استنفرت القبائل الجنوبية في اليمن مقاتليها، للاستعداد لمواجهة "الحوثيين" الذين باتوا على حدودهم بعد سيطرتهم على محافظة البيضاء أخيرًا، وأعلنت قبائل مشهورة تشكيل جيش شعبي لمنع دخول "الحوثيين" مناطقهم، في حين صعد "الحوثيون" من خطواتهم الانقلابية بالإعلان عن بدء تشكيل مؤسسات الدولة، وهو ما يشير إلى تحديهم لقرارات مجلس الأمن الدولي الأخيرة.
وذكرت مصادر جنوبية أنَّ قبائل العوالق في شبوة، وقبائل يافع في لحج، عقدت اجتماعات حاشدة، الخميس، وأعلنت تشكيل جيش شعبي لمواجهة تمدد "الحوثيين" باتجاه المحافظات الجنوبية، محذرة من إهدار دم كل من يتعاون أو يسهل لـ"الحوثيين" دخول مناطقهم، وأعلنت إغلاق حدودها مع محافظة البيضاء المحاذية لـ4 محافظات جنوبية، هي شبوة النفطية، ولحج، وأبين، والضالع.
وعقدت قبائل يافع في لحج اجتماعًا قبليًا أكدوا فيه مسؤوليتهم في منع "الحوثيين" من التمدد إلى مناطقهم، وأعلنوا إهدار دم أي شخص يتعاون أو يسهل لـ"الحوثيين" الدخول إلى مناطقهم.
وطالب الاجتماع الذي حضره شخصيات من الحراك الجنوبي، وشخصيات اجتماعية وقبلية وقيادات محلية، جميع أبناء المنطقة بالوقوف صفًا واحدًا ضد كل من يسعى لـ"غزو" منطقتهم، أو دخولها، وشددوا على أن مسؤولية الجميع في الدفاع عن كل مناطق يافع في حال حاول "الحوثيين" دخولها.
من جهتها، أغلقت قبائل العوالق في شبوة، حدودها مع محافظة البيضاء، التي تدور فيها معارك استنزاف بين "الحوثيين" ورجال قبائل، ونقلت وكالات الأنباء عن مصادر قبلية أنَّ اجتماعًا شارك فيه زعماء قبيلة العوالق، كبرى قبائل شبوة، أكدوا التصدي لأي نشاط لأي جماعات مسلحة مرتبطة بـ"القاعدة" أو "الحوثيين".
وذكرت المصادر أنَّ الاجتماع قرر تشكيل قوة مسلحة قبلية من 3 آلاف مقاتل و200 طاقم لحماية مصالح المحافظة النفطية ورفض أي أعمال تخريب لأي مصالح خاصة أو عامة بها.
وأكد الاجتماع القبلي رفضه الإعلان الدستوري الذي أصدره "الحوثيون" قبل أسبوعين في العاصمة صنعاء، حل بموجبه "الحوثيون" البرلمان اليمني، ودعوا لتشكيل مجلس مؤقت بديل، ومجلس رئاسي من 5 أشخاص وحكومة، مجددين تمسكهم بشرعية الرئيس المستقيل عبد ربه منصور هادي.
واستنكروا استمرار حصار واحتجاز هادي ورئيس وزرائه خالد بحاح، مطالبين بسرعة فك الحصار المفروض عليهما، وحمّلوا "الحوثيين" المسؤولية عن أي مساس بأمنهما وحياتهما.
وتُعد محافظة شبوة من محافظات اليمن النفطية، ويوجد فيها أكبر مشروع صناعي في البلاد، وهو مشروع الشركة اليمنية للغاز الطبيعي المسال، الذي تقوده "توتال" من بين 7 شركات عملاقة في إدارة محطة لإنتاج الغاز الطبيعي المسال في اليمن بتكلفة 4.5 مليار دولار على بحر العرب.
ويحاول "الحوثيين" منذ سيطرتهم على العاصمة صنعاء، التمدد باتجاه منابع النفط والغاز في كل من شبوة، وحضرموت، ومأرب، التي تعتمد عليها البلاد في موازنتها العامة بأكثر من 70%، لكن قبائل هذه المحافظات أوقفت تمدد "الحوثيين" إليها، بعد أن حشدت الآلاف من مقاتليها في كل من مأرب وشبوة وحضرموت.
وبحسب مراقبين، فإنَّ "الحوثيين" يعتقدون أن استيلاءهم على محافظتي شبوة وحضرموت، النفطيتين، سيسهل لهم بسط سيطرتهم وإخضاع بقية المحافظات الجنوبية.
في سياق آخر، كشفت وزير الإعلام المستقيلة نادية السقاف أنَّ "الحوثيين" رفعوا حصارهم، الخميس، عن وزيرين بعد 3 أسابيع من الإقامة الجبرية عليهم.
وأكدت السقاف في تغريدات عبر حسابها الرسمي على "تويتر" أنَّه تم رفع الحصار عن كل من وزير الإدارة المحلية الإدارة المحلية المستقيل عبدالرقيب فتح، ووزير الخارجية عبدالله الصايدي، فيما لا يزال الرئيس هادي ورئيس حكومته خالد بحاح، وعدد من الوزراء تحت الحصار من قبل الحوثيين منذ كانون الثاني/ يناير الماضي.
ونظمت العشرات من الناشطات الحقوقيات، وقفة احتجاجية أمام مقر حوار الأطراف السياسية، مطالبات جميع الأطراف للوصول إلى اتفاق وطني لحل الأزمة التي تعيشها البلاد.
ودعت الناشطات القوى السياسية، الخميس، إلى النأي عن المكاسب والمصالح الضيقة، والتحرك الجاد لتأسيس دولة مجتمع مدني قوي وفاعل وبناء دولة المواطنة المتساوية والشراكة الحقيقة التي تشمل على الأقل نصف السكان في صناعة القرار.
في غضون ذلك؛ صعد "الحوثيون" من خطواتهم الانقلابية متجاهلين الحراك الشعبي المناهض لهم، ومتجاوزين قرارات مجلس الأمن الدولي الأخيرة التي تنص على سحب ميليشياتهم من المؤسسات الحكومية، ورفع الحصار المسلح عن قادة الدولة.
وذكرت وكالة الأنباء "سبأ"، أن "اللجنة الثورية العليا"، أعلنت البدء في "تشكيل مؤسسات الدولة وفقا لأحكام الإعلان الدستوري"، مشيرةً إلى أنَّ اللجنة قررت البدء بوضع شروط ومعايير آلية اختيار أعضاء المجلس الوطني.
وأكدت اللجنة أنَّها شرعت في الإجراءات "بغض النظر عما يجري من حوارات بين القوى السياسية، التي لم تصل إلى نتيجة"، ووصفت "اللجنة الثورية" أنَّ الحوارات التي تجريها الأطراف السياسية بإشراف الأمم المتحدة هي حوارات "عقيمة ولم تفض إلى أي نتيجة أو حلول".
وذكرت اللجنة أنها اتخذت عددا من القرارات الخاصة بمؤسسات الدولة والوضع الاقتصادي، دون أن تكشف مضمونها.
وينص قرار مجلس الأمن الدولي رقم 2109، الصادر قبل أيام على انسحاب "الحوثيين" من مؤسسات الدولة وتطبيع الأوضاع، ومنحهم مهلة 15 يوما للامتثال له، وإطلاق سراح المسؤولين المختطفين، أولهم الرئيس المستقيل عبد ربه منصور هادي، ورئيس الحكومة المستقيل خالد بحاح، ودان القرار استيلاء "الحوثيين" على السلطة في اليمن، واستخدام القوة ضد المتظاهرين السلميين.
والتقى مسؤول أممي أمس في صنعاء، مع رئيس أركان الجيش اليمني اللواء الركن حسين ناجي خيران، لمناقشة الاختلالات الأمنية التي تعيشها البلاد، حسبما نشر الموقع الإلكتروني لوزارة الدفاع.
وأكد المستشار السياسي لمستشار الأمين العام للأمم المتحدة لشؤون اليمن، الدكتور يونس أبو أيوب، أهمية دور المؤسسة العسكرية والأمنية في إنجاز أي اتفاق سياسي، وما يترتب عليها من مهام عظيمة في حفظ الأمن والاستقرار، والتعاطي بشكل إيجابي وجاد مع أي اتفاقيات يتوصل إليها أطراف العمل السياسي.
وأوضح أنَّ "الأمم المتحدة ستبذل قصارى الجهود بالتواصل مع الأطراف السياسية لتقريب وجهات النظر، والخروج بحلول توافقية يرتضي بها الجميع، وتلبي طموحات وتطلعات أبناء الشعب".
أرسل تعليقك