الخرطوم - محمد إبراهيم
بلغ التصعيد مداه بين السودان ودولة جنوب السودان، عقب بيان وزارة الخارجية الأميركية، الذي أتهم حكومة جوبا صراحة بإيواء الحركات السودانية المُسلحة في أراضيها، وتقديم الدعم المادي لها، ورحبت الخرطوم بالإدانة الأميركية لحكومة سلفاكير ميارديت، ومطالبتها بطرد هذه الحركات، وقالت إن بيان الولايات المتحدة أكد اتهامات السودان المُتلاحقة لدولة الجنوب بدعم المعارضة المسلحة ضدها، وفي رد فعل، صُنف من قبل المراقبين بـ"العنيف"، هدد الرئيس السوداني عمر البشير، مساء الجمعة، في اجتماعات مجلس الشوري لحزبه الحاكم "المؤتمر الوطني"، نظيره سلفاكير ميارديت، رئيس الدولة الوليدة، بما أسماه بـ"قلب الصفحة"، حال عدم استجابة جوبا لدعوته بإنفاذ الاتفاقات الموقعة بين البلدين، في إشارة إلى قطع العلاقات بين البلدين، بخيارات مفتوحة.
وأمهل الرئيس السوداني حكومة نظيره الجنوب سوداني 46 يومًا، أي حتى نهاية ديسمبر / كانون الأول المقبل، لتنفيذ اتفاقيات التعاون التسع، المبرمة بين الدولتين، في العاصمة الإثيوبية أديس أبابا، في 27 سبتمبر / أيلول 2012، والمتعلقة بمعالجة ثماني قضايا بين الدولتين، عقب انفصال الجنوب، تشمل قضايا الأمن، وأوضاع المواطنين في البلدين، وحقوقهم، والحدود، والتعاون بين البنوك المركزية، والتجارة ، والنفط، والقضايا ذات الصلة، والقضايا الاقتصادية الأخرى، التي تضم الأصول، والديون، والمتأخرات، والمطالبات، والحريات الأربعة.
وقال الرئيس السوداني، خلال الاجتماع: "إن السودان قد صبر كثيرًا على حكومة جنوب السودان، بشأن تنفيذ اتفاقات أديس أبابا"، وأضاف بلغة دارجة بحته "الفرصة لحدي ديسمبر، وبعدها الحشاش يملا شبكتو"، في إشارة إلي تصعيد الموقف مع حكومة "سلفاكير"، وشدّد على أهمية حرص حكومة جنوب السودان على المضي بالعلاقة بينها وبين الخرطوم، قاطعًا بأن السودان يحرص على الأمن والاستقرار في جنوب السودان، وأشار إلى أن السودان، رغم تلكؤ جنوب السودان في إنفاذ اتفاقات التعاون، لم يرفض استقبال اللاجئين الجنوبيين، الذين تدفقوا نحو الأراضي السودانية، وأضاف: "نحنا أهل مروءة، ولا نرد المحتاج".
وأعلن البشير أن حكومته نفضت يدها من المساعدة في إيجاد تسوية سياسية في دولة جنوب السودان، رغم الرجاءات الدولية والإقليمية، لافتًا إلى أن السودان لا يملك حلاً لمشكلات جنوب السودان، مشيرًا إلى أن جوبا لديها حكومة وجيش وقوات.
وفسر مراقبون حديث الرئيس السوداني، وتهديده لحكومة الجنوب، بأنها محاولة لممارسة المزيد من الضغوط علي حكومة "سلفاكير"، وقال المحلل السياسي خالد قنديل، في تصريحات إلى "العرب اليوم"، إن التصعيد بين البلدين بلغ مداه، بصوره غير متوقعة، مُشيرًا إلى أن بيان وزارة الخارجية الأميركية صب الزيت على النار الخامدة، وشجع الخرطوم على ممارسة مزيد من الضغوط على حكومة الجنوب، التي يعتبرها السودان مسنودة من الولايات المتحدة، وأضاف: "الخرطوم لن تفوت هذه الفرصة لممارسة المزيد من الضغوط، بعد أن وجدت الضوء من واشنطن"، مشيرًا إلى أن حكومة جوبا لم تنف هذه الاتهامات، وأشار إلى أن تصريحات وزير الدفاع في دولة الجنوب، كول مانيانغ، بأنهم أمروا جميع القوات المتمردة السودانية بمغادرة الجنوب، تماشيًا مع اتفاق مع الخرطوم، ضد دعم المتمردين، يضعها في دائرة الاتهام، وفقدان التعاطف من قبل حليفتها أميركا، والمجتمع الدولي، كونها غير جادة في تحقيق السلام في الجنوب ووالمنطقة، مبينًا أن حكومة جوبا انحنت للعاصفة، وتحفظت عن الرد على تصريحات الرئيس "البشير" حتى الآن، ما يؤكد ضعف موقفها، بعد البيان الأميركي، الذي طالبها بطرد الحركات السودانية المُسلحة.
ومن جهته، رحب رئيس مكتب متابعة سلام دارفور في السودان، أمين حسن، المفاوض الحكومي مع حركات دارفور، المتواجده في الجنوب، ببيان وزارة الخارجية الأميركية، الذي دعت فيه حكومة الجنوب السودان إلى إيقاف دعمها لحركات المعارضة المسلحة السودانية، ووصف البيان، في تصرحات صحافية، بأنه خطوة مهمة، تشكل ضغطًا إضافيًا على دولة الجنوب، لإخراج الحركات السودانية المسلحة من أراضيها، وعدم دعمها.
أرسل تعليقك