كورونا يغيّب العادات الرمضانية المتوارثة في الجزائر
آخر تحديث GMT00:34:35
 العرب اليوم -

بعد فرض الحجر الصحي للحدّ من انتشار الوباء

"كورونا" يغيّب العادات الرمضانية المتوارثة في الجزائر

 العرب اليوم -

 العرب اليوم - "كورونا" يغيّب العادات الرمضانية المتوارثة في الجزائر

فيروس كورونا
الجزائر ـ العرب اليوم

يحتفي الجزائريون بشهر رمضان المبارك أيّما احتفاء فيسمونه: «سيدنا رمضان». وقبل أيام من حلوله تشرع ربات البيوت بتنظيف المنازل والأثاث، واقتناء لوازم رمضان، وشراء أوانٍ منزلية «فأل خير»؛ قدور فخارية لطبخ شوربة الفريك، وصحون بيضاء تبهج الصائمين. وتقول رتيبة (ربة بيت): «الأكل يصبح أشهى بالصّحون الجديدة، والشوربة طعمها بقدرة الفخار لذيذ، ولا بدّ في رمضان من التّجديد استقبالاً للضيف (سيدنا رمضان)، يزورنا مرة في العام». وتهتم ربات البيوت كثيراً بتوابل رمضان، مثل القرفة والفلفل الأسود والحرور (سبع بهارات) والفليفة الحمراء، تطحنها ربة البيت بعد تنقيتها، فتفوح رائحتها في المنزل معلنة قدوم رمضان. تلك التّوابل تستخدم في أشهى المأكولات الرمضانية التّراثية، منها «اللحم الحلو»، وشوربة الفريك، وخبز المطلوع والبوراك، يومياً على مائدة رمضان، والإفطار بشربة حليب وبضع حبات تمر دقلة نور الشهير بالجزائر.

لقد أخفق فيروس «كورونا» في انتهاك عادات الجزائريين الرمضانية المنزلية، فلم يقتحم الحجر الصّحي، الذي ساهم، كما تقول عزيزة (ربة بيت) «في زيادة التّفنن بالمأكولات والحلويات لتزجية الوقت». لكنّ «كورونا» قصم ظهر العادات الاجتماعية والدينية المألوفة في رمضانات سابقة، فغابت أفراح الشهر وطقوسه الليلية.

عادات رمضانية متوارثة

صلاة التراويح شعيرة دينية يتوق الصائمون إليها كل رمضان، فتكتظ المساجد بالمصلين، وفي بعضها يحتل المصلون الأرصفة والطرقات، فيتوقف المرور خلال صلاة التراويح. النساء أيضاً يذهبن لصلاة التراويح في المساجد في قسم خاص. وعند خروج المصلين تمتلئ الشوارع بهم وبملابسهم البيضاء مبتهجين لينتشروا في أماكن مختلفة، أغلبهم يتسلى في المقاهي حيث يلتقون الأصدقاء، ويعلو الهرج والضّحك وهم يشربون الشاي الأخضر بالنعناع أو يرتشفون القهوة، والبعض الآخر يذهب إلى الحفلات الدينية التي تحييها فرق شعبية في الساحات العامة، أو حفلات تنظمها وزارة الثقافة في القاعات الكبرى، يدعى إليها فنانون عرب احتفاء برمضان.

وتحتفل العائلات الجزائرية بليلة النصف من رمضان بالبخور والأدعية والاستغفار، ويتصدقون على الفقراء باللحم. وتقول السيدة الزهرة من حي باب الواد الشعبي: «لا نزال متمسكين بالاحتفال بليلة نصف رمضان، لأنّها فرصة للمّ شمل العائلة والأقارب بعد الإفطار، وهي ليلة مميزة لإعداد موائد الرحمة لإطعام الفقراء وأبناء السبيل». وتختلف طقوس إحياء ليلة النصف بين منطقة وأخرى، وإن اشتركت بلمة دافئة وتقديم الصدقات والأدعية.

صوم الصغار

عادة رمضانية من عادات الأجداد، تقول السيدة فضيلة، وتضيف: «نشجع الطفل على صيام رمضان عندما يتحمس لتقليد الكبار. فيصوم تدريجياً ليتعلّم الصبر على الجوع والعطش مع الترغيب بالهدايا والمأكولات التي يحبها في إفطاره الأول. ويفطر (بالشربات) وهو ماء ممزوج بماء الزهر ومحلى بالسكر، ونضع بالكأس خاتم فضة للذكر، وخاتم ذهب للبنت، كفأل خير، وتختلف طقوس الإفطار من منطقة إلى أخرى، في منطقة القبائل يفطر الصائم الصغير على السطح دلالة بلوغه الرفعة والسمو، ويطعمونه بيضاً مسلوقاً رمز الخصوبة، بينما في الجنوب الجزائري يذبحون خرافاً ويولمون على شرف الصّائمين الصغار احتفالية تشبه العرس، لتشجيعهم على مواظبة الصّوم دون إكراه».

وختان الأطفال

غالباً ما يكون في العشر الأواخر من رمضان، لكنّ الجزائريين يفضلون ختان أطفالهم في ليلة القدر، احتفالية تشبه العرس للعائلة. يرتدي الطفل ملابس خاصة للختان؛ طربوشاً أحمر وخُفَّاً تقليدياً وصدرية مطرزة وسروالاً حريرياً أبيض، وحوله الشّموع، ويغنون التواشيح الدينية خلال وضع الحناء في كفه الصغيرة، ويقدم المدعوون الهدايا و«التويسة» أو «النقوط»؛ نقوداً ترمى في منديل مطرز بجانب الطفل، تساهم في تكاليف الاحتفالية من طعام وحلوى وشاي أخضر وقهوة.

لكنّ اللجنة العلمية لرصد ومتابعة تفشي فيروس «كورونا» دعت العائلات الجزائرية إلى «تأجيل عمليات الختان إلى ما بعد نهاية الجائحة، حفاظاً على إجراءات الوقاية وتفادياً لأخطار العدوى الناشئة عن الاجتماع والاختلاط في مثل هذه المناسبات».

البوقالة لمّة العازبات والمتزوجات

طقوس السّهرات الرّمضانية النسائية تحلو مع «البوقالة»، موروث شعبي عريق، فيها كثير من الحلم والأمل للعازبات «العواتق»، يترقبن فألاً جميلاً لمستقبلهن. تتوسط الجلسة لوازم البوقالة؛ إناء فخاري يسمى بالأمازيغية «البوقال»، فيه قليل من الماء، وبجواره بخور الجاوي بإناء نحاسي، والفحم بالكانون «النافخ». تضع العازبات خواتمهن في البوقال، وكل صبية تنوي بعقد طرف ثوبها أو خمارها أو قطعة قماش، وعلى رائحة البخور تلقي امرأة مسنة شعر البوقالة، وهو من الشعر الشّعبي المسجوع. وبانتهاء البوقالة تسحب طفلة صغيرة خاتماً من الخواتم يكون فأل البوقالة لصاحبته، ومن حق الفتاة ألّا تبوح باسم الشخص الذي عقدت النية عليه. عرفت «البوقالة» في حي القصبة العتيق بالعاصمة الشهير بأزقته الضيقة وأسطحه المتلاصقة، فتجتمع النسوة على أسطح المنازل أو في فناء البيت. ويُقدّم الشاي الأخضر بالنعناع مع المكسرات والزلابية والبقلاوة وقلب اللوز (الهريسة)، منسقة بأناقة على صينية فضية ومناديل مطرزة، تشي بمهارة «عواتق» الدار.

تلك العادات الرمضانية اختفت مع «كورونا»، الذي فرض الحجر الصحي على الجزائريين للحدّ من انتشار الوباء. حتى العيد هذا العام ليس عيداً، سيكون حجراً شاملاً خلال يومي العيد، ومنع الحضن والتقبيل في المغافرة، ويكتفي بالإشارة؛ حسب بيان لجنة الإفتاء في وزارة الشؤون الدينية: «لا يجوز أن نجعل من المغافرة وصلة الأرحام والتزاور سبباً في حدوث العدوى وانتشار فيروس (كورونا)»، مضيفة أنه «ينبغي الاكتفاء في التهاني والمغافرة وصلة الأرحام بوسائل الاتصال الحديثة للجمع بين تجسيد هذه القيم الدينية والأخلاقية والاجتماعية وبين ضمان التباعد الاجتماعي وتجنب الاحتكاك». وحثت على «دفع هذا الضرر والاكتفاء في السلام بالإشارة».

وكان رمضان حزيناً في الجزائر شأنه في الدّول الإسلامية، تسببت به جائحة «كورونا» التي شلت الحياة. الغياب القسري لعادات رمضان التراثية جراء الحجر الصّحي جعلهم يتذكرونها بحنين لأيام زمان.

قد يهمك ايضـــًا :

ترامب يؤكد أنه يتناول عقار "هيدروكسيكلوروكين" المضاد للملاريا للوقاية من فيروس كورونا

حقيقة "علامة كورونا" التي حيَّرت أطباء الجلد حول العالم

arabstoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

كورونا يغيّب العادات الرمضانية المتوارثة في الجزائر كورونا يغيّب العادات الرمضانية المتوارثة في الجزائر



الملكة رانيا تُعيد ارتداء إطلالة بعد تسع سنوات تعكس ثقتها وأناقتها

القاهرة - العرب اليوم

GMT 11:37 2017 الخميس ,05 تشرين الأول / أكتوبر

إنفوغراف 21

GMT 12:44 2020 الثلاثاء ,06 تشرين الأول / أكتوبر

حظك اليوم برج العقرب 15 أكتوبر/ تشرين الأول 2020

GMT 11:37 2017 الخميس ,05 تشرين الأول / أكتوبر

إنفوغراف 22

GMT 03:12 2020 الخميس ,15 تشرين الأول / أكتوبر

حظك اليوم برج القوس 15 أكتوبر/ تشرين الأول 2020

GMT 05:37 2020 الخميس ,15 تشرين الأول / أكتوبر

حظك اليوم برج الجوزاء 15 أكتوبر/ تشرين الأول 2020

GMT 18:19 2021 الجمعة ,01 كانون الثاني / يناير

بيروت - جاكلين عقيقي

GMT 05:57 2020 الخميس ,15 تشرين الأول / أكتوبر

حظك اليوم برج العذراء 15 أكتوبر/ تشرين الأول 2020

GMT 03:27 2020 الخميس ,15 تشرين الأول / أكتوبر

حظك اليوم برج الحوت 15 أكتوبر/ تشرين الأول 2020

GMT 05:32 2020 الخميس ,15 تشرين الأول / أكتوبر

حظك اليوم برج الثور السبت 31 أكتوبر/ تشرين الأول 2020

GMT 03:22 2020 الخميس ,15 تشرين الأول / أكتوبر

حظك اليوم برج الدلو 15 أكتوبر/ تشرين الأول 2020

GMT 05:44 2020 الخميس ,15 تشرين الأول / أكتوبر

حظك اليوم برج السرطان 15 أكتوبر/ تشرين الأول 2020

GMT 03:17 2020 الخميس ,15 تشرين الأول / أكتوبر

حظك اليوم برج الجدي 15 أكتوبر/ تشرين الأول 2020

GMT 05:51 2020 الخميس ,15 تشرين الأول / أكتوبر

حظك اليوم برج الأسد 15 أكتوبر/ تشرين الأول 2020

GMT 06:01 2020 الخميس ,15 تشرين الأول / أكتوبر

حظك اليوم برج الميزان 15 أكتوبر/ تشرين الأول 2020
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab