قتل سبعة متظاهرين، جراء إطلاق الشرطة اليمنية النار لتفريق مجموعة من المحتجين الموالين لـ"الحوثيين"، كانوا يحاولون اقتحام مقر مجلس الوزراء، وسط صنعاء، فيما تلقى الرئيس عبدربه منصور هادي اتصالاً من وزير الخارجية السعودي، الذي أعرب عن "استياء" المملكة من "عدوان" الحوثيين.
وأكّد المسؤول في اللجنة التنظيمية للتحركات الاحتجاجية للحوثيين خالد المداني أنَّ "الشرطة فتحت النار على المحتجين، وقتلت سبعة أشخاص، فيما أصيب العشرات بجروح".
في المقابل، أبرز مصدر من وزارة الداخلية، أنَّ مجموعة من الحوثيين "حاولوا الدخول بالقوة لاقتحام المجلس، غير أنّ قوات الأمن المكلفة بحراسة المجلس قامت بواجبها القانوني ومنعتهم من ذلك".
وكان الآلاف من أنصار الحوثيين، الذين يتابعون تحركهم الاحتجاجي التصعيدي ضد الحكومة منذ 18 آب/أغسطس الماضي، قد خرجوا في تظاهرة من ساحة التغيير، في اتّجاه مقر مجلس الوزراء، وسط صنعاء.
وتفرعت التظاهرة إلى تظاهرات صغيرة قامت بقطع عدد من الطرقات في وسط صنعاء، فيما توجهت مجموعة باتجاه مقر مجلس الوزراء.
وأكّد شهود عيان، في تصريحات صحافية، أنَّ "قوات مكافحة الشغب استخدمت خراطيم المياه والغاز المسيل للدموع والرصاص الحي لتفريق المحتجين".
وأشار الشهود إلى أنَّ "الشرطة نجحت في صد المحاولة، إلا أنَّ المتظاهرين حاولوا إعادة تنظيم صفوفهم لاقتحام المبنى مجدّدًا".
وأقدم المحتجون على نصب خيام جديدة في وسط صنعاء، حيث بات الآلاف من أنصار "الحوثيين" يعتصمون، لاسيما أمام وزارة الداخلية.
وردّد المتظاهرون شعارات جديدة، ذات طابع توسعي، مثل "اشتي (أريد) حقي مش خايف من صلالة للطائف"، في إشارة على ما يبدو إلى ما يعتبرونه حدودًا تاريخية لليمن، فضلاً عن شعار "أبلغوا السعودية، نجران وعسير يمنية".
وسبق أن أغلق أنصار الحوثيين المداخل إلى وزارتي الكهرباء والاتصالات، اللتين توقفتا عن العمل منذ يومين.
وكانت قوات الأمن استخدمت، مساء الأحد، الغاز المسيل للدموع وخراطيم المياه، والرصاص الحي أيضًا، لمنع المحتجين من التقدم إلى وزارة الداخلية ولحثهم على فتح طريق المطار، التي يغلقونها منذ صباح الأحد، ما أسفر عن سقوط قتيل، وأكثر من أربعين جريحًا.
وفي سياق متصل، أكدت وكالة الأنباء اليمنية الرسمية أنَّ "الرئيس عبدربه منصور هادي تلقى اتصالاً من وزير الخارجية السعودي، الذي أعرب عن استياء المملكة من عدوان الحوثيين".
وأضافت الوكالة، أنَّ "الأمير سعود الفيصل عبر عن قلق المملكة العربية السعودية البالغ إزاء التصعيدات الخطيرة التي تمارسها عناصر الحوثيين في العاصمة صنعاء وحيطها، وكذلك في محافظتي الجوف ومأرب، وأكد استياء المملكة ومجلس التعاون الخليجي لهذه الأساليب المتسمة بالعدوان على المجتمع اليمني".
وأبرز الأمير أنّ "أمن واستقرار ووحدة اليمن تمثل أهمية استراتيجية للمملكة العربية السعودية، ومجلس التعاون الخليجي، وكذلك أيضًا المجتمع الدولي برمته".
واعتبر أنّ "المساس بأمن واستقرار اليمن، تحت أي ذريعة، إنما يمثل أجندة تختبئ ورائها مؤامرة تهدف إلى زعزعة المنطقة كلها، على أساس أن أمن اليمن جزء لا يتجزأ من أمن المملكة ومجلس التعاون الخليجي".
إلى ذلك، يسود التوتر الشديد في صنعاء، حيث يمتنع عدد كبير من السكان عن إرسال أولادهم إلى المدرسة.
وتأتي هذه التطورات بعد أن أكّد عبدالملك الحوثي، ليل الاثنين ـ الثلاثاء، الاستمرار في تصعيد تحرك أنصاره لإسقاط الحكومة، وإلغاء زيادة أسعار الوقود في اليمن، بالتزامن مع متابعة المفاوضات السياسية، للتوصل إلى حل.
وحذّر الحوثي، في تصريح إعلامي، السلطات من "استهداف أنصاره"، الذين يحتشدون بالآلاف وسط صنعاء، بالتزامن مع مخاوف من انزلاق العاصمة نحو العنف.
وأشار إلى أنّه "لا يمكن أبدًا أن نقبل بما كان عليه الحال سابقًا، أن يستبيحوا الدماء دون مقابل"، حسب وصفه.
وعلى المستوى السياسي، أكّد عبدالملك الحوثي أنَّ هناك "إلى جانب نشاطنا الثوري، مفاوضات مستمرة، ونقاش مستمر"، مبيّنًا أنَّ الحوثيين، الذي يتخذون اسم "انصار الله"، يسعون إلى إقناع الأطراف بأن تتقابل، وتتفاعل إيجابيًا، وتستجيب لمطالب شعبنا.
ويستمر الحوثيون بتصعيد تحركهم على الرغم من إطلاق الرئيس اليمني مبادرة وافق فيها على تشكيل حكومة جديدة، وإلغاء جزء من الزيادة السعرية على أسعار الوقود، التي اعتمدت نهاية تموز/يوليو الماضي.
وتصاعد التوتر الطائفي في اليمن أخيرًا كون الحوثيين ينتمون إلى الطائفة الزيدية الشيعية، فيما ينتمي خصومهم السياسيون في المقابل إلى الطائفة السنية، وهم بشكل أساسي حزب "التجمع اليمني للإصلاح"، القريب من تيار "الإخوان المسلمين"، إضافة إلى السلفيين، والقبائل السنية، أو المتحالفة مع السنة.
ويشكل السنة غالبية سكان البلاد، إلا أنَّ الزيديين يشكلون غالبية في مناطق الشمال، لاسيما في أقصى الشمال، حيث معاقل الحوثيين.
يذكر أنَّ معقل الحوثيين الزيديين الشيعة في الأساس هو محافظة صعدة الشمالية، إلا أنهم تمكنوا من توسيع حضورهم، منذ 2011، وذلك بعد أن خاضوا ستة حروب مع صنعاء، بين 2004 و2010.
أرسل تعليقك