مسيرة لأعضاء"جبهة الإنقاذ الوطني"
القاهرة ـ محمد مصطفى
تشهد الساحة السياسية حاليًا توالي ردود الفعل على الإعلان الدستوري الجديد الذي أصدره الرئيس محمد مرسي مساء السبت، حيث أعلنت "جبهة الإنقاذ الوطني"، الأحد، أن "نتائج حوار الرئيس المصري محمد مرسي مع القوى السياسية، لا تلبي الطموحات ويدفع نحو مزيد من المواجهة والاستقطاب
الذي يدفع إلى دعم الدعوة إلى الإضراب"، فيما رفضت الكنيسة الأرثوذكسية المصرية، التعليق على الإعلان الجديد، بعد أن اعتذرت عن دعوة رئاسة الجمهورية لحضور الحوار، لأنه لن يتضمن الحديث عن إمكان إعادة النقاش على الدستور المقبل أو تجميد الاستفتاء، التي تعترض الكنيسة على بعض مواد مسودته وأهمها المادة رقم 219 الخاصة بتفسير الشريعة الإسلامية، ، في حين اعتبرت مصادر قضائية عبر "العرب اليوم"، أن الإعلان الدستوري الجديد، "قد حصّن أعمال الجمعية التأسيسية للدستور ومجلس الشورى بطريقة غير مباشرة".
ودعا رئيس حزب "الدستور"، ومنسق جبهة "الإنقاذ الوطني" الدكتور محمد البرادعي، إلى إسقاط مشروع الدستور الجديد، وقال في تدوينة على موقع "تويتر" للتواصل الاجتماعي، "كسرنا حاجز الخوف: دستور يجهض حقوقنا وحرياتنا هو دستور سنسقطه اليوم قبل الغد، قوتنا في إرادتنا"، فيما قال مصدر مطلع في "جبهة الإنقاذ الوطني" رفض الكشف عن اسمه، في تصريح لـ"مصر اليوم"، إن "ما نتج عن حوار الرئيس مرسي مع القوى السياسية، لن يُلبي المطالب التي رفعها المعترضون وعلى رأسها تأجيل الاستفتاء على الدستور، وبالتالي فإنه يدفع نحو مزيد من المواجهة والاستقطاب الذي يدفع إلى دعم الدعوة للإضراب، مضيفًا "إن إلغاء الإعلان الدستوري الصادر في 22 تشرين الثاني/نوفمبر، مع سريان النتائج التي ترتبت عليه، بالفعل لا يُلبي المطالب التي طرحتها الجبهة، إذ أنه أدى المطلوب منه بشكل أساسي، ورفض تحصين قرارات الرئيس، وأن مرسي قد أتاح في الإعلان السابق مد عمل اللجنة التأسيسية لمدة شهرين إذا لم تنه عملها، وبهذا المنطق لماذا لا يتم تأجيل الاستفتاء على الدستور إذا كان مد عملها ممكنًا وفقًا للإعلان".
واعتبر المصدر ذاته أن "إرجاء مناقشة مواد الدستور التي تم الاتفاق على تعديلها إلى حين انعقاد البرلمان، هو تسويف غير مقبول، وإصرار على عدم الأخذ بعين الاعتبار أن أعضاء الجمعية التأسيسية في نهاية عملها لم يصل عددهم إلى المائة، فضلاً عن ما تم في الإسراع الغير مبرر في عمليات التصويت على المواد".
وأعلنت "جبهة الإنقاذ الوطني"، في بيان لها السبت، مطالبها ومن بينها إسقاط ما وصفته بـ"الإعلان غير الدستوري" الذي صدر في 22 تشرين الثاني/نوفمبر الماضي، ورفض إجراء استفتاء على دستور يفتقد إلى ضمانات حقوق فئات المجتمع المهمشة.
وأصدر الرئيس محمد مرسي مساء السبت، إعلانًا دستوريًا ألغى فيه الإعلان الدستوري الصادر في 22 تشرين الثاني/نوفمبر الماضي، بعد أن أثار اعتراضات سياسية عدة، تطورت إلى اشتباكات في الشارع بين مؤيدي ومعارضي الرئيس، أدت إلى مقتل 7 أشخاص وإصابة المئات، بحسب إحصاءات وزارة الصحة المصرية.
واكد نائب رئيس الجمهورية المستشار محمود مكي، في مؤتمر صحافي السبت، في مقر رئاسة الجمهورية، أن الاستفتاء على مسودة الدستور الجديد سيتم في موعده المقرر في 15 كانون الأول /ديسمبر الجاري، رغم ما شددت عليه "جبهة الإنقاذ" التي يقودها كل من محمد البرادعي والمرشحين الرئاسين السابقين عمرو موسى موسى وحمدين صباحي من ضرورة تأجيل موعد الاستفتاء على الدستور.
على الصعيد نفسه، رفضت الكنيسة الأرثوذكسية المصرية، التعليق على الإعلان الدستوري الجديد الصادر مساء السبت، وأعربت عن أملها في حل قريب للأزمة السياسية المصرية، حيث قال القمص أنجيليوس إسحاق سكرتير البابا تواضروس الثاني بابا الإسكندرية بطريرك الكرازة المرقسية في حديث لـ"مصر اليوم"، إن الكنيسة اعتذرت عن دعوة رئاسة الجمهورية لحضور الحوار الذي جرى السبت، تضامنًا مع مواقف القوي الوطنية والسياسية بشأن إلغاء الإعلان الدستوري وتجميد الاستفتاء على الدستور.
وأضح القمص أنجيليوس، أن سبب الرفض هو أن الحوار لن يتضمن الحديث عن إمكان إعادة النقاش على الدستور المقبل أو تجميد الاستفتاء، وأنه توجد مواد عدة في مسودة الدستور تعترض عليها الكنيسة، منها المادة رقم 219 الخاصة بتفسير الشريعة الإسلامية، والمادة التي سمحت لمزدوجي الجنسية بالترشح لانتخابات البرلمان، وإلغاء الإشراف القضائي على الانتخابات، وعدم تعديل نصوص الدستور قبل 10 سنوات.
وعلم "العرب اليوم" أن رئيس ديوان رئيس الجمهورية السفير محمد رفاعة الطهاوي، ووزير العدل أحمد مكي، حاولا الضغط على البابا تواضروس الثاني لإقناعه بحضور الحوار أو إيفاد الأنبا بولا أسقف طنطا وممثلي الكنيسة في الجمعية التأسيسية التي وضعت مسودة الدستور إلا أنه رفض.
يُشار إلى أن الكنائس المصرية الثلاث من الجمعية التأسيسية للدستور، قد انسحبت الشهر الماضي، وقالت في بيان مشترك لها "استشعرت الكنائس المصرية عدم ارتياح عام للاتجاهات التي سادت كتابة النصوص الدستورية المطروحة واستشارت اللجان الفرعية، فالدستور المزمع صدوره بصورته الحالية لم يحقق التوافق الوطني المنشود ولا يعبر عن هوية مصر التعددية الراسخة عبر الأجيال، وخرج عن التراث الدستوري المصري الذي ناضل من أجله المصريون جميعًا مسلمون ومسيحيون، وحفاظًا على الهوية المصرية، فالأمر دفعنا إلى الانسحاب من الجمعية التأسيسية لإعداد الدستور، آملين أن نصل مع باقي الشعب المصري ومؤسساته وقواه الوطنية إلى إنجاز دستوري يعبر عن طموحات المصريين بالحرية والكرامة والمساواة والعدالة الاجتماعية ومدنية الدولة المصرية، وندعو له أن يوفق بلادنا إلى كل ما فيه من خير لوطننا الحبيب وشعبه الأصيل".
كما طالب بيان مشترك أصدرته مشيخة الأزهر والكنيسة المصرية قبل يومين، الرئيس مرسي بتجميد الإعلان الدستوري وإنهاء الأزمة السياسية الراهنة وحقن الدماء، حيث جاء فيه "من تفهُّم بيت العائلة المصرية -الذي يترأسه شيخ الأزهر وبابا الكنيسة الأرثوذكسية، بدقة هذه المرحلة والأهداف العليا للوطن التي يحرص عليها مرسي، الذي قال: لابُدَّ أنْ ننزل جميعًا على إرادة الشعب، يتوجه بيت العائلة إلى كل القوى الوطنية الحريصة على مصلحة الوطن العُليا كخطوة أولى، ويناشد الرئيس مرسى أن يجمد الإعلان الدستوري لمصلحة الوطن، وأن يجمع في أسرع وقت ممكن كل أطياف الحياة السياسية والوطنية الفاعلة، على اختلاف مشاربهم واتجاهاتهم".
ودعا البيان القوى الثورية والسياسية إلى التعاون لحل الخلاف بالمشاركة في حوار شفاف وموضوعي، والاستماع إلى كل الآراء وتدارس الوسائل الناجعة لجمع شمل المصريين جميعا في هذه المرحلة الدقيقة والحرجة، لاستكمال أهداف الثورة المصرية، والوصول بالوطن إلى بر الأمان، وحقن الدماء المصرية الغالية، وادخارها للدفاع عن سلامة الوطن وصيانة حدوده، وتوجيه كل الطاقات لبناء مصر الجديدة الحرة الديمقراطية.
فيما دعا البابا تواضروس الثاني أكثر من مرة، في تغريدات على حسابه الشخصي على موقع "تويتر" للتواصل الاجتماعي، خلال الأسبوع الماضي، المصريين إلى الحكمة والتعقل و الصلاة من أجل صالح بلادهم.
في السياق، كشفت مصادر قضائية لـ "العرب اليوم"، عن أن الإعلان الدستوري الجديد، "حصّن أعمال الجمعية التأسيسية للدستور ومجلس الشورى بطريقة غير مباشرة، حيث أن المحكمة الدستورية لن تستطيع إصدار حكمها إلا بعد إعلان الأطراف المتنازعة -أصحاب الدعوى والخصوم- بـ 15 يومًا، وهو ما لن يتحقق عمليًا بسبب إجراء الاستفتاء السبت المقبل، وإصدار الدستور الجديد في حالة الموافقة بنعم، والذي يتضمن مادة تنص على استمرار مجلس الشورى الحالي".
وأثار قرار مرسي السبت، نوعًا من الجدل بين عدد من السياسيين المصريين، الذين أعربوا عن رفضهم لنتائج الللقاء، بينما رحب البعض الآخر بالقرارات واعتبرها خروجًا سليمًا من الأزمة الراهنة، حيث قال أستاذ العلوم السياسية بمركز الأهرام للدراسات الإستراتيجية عمرو هشام ربيع لـ"العرب اليوم"، إن "الإعلان الدستوري الجديد يعد إلغاءً لنصف الإعلان الدستوري القديم والإبقاء على النصف الآخر، وأن استمرار عملية الاستفتاء على الدستور الذي وصفه بـ(المعيب)، ستخلق دستورًا مفصّل على مقاس فصائل بعينها، وأن الرئيس يُخير الشعب بين قبول دستور (معيب) أو العودة لدوامة وضع دستور جديد"، لافتًا إلى أن "موضوع الدستور يمثل إشكالية جديدة"، رافضًا تمسك الرئيس بالنتائج المترتبة على الإعلان القديم.
فيما قال وكيل مؤسسي حزب "الدستور"، أحمد البرعي لـ"العرب اليوم"، إن "الإعلان الدستوري الجديد الذي أصدره الرئيس محمد مرسي، أعاد بعض الحقوق التي اغتصبها الإعلان الذي سبقه، وأنه حصن القرارات التي بنيت على الإعلان الدستوري الذي صدر الشهر الماضي، وهو فقط ما يتعلق بتعيين النائب العام الجديد"، موضحًا أن "الجوانب الإيجابية في هذا الإعلان الدستوري تتلخص في إلغاء فكرة تحصين قرارات الرئيس ضد السلطة القضائية، وفي أنه كفل إمكان حق التقاضي ضد مجلس الشورى وصلاحية الجمعية التأسيسية، وبالتالي أصبح من الممكن الحكم بحل مجلس الشورى".
ومن جانبه، قال المتحدث باسم "حركة 6 أبريل" محمود عفيفي، إن "ما حدث هو تضليل ومراوغة واستكمال لمسلسل الخداع باسم القانون والشرعية، وأن الحديث عن إجماع القانونيين على عدم قدرة الرئيس على تغيير ميعاد الاستفتاء على الدستور غير دقيق، لأن الرئيس عدل تلك المادة في الإعلان الماضي، عندما قام بمد عمل اللجنة التأسيسية شهرين، وهذا يخالف نص المادة 60 من الإعلان الدستوري"، مضيفًا "حينما تريد أن تمرر قرارات تخدم مصلحتك فقط، تحدث عن رصدك لمؤامرة على الوطن، وليس من الضرورى أن تذكر تفاصيلها"، معتبرًا ذلك من "ميراث السلطة المستبدة".
وفى سياق متصل، أكد رئيس المنظمة المصرية لحقوق الإنسان، حافظ أبو سعدة، ثبات موقفه من الإعلان، قائلاً "مازلت عند موقفي، بأنه ليس لرئيس الجمهورية أن يصدر إعلانات دستورية بموجب الإعلان الدستوري الأول الصادر في 30 آذار/مارس، والذي حدد صلاحيات الرئيس"، فيما رفض المرشح الرئاسي السابق خالد علي، قرارات الرئاسة قائلاً "نرفض المراوغة، ونسعى لإسقاط مشروع هذا الدستور، وإعادة تشكيل تأسيسية متوازنة تمثل أطياف المجتمع، وانتداب قاض للتحقيق في التعذيب والقتل في أحداث الاتحادية".
من جانبه، قال رئيس حزب "غد الثورة" أيمن نور، في تصريحات صحافية، إن "القوى السياسية اجتمعت لأكثر من 12 ساعة للاتفاق على مخرج من المأزق الحالي، واتفقنا على إلغاء الإعلان الدستورى، وكل ما يتصل بتحصين قرارات الرئيس، وأن قرارات الرئيس نزعت فتيل الأزمة من الانفجار ووجدت مخرجًا للأزمة، وأن معنى قرار الرئيس بإلغاء الإعلان الدستوري والنتائج المترتبة عليه أن النائب العام السابق لن يعود إلى موقعه، وربما يتم تعيين نائب جديد آخر أو الإبقاء على النائب الحالى فى موقعه، وأن مسألة تأجيل الاستفتاء على الدستور تعذرت لأسباب قانونية وفقًا للمواد الدستورية، التي تم الاستفتاء عليها من قبل في آذار/مارس الماضي، وتعديلها سيكون في غاية الحرج"، مضيفًا "الجميع مدعو للمشاركة في تعديل مواد الدستور، وسيتم إصدار وثيقة سيوقع عليها الرئيس بالمواد المتفق عليها".
ومن جانبه، أشاد المتحدث باسم حزب "النور السلفي" نادر بكار، بالنتائج التي أعلنها د. محمد سليم العوا عقب المؤتمر الصحافي، حول نتائج الحوار بين الرئيس محمد مرسي والقوى السياسية، واصفا أنه "وضع خارطة طريق واضحة للمسارين سواء النتيجة بنعم أو لا في الاستفتاء على الدستور الجديد"، مضيفًا في تغريده عبر حسابه على موقع التواصل الاجتماعى "تويتر"، أن "نتيجة الحوار عمومًا، مقبولة، وأهم ميزاتها وضع خارطة طريق واضحة تبين المترتب على كلا المسارين: نعم أو لا".
أرسل تعليقك