بغداد ـ نجلاء الطائي
أبدى عدد من أهالي بغداد رغبتهم الشديدة بالمشاركة الكبيرة في الانتخابات البرلمانية المقبلة، المقرر إجراؤها في 30 نيسان/أبريل الجاري، والتصويت لصالح الكتل التي تستحق أن تشكل حكومة تنظر إلى العراقيين بنظرة المساواة والعدل، فيما تخوّف عدد من المواطنين من استحواذ الكتل الكبيرة، ومن بينها أحزاب وكتل سياسية كانوا قد منحوها أصواتهم في انتخابات عام 2010 الماضية، إلا أنّهم لم يقدّموا شيئاً ملموسًا لهم.
وانتشرت في شوارع بغداد وأزقتها وحدائقها العامة صورًا كثيرة وكبيرة للمرشحين، تحمل بشائر بغد أفضل، وحياة سعيدة، أكّد المواطنون أنها شعارات سبق أن استخدمها المرشحون في السابق.
وأشار رائد العبيدي، وهو صاحب محل للملابس الأطفال في حي الأعظمية، ذو الغالبية السُّنية، إلى أنّه "لاحظ وجود صور مرشحين كثيرة في الحي"، معتبرًا أنَّ "الشيء الغريب في هذه الانتخابات هو وجود ظهور دعايات للكتل وتحالفات وقوائم تضم جميع التحالفات العراقية، لم تختصر لفئة معينة".
ورأى العبيدي أنَّ "هذا يعدُّ مؤشرًا واضحًا على رغبة مسبقة لدى أهالي الأعظمية في الاختيار الأفضل، والكفاءة العالية، دون التحيز إلى الطائفة، ما يعتبر نوذجًا حقيقيًا للديمقراطية، ودليلاً على وعي الشارع العراقي".
وشدّد على ضرورة أن يمارس المواطن العراقي الديمقراطية بروح معنوية قوية، بدءًا من الدعاية الانتخابية وصولاً إلى التصويت في صندوق الاقتراع، وهو مقتنع بالشخص المناسب، دون ضغوط من فئة معينة".
ودعا العبيدي الجهات العليا إلى "تفهم معنى الديمقراطية، عبر قبول النتائج كما هي، دون اتباع أساليب رخيصة بغية الوصول إلى السلطة، لأنَّ الوطن يأتي في المقام الأول، والديمقراطية تعني قبول الآخر"، حسب تعبيره.
ومن حي العامرية البغدادي، أكّد نعمان المشهداني، وهو ضابط سابق في الجيش العراقي، أنّه "قرر انتخاب مرشح من كتلة الأحرار، التابعة للتيار الصدري"، موضحًا أنَّ "هناك مواقف كثيرة جعلتني أصر على انتخاب هذه الكتلة، منها أنَّ بعض الذين اشتركوا في دورات انتخابية سابقة، ولم يحصلوا سوى على عشرات الأصوات من أفراد عائلتهم فقط، يرشحون مرة أخرى، ويتحدثون على أنهم (منتخبون من الشعب)، وهذا دليل على اتفاق مسبق للكتل السياسية يثير القلق، لعدم قناعة المجتمع بشخوصهم، على الرغم من دفعهم لملايين الدنانير للصور والدعايات الانتخابية، التي تشوه جدران المدينة وأزقتها".
وبيّن المواطن عادل النعيمي، من شارع فلسطين، شرق العاصمة، أنَّ "مشاركته في الانتخابات تأتي بغية ضمان التغيير، سواء في الوجوه أو طبيعة الأداء"، مؤكدًا أنَّ "هذا أصبح مطلباً جماهيرياً، لاسيما أنّ المواطن فقد الكثير من الخدمات وغيرها من الأمور المهمة في حياته"، معربًا عن "قلقه من اتفاقات يحتمل عقدها بين الكتل التي لا تحظى بالمقاعد التي كانت تتوقعها، ما سيدفع الكثير من أصحاب الكتل لتقديم التنازلات المتبادلة، بغية الحصول على حضور مميز، وهذا الأمر لن يكون في صالح المواطن، ولا في المصلحة العامة، لأنَّ الذي لم ينتخب ولم يحصل على ثقة المواطنين سيحصل على مقعد، وهذا ضد رغبه الناخب العراقي، فالأمر يحتاج إلى حسابات معقدة، لضمان أن يكون الرجل المناسب في المكان المناسب".
ودعا أبو شهلاء، وهو أستاذ جامعي، في تصريح إلى "العرب اليوم"، المواطنين إلى "عدم الوقوع في فخ الطائفية وأحزابها، لاسيما أنَّ الكثير من الأحزاب الإسلامية المهيمنة في منطقة الأعظمية قامت بتقديم مبالغ نقدية إلى العوائل الفقيرة، بغية شراء أصواتها"، لافتًا إلى أنَّ "الشعوب تفتخر بالعديد من الإنجازات، ومنها أن يكون البرلمان نموذجياً بتطبيقه شعارات الدفاع عن مظالم البسطاء".
واعتبر أنَّ "هواجس المواطن تتركز اليوم على الخوف من لجوء البعض إلى التزييف، أو التزوير، في وضع يخضع لتجاوزات أمنية خطيرة، حيث توجد مناطق تسيطر عليها عصابات الجريمة، وتلوي ذراع أهاليها".
وأعرب علي عماد، صاحب سوبر ماركت في شارع الربيعي، في منطقة زيونة، عن "قناعته بأنَّ بعض الكتل المتنافسة ستعمل بقوة على تزوير الانتخابات"، مشيرًا إلى "يأسه من احتمالات تبديل الوجوه السياسية المعروفة في كل دورة انتخابية، لأنها تسيطر بصورة شرعية، وغير شرعية، بغية الحصول على المناصب الكبيرة، لأنها تعودت عليها".
ولفت إلى أنَّ "هناك اتفاقات دفينة بين الكتل السياسية، والمواطن ساذج، لا يعرف ماذا يحصل"، معرباً عن أمله في عبور هذه المرحلة، للوصول إلى بداية النهاية لمعاناة المواطنين، التي عاشوها طوال الأعوام الماضية"، حسب تعبيره.
وشدّد على "أهمية عبور مرحلة الانتخابات بسلام"، موضحًا أنَّ "المواطن الآن يفكر في انتهاء العملية الانتخابية، وليس همّهُ من سيفوز، بغية أن يستقر، لخوفه من حدوث انفجارات في هذه الفترة".
وتطرق المواطن إسماعيل الدباغ، موظف، إلى حملات طرق الأبواب التي تقوم بها بعض الأحزاب والكتل السياسية، داعيًا إلى "ضرورة المشاركة في الانتخابات، لأنها ستؤدي إلى تغيير الواقع الذي يشكو منه المواطن"، مؤكدًا أنه "سيدلي بصوته، حتى لا يكون متشائمًا"، معتبرًا أنَّ "العقل العراقي بدأ بالنضوج، ومن الضروري أن ننتخب من يمثلنا، ويؤمّن لنا مستقبلاً يتوافق مع المرحلة المقبلة".
أظهرت سراب الجلبي، موظفة، أنها "متشائمة بشأن حصول تغيير جديد في وضع البلد، لأنَّ الوجوه التي ألفناها نفسها، ولكني أتمنى أن يتحقق التغيير الجذري في العراق، لأننا نواجه حالة صعبة، والمواطن العراقي تعب كثيراً، ونفد صبره، وطاقته".
أرسل تعليقك