استدعى الرئيس اليمني عبدربه منصور هادي، قادة الألوية العسكرية المنطقة العسكرية الثالثة، والتي تتمركز في محافظة مأرب شرق البلاد؛ لتدارس مواجهات جماعة أنصار الله الحوثي بعد أنَّ اتجه مسلحو الجماعة إلى المحافظة ونحو منابع النفط.
وذكر مسؤول عسكري، في تصريح خاص لـ"العرب اليوم"، أنَّ الرئيس هادي استدعى قائد المنطقة العسكرية الثالثة، اللواء الركن أحمد سيف اليافعي، والتي تتمركز في محافظة مأرب وعدد من قادت الألوية الأمنية؛ لتدارس منع أي تقدم لجماعة الحوثي التي اتجه مسلحوها إلى محافظة مأرب ومنابع النفط.
وتشهد محافظة مأرب توترًا واحتشادًا لمئات المسلحين من جماعة أنصار الله "الحوثيين"، وقبليين موالين لحزب الإصلاح، وسط مخاوف من اندلاع مواجهات بين الطرفين.
فيما تبذل وجاهات قبلية من أبناء المنطقة جهودًا لمحاولة تنفيذ اتفاق يقضي برفع مسلحي الطرفين وتأمين خطوط الكهرباء وأنابيب النفط.
ومنذ أيام، بدأت جماعة أنصار الله، المعروفة إعلاميًا بجماعة الحوثي، حشد مسلحيها على حدود محافظة مأرب النفطية، شرق اليمن، بذريعة حماية المنشآت العامة، وأنابيب النفط وخطوط نقل الطاقة الكهربائية، التي تتعرض بين حين وآخر لعمليات تخريب في محافظة مأرب، إضافة إلى تقديم الحوثيين أنفسهم كطرف في محاربة أنصار الشريعة، الجناح العسكري لتنظيم القاعدة في اليمن.
وتذكر الأجهزة الأمنية في مأرب إنَّ هناك تحركات لجماعة الحوثي على تخوم المحافظة؛ استعدادًا لاقتحامها تحت مسمى "اللجان الشعبية"، لكنها ما تزال مترددة في اتخاذ قرار الاقتحام، نتيجة عدم وجود مساندة من القبائل هناك.
وينذر هذا التلويح بالتوجه شرقًا نحو مناطق القبائل بنشوب حرب شرسة، تختلف نوعًا ما عن الحروب التي خاضها الحوثيون في بعض مناطق اليمن، التي يجد الحوثي فيها لجماعته بيئة مساندة كما هو الحال في عمران، شمال صنعاء.
ومنذ شهرين تقريبًا، فرض رجال القبائل، على المدخل الغربي والشمالي، لمدينة مأرب طوقًا أمنيًا، وحشدت مئات المسلحين بأنواع الأسلحة الخفيفة والمتوسطة والثقيلة، تحسبًا لأي هجوم قد ينفذه مسلحو الحوثي على أرضهم.
وكان لقاء قبلي لمشاي بلدة "عبيدة" وقبائل أخرى في مأرب تعهّد بمواجهة الحوثيين، الذين يحشدون مسلحيهم في منطقة "المحجزة" وفي مديريات "الجدعان" غرب المحافظة، وهدد زعماء القبائل الحوثيين في بيان صحافي بتوقيف جميع المنشآت النفطية والغازية حال تمكُّن الحوثيون من دخول المحافظة، على حد قولهم.
ومأرب هي عاصمة إقليم "سبأ" وتضمّ إلى جانبها محافظتي "البيضاء" و"الجوف"، وهما محافظتان خاض الحوثي فيهما حروبًا، سيطر على الثانية، وما يزال يقاتل في الأولى.
وتكمن أهمية مأرب نظرًا إلى وجود حقول ومنابع النفط بها، ومنها يمتد الأنبوب الرئيسي لضخ النفط من حقول "صافر" في المديرية، إلى ميناء رأس عيسى على البحر الأحمر، غرب البلاد، كما يوجد بها أنبوب لنقل الغاز المسال إلى ميناء بلحاف في محافظة شبوة، جنوب اليمن، إضافة إلى وجود محطة مأرب الغازية التي تمد صنعاء وعدة مدن يمنية بالطاقة الكهربائية.
كل هذه الميّزات لمحافظة مأرب تجعل من حدوث أي حرب فيها بمثابة كارثة كبيرة، ليس فقط على أبناء المحافظة، بل سينعكس ذلك سلبًا على حياة المواطنين اليمنيين، واقتصاد البلد بشكل عام.
وتذكر جماعة الحوثي، التي تسيطر على العاصمة صنعاء وعدد من المحافظات اليمنية، أنَّ قيادات وعناصر تنظيم القاعدة فرّت من مناطق القتال في محافظتي البيضاء وإب، وسط البلاد، إلى محافظة مأرب، وأنها مستمرة في ملاحقة المجموعات التي تصفها بـ"الدواعش"، في إشارة إلى حزب الإصلاح وأنصار الشريعة مما قد يجعل محافظة مأرب تدخل خط الصراع مع الحوثيين.
وأضحى الحوثيون لاعبًا رئيسًا على الساحة السياسية في اليمن، لاسيما بعد سيطرتهم على العاصمة صنعاء يوم 21 أيلول/ سبتمبر بعد أسابيع من الاضطرابات المناهضة للحكومة.
وتشعر الولايات المتحدة الأميركية ودول غربية وخليجية أخرى بالقلق من غياب الاستقرار في اليمن، وما يمكن أنَّ يعزز تنظيم القاعدة وأيدت التحول السياسي منذ العام 2012 الذي يقوده هادي.
وتسيطر جماعة الحوثي، على المؤسسات الرئيسية ومقار عسكرية وأمنية في صنعاء، ويتهم مسؤولون يمنيون وعواصم عربية وغربية إيران، بدعم الحوثيين بالمال والسلاح، ضمن صراع على النفوذ في عدة دول في المنطقة بين إيران والسعودية، جارة اليمن، وهو ما تنفيه طهران.
ورغم توقيع الحوثيين اتفاق "السلم والشراكة" مع الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي، وتوقيعها على الملحق الأمني الخاص بالاتفاق، والذي يقضي بخروجهم صنعاء والمدن الرئيسية إلا أنَّ الحوثيين توسعوا تجاه السواحل الغربية للبلاد وشرقًا نحو محافظتي مأرب وشبوة، التي تردف خزينة الدولة بمليارات من مردود الغاز المسال والنفط.
أرسل تعليقك