الدار البيضاء - محمد خالد
عاشت الرياضة المغربية على إيقاع التواضع خلال سنة 2013، حيث لم تَرْقَ النتائج التي حققها الرياضيون والرياضيات المغاربة إلى مستوى التطلعات والآمال، وكان الفشل القاسم المشترك، اللهم إلا بعض الاستثناءات القليلة المعدودة على رؤوس الأصابع.
وشَكَّل الإنجاز الذي حققه فريق الرجاء الرياضي البيضاوي لكرة القدم ببلوغه نهائي النسخة العاشرة من مونديال الأندية، الحدث الأبرز في سنة هيمنت
عليها الإخفاقات الكروية، حيث أنقذ "النسور الخضر" بظهورهم المشرِّف في "الموندياليتو" ماء وجه الكرة المغربية، من خلال احتلالهم مركز الوصافة وراء العملاق البافاري بايرن ميونيخ، في سابقة تاريخية لم يكن أشد المتفائلين من الجماهير المغربية يتوقعها.
وبصم الفريق الأخضر على مسار "أسطوري" في هذه البطولة، من خلال إطاحته بأبطال ثلاث قارات في طريقه إلى المباراة النهائية، التي انهزم فيها بشرف أمام بطل أوروبا بهدفين لصفر.
وبالإضافة إلى إنجاز الرجاء "العالمي"، يمكن اعتبار ما حققته منتخبات الفئات الصغرى المغربية في بعض الاستحقاقات الإقليمية والدولية نتائج إيجابية، حيث تُوِّج المنتخب المغربي للشباب بطلاً لدورة ألعاب البحر الأبيض المتوسط في تركيا، ونال المنتخب نفسه الميدالية الذهبية للدورة الثالثة لألعاب التضامن الإسلامي في أندونسيا، والميدالية الفضية للألعاب الفرانكوفونية في مدينة نيس الفرنسية، وفي المقابل تأهل منتخب الفتيان إلى كأس العالم لأقل من 17 سنة في الإمارات، حيث تمكن من تجاوز الدور الأول قبل أن يودع المنافسات أمام الكوت ديفوار في ثمن النهائي.
وفي المقابل شهدت سنة 2013 مواصلة الكرة المغربية غيابها عن المشهد العالمي للمرة الرابعة على التوالي، حيث تعود آخر مشاركة للمنتخب المغربي للكبار في نهائيات كأس العالم إلى سنة 1998 في فرنسا، ومنذ ذلك الوقت لم يتمكن "أسود الأطلس" من الظهور في المونديال، مكتفين بلعب أدوار جانبية في التصفيات المؤهلة لدورة البرازيل 2014.
ويمكن اعتبار 2013، سنة "كارثية" بالنسبة إلى المنتخب المغربي الذي أنهى العام في صفوف متأخرة ضمن تصنيف "الفيفا" (المركز 74)، بعد أن فشل في بلوغ نهائيات كأس العالم 2014 في البرازيل للمرة الرابعة على التوالي، وخروجه المخجل من نهائيات كأس أفريقيا للأمم في جنوب أفريقيا 2013.
ودشَّن المنتخب المغربي مشواره في إقصائيات المونديال بتعادلين مخيبين للآمال في مباراته الأولى في بانغول 1-1 مع منتخب غامبيا، والثانية في مراكش مع منتخب كوت ديفوار 2-2، قبل أن يتعرض لخسارة كبيرة وغير متوقعة 3-1 في دار السلام أمام منتخب تنزانيا في الجولة الثالثة، وأفلت من هزيمة في الجولة الأخيرة أمام كوت ديفوار الذي اكتفى بالتعادل معه بهدف لمثله، في حين لم يتمكن "أسود الأطلس" من تحقيق أي انتصار في كأس أفريقيا 2013، وودعوا المنافسات من الدور الأول، بعد ثلاث تعادلات أمام أنغولا والرأس الأخضر وجنوب أفريقيا.
ومن جهتها لم تنجح الأندية المغربية في البصم على مشاركة متألقة في المنافسات القارية خلال سنة 2013، حيث غادر فريق الوداد البيضاوي دور ثمن نهاية كأس الكونفدرالية الإفريقية، وشرب فريق الجيش الملكي من الكأس ذاتها وودع المنافسة في دور ثمن النهاية مكرر، فيما دخل فريق الفتح الرباطي بعد خروجه من الدور الثاني لدوري الأبطال إلى دور المجموعتين في كأس "الكاف"، التي ودعها كما دخلها من دون أن يبلغ المربع الذهبي، في حصيلة يمكن اعتبارها الأضعف خلال السنوات الأخيرة.
فوي باقي الرياضات عجزت ألعاب القوى المغربية عن التألق عالميًا من خلال فشل الأبطال المغاربة في الصعود إلى منصة التتويج في بطولة العالم في روسيا، لكنهم استطاعوا الظهور بوجه جيد في بعض الملتقيات الإقليمية، في مقدمتها الألعاب الفرنكفونية ودورة التضامن الإسلامي وألعاب البحر الأبيض المتوسط، حيث بَعَثَ جيل جديد من العدائين المغاربة مجموعة من الإشارات القوية على أنهم مُقبلون بقوة.
ففي منافسات الدورة الثالثة لألعاب التضامن الإسلامي التي احتضنتها مدينة باليمبونغ في جزيرة سومطرة الإندونيسية أنهى المنتخب المغربي لألعاب القوى مشاركته في المركز الأول بمجموع 24 ميدالية، منها ثماني ذهبيات و11 فضية وخمس برونزيات، كما تألقت أُمّ الألعاب في الألعاب الفرنكوفونية السابعة في مدينة نيس الفرنسية بانتزاعها 23 ميدالية (7 ذهبية و10 فضية و6 برونزية)، والإنجاز ذاته حققته ألعاب القوى في الدورة الـ17 للألعاب المتوسطية في تركيا، حيث أنهى المغرب المنافسات في الرتبة الثانية عشرة في سبورة الميداليات بمجموع 28 ميدالية، منها 7 ذهبيات و10 فضيات و11 نحاسية.
ومن أبرز الإنجازات التي شهدتها سنة 2013، النتائج الجيدة التي حققتها المصارعة بمنحها المغرب لقب البطولة الأفريقية للمصارعة اليونانية الرومانية حسب الفرق، وكذا الوجه الجيد التي ظهرت به رياضات فنون الحرب وسباق الدراجات والفروسية والكرة الحديدية، التي أهدت بدورها المغرب لقب بطولة أفريقيا للذكور وكأس الأمم للإناث، والجودو التي تُوِّجَت بطلة للعرب حسب الفرق وفردي.
غير أن هذه النتائج الجيدة لا يمكن أن تحجب الرؤيا عن الحالة المرضية المستعصية التي تعيشها مجموعة من الرياضات المغربية، في مقدمتها كرة القدم التي مرت بأزمة خانقة في سنة 2013 بسبب مشاكل مع "الفيفا"، وكرة السلة التي تعيش وضعًا مماثلاً، وغيابًا تامًّا على المستوى الأفريقي والدولي، وكذا الكرة الطائرة ورياضات أخرى، ما يفرض على السلطات المسؤولة البحث عن السبل الكفيلة بإخراج هذه الرياضات من النفق المظلم، من خلال وضع مخططات إستراتيجية دقيقة، تعيد الرياضة المغربية إلى مسارها الصحيح بداية من العام 2014.
أرسل تعليقك