرنا مرات عدة داخل المتحف".ويروي كيف ترك عائلته لنقل قطع أثرية إلى "مكان آمن خارج تدمر"، مستعيداً لحظة عودته إلى المدينة بعد سيطرة الجيش السوري عليها.ويقول: "يوم خروجي من تدمر كان صعباً، لكن اليوم الأصعب في حياتي كان يوم عودتي إليها ورؤيتي للآثار محطمة والمتحف مخرّباً".

ويضيف: "كسّروا وحطّموا كل وجوه التماثيل التي بقيت في المتحف ولم نتمكن من إنقاذها"، مشيراً إلى أن "بعض التماثيل يمكن ترميمه لكن البعض الآخر تفتت" تماماً.

جحيم وإعدامات

ويعود تاريخ مدينة تدمر المعروفة بـ"لؤلؤة الصحراء" أو "عروس البادية"، إلى أكثر من ألفي عام وهي مدرجة على قائمة منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة (يونسكو) للتراث العالمي الإنساني.

في العام 129، منح الإمبراطور الروماني أدريان تدمر وضع "المدينة الحرة". وعرفت آنذاك باسمه "أدريانا بالميرا"، وعاشت عصرها الذهبي في القرن الثاني بعد الميلاد.عرفت المدينة أوجّ ازدهارها في القرن الثالث في ظل حكم الملكة زنوبيا التي تحدّت الإمبراطورية الرومانية.

لكن وحشية تنظيم "داعش" خرّبت المدينة، فدّمر الإرهابيون تمثال أسد أثينا الشهير ومعبدي بعل شمين وبل بالمتفجرات، كما قضوا على عدد من المدافن البرجية، وحولوا قوس النصر الشهير إلى رماد.

ولم تقتصر آثام التنظيم الإرهابي على تدمير آثار المدينة فحسب، إذ ارتكب عناصره أشنع جرائمهم فيها. واستخدموا المسرح الروماني لتنفيذ عمليات إعدام جماعية بثوا صور بعضها عبر أدواتهم الدعائية.

وبعد أيام قليلة من سيطرتهم على تدمر، أعدم الإرهابيون مدير الآثار السابق للمتاحف في المدينة خالد الأسعد (82 عاماً) بقطع رأسه وتعليقه على عمود كهرباء في ساحة المدينة، بعدما عذبوه، محاولين أن يعرفوا مكان القطع الأثرية التي تم إنقاذها.ويعد التخريب والدمار اللذان لحقا بتدمر من أبرز الخسائر التي تكبدها التراث السوري ولا يمكن تعويضها، فيما لم يستثن النزاع منطقة من البلاد.

ويقول جاستين ماروزي، المؤلف والمؤرخ الذي كتب عن المنطقة وتراثها: "بكلمتين، إنها كارثة ثقافية".ويذكر هذا الدمار الذي لحق بالآثار السورية في العقد الأخير بعصر آخر، عندما تسببت الإمبراطورية المغولية التي أسسها جنكيز خان، بمجازر مماثلة.

ويوضح ماروزي، مؤلف كتاب "الإمبراطوريات الإسلامية: خمس عشرة مدينة تعرّف الحضارة": "عندما يتعلق الأمر بسوريا والشرق الأوسط على وجه الخصوص، لا يسعني إلا التفكير على الفور بتيمور، أو تيمورلنك الذي تسبب بجحيم هنا عام 1400".

ويجر الكلام عن الفاتح المغولي إلى مصير حلب، المدينة التي كانت تعد العاصمة الاقتصادية قبل النزاع وتضمّ إحدى أفضل المدن القديمة المصنفة جزءاً من التراث العالمي.

وإذا كان تيمورلنك أمر بذبح الآلاف من سكان حلب لدى غزوها قبل ستة قرون، إلا أن الدمار الذي حلّ بها خلال العقد الأخير لم يكن صنيعة غزاة خارجيين.

أيام صعبة

خلال توليه مهامه كمدير عام للآثار والمتاحف، عاصر مأمون عبد الكريم (54 عاماً) السنوات الأكثر قسوة على آثار سوريا بين 2012 و2016.

ويقول من متحف دمشق، بينما يقف قرب تمثال أسد اللات الذي أعيد ترميمه بعد تهشيمه في تدمر: "منذ نحو ألفي سنة، لم يمرّ في تاريخ سوريا أسوأ مما مرّ خلال فترة الحرب".

ويضيف: "إنها حالة شمولية من الدمار، لا نتحدث عن زلزال في منطقة معينة أو حريق في مكان معين أو حرب في مدينة معينة، نتحدث عن الجغرافيا السورية بأكملها".

ويتذكر عبد الكريم: "هناك أيام صعبة لا يمكن نسيانها، كيوم سقوط مئذنة الجامع الأموي في حلب، ويوم احتراق الأسواق العريقة فيها".

وبخلاف "التراث المنقول" ومقتنيات المتاحف، تعرّضت المواقع الثابتة لأضرار كبيرة، خصوصاً المدينة القديمة في كل من حلب وتدمر.

ويقدّر عبد الكريم نسبة ما تضرّر بقرابة "عشرة في المئة من الآثار، وهي نسبة كبيرة في بلد يزخر بمعالمه وغني بالمواقع التاريخية".

قد يهمك ايضا:

الدفاع الروسية تنفي أنباء عن إسقاط طائرة "سو-24" روسية فوق إدلب

تشاووش أوغلو يؤكد أن اتفاق قره باغ قد يؤثر إيجابا في العلاقات مع أرمينيا

arabstoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

مجازر داعش في آثار سورية كنوز فريدة ضاعت بلا رجعة مجازر داعش في آثار سورية كنوز فريدة ضاعت بلا رجعة



إلهام شاهين تتألق بإطلالة فرعونية مستوحاه من فستان الكاهنة "كاروماما"

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 20:00 2024 السبت ,16 تشرين الثاني / نوفمبر

أفكار مختلفة لجعل غرفة المعيشة مميَّزة وأكثر راحة
 العرب اليوم - أفكار مختلفة لجعل غرفة المعيشة مميَّزة وأكثر راحة

GMT 05:45 2024 الأحد ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

علاج جيني مُبتكر يعيد السمع والرؤية لمرضى متلازمة آشر 1F
 العرب اليوم - علاج جيني مُبتكر يعيد السمع والرؤية لمرضى متلازمة آشر 1F

GMT 05:58 2024 الجمعة ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

من الرياض... التزامات السلام المشروط

GMT 12:31 2024 السبت ,16 تشرين الثاني / نوفمبر

3 خطوات سهلة لتخفيف التوتر وزيادة السعادة في 10 دقائق فقط

GMT 12:50 2024 الجمعة ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

موسكو تدعو "حماس" إلى الإفراج "الفوري" عن مواطنين روسيين

GMT 12:48 2024 الجمعة ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

انفجار قوي يهز العاصمة السورية دمشق ويجري التحقق من طبيعته

GMT 13:31 2024 الجمعة ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

واتساب تطرح ميزة “مسودات الرسائل” الجديدة

GMT 13:26 2024 الجمعة ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

ميتا تعتزم إضافة الإعلانات إلى ثردز في 2025

GMT 20:44 2024 الخميس ,14 تشرين الثاني / نوفمبر

فريق ترمب يُعدّ قائمة بمسؤولين في البنتاغون لفصلهم
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab