بغداد - نجلاء الطائي
ظهرت أشجار أعياد الميلاد من جديد في محال وأسواق مدينة الموصل وبالإمكان مشاهدة شخصيات ودمى سانتا كلوز أو بابا نويل منتشرة في شوارع الموصل، حيث أصبح للطوائف المسيحية المختلفة من آراميين وآشوريين وكلدانيين وسريانيين من أبناء الموصل شيئا خاصا يحتفلون به هذا العام بعد مضي ثلاث سنوات من سلطة مسلحي تنظيم "داعش" المتطرف.
وقالت غنوة غسان، فتاة عمرها 17 عاما، "ربما يكون من الغريب أن تظهر فتاة برداء سانتا كلوز في شوارع هذه المدينة. ولكنني أردت أن اعطي الناس هدايا بسيطة، وأريد أن احيي عيد الكريسماس في مكان كان ممنوعا فيه اثناء سيطرة داعش."وهي مرتدية زي بابا نويل، قامت غنوة غسان بتوزيع ألعاب ومستلزمات مدرسية لأطفال مسيحيين ومسلمين من المتواجدين في شوارع وأزقة مدينة الموصل القديمة التي تغمرها الانقاض.
وبعد ثلاث سنوات من هيمنة تنظيم "داعش" والتي تخللتها جرائم قتل واختطاف وتهجير بحق مسيحيي مدينة الموصل ومناطق سهل نينوى فإن عودة أعياد الميلاد تؤشر لنقطة أمل بعودة الكثير من أهالي الموصل المسيحيين إلى ديارهم مع هذه المناسبة. وقالت برناديت المصلوب، 59 عاما وهي موظفة آثار من قرية كريسماس في قضاء الحمدانية جنوب شرق الموصل، إن "اولادنا الشباب قضوا الليل وهم يزينون مدينتنا بالأضوية والديكورات بنفس الطريقة التي اعتدنا القيام بها قبل مجيء "داعش"."وكان مسيحيو قرى سهل نينوى من كلدانيين وآشوريين وسريانيين قد أشعلوا "شعلة كريسماس" في باحة كنائسهم التي تعرضت اغلبها للتدمير والحرق من قبل "داعش".
وقال القس مارتن باني، مطران كنيسة كرمليس للكلدان الكاثوليك، أن "الاحتفال بأعياد الميلاد هنا في قريتنا تعتبر رسالة وهو انه على الرغم من جميع التهديدات والاضطهاد والقتل الذي واجهناه في العراق، لدينا أمل بان هذا البلد سيتغير نحو الاحسن"، مشيرا إلى أن كنيسته الكلدانية تقوم بتوزيع اشجار اعياد الميلاد.
وأضاف القس باني "آخر قداس أعياد الميلاد اقمناه هنا كان في العام 2013 والآن فإن الصليب يرفع من جديد فوق كنسية القديس بولص في قريتنا." وعبر العلمانيون والليبراليون المسلمون عن ارتياحهم أيضا بعودة أعياد الكريسماس، ويقولون إن فكر تنظيم "داعش" التكفيري هدد أساليب حياتهم كما هدد مسيحيي المنطقة.
وقال علي البارودي 29 عاما، وهو محاضرفي اللغة الإنجليزية في قسم الترجمة بجامعة الموصل، "شعرت بالفرح والسعادة عند دخولي قاعة محاضرتي الصباحية لأرى شجرة الميلاد المضيئة بعد ثلاث سنوات قاتمة من حكم "داعش"."المسيحيون الذين عادوا إلى مناطق شرق الموصل هم اكثر من الذين عادوا لمناطق غرب الموصل القديمة التي ماتزال بحاجة إلى إعمار.
وقال سعد أحمد، 32 عاما وهو مسلم من سكنة شرق الموصل، "يوم أمس قامت مجموعة من شباب الموصل بتنظيف كنيسة هنا ليتمكن المسيحيون من الاحتفال وحضور القداس. وكذلك تم تزيين المطاعم والمحال بأشجار الميلاد وشخصيات سانتا كلوز." وقال أحمد إنه ما تزال هناك كنائس أخرى متضررة أو محجوزة من قبل الحكومة، مشيرا إلى أن الكنيسة الموجودة في منطقة المهندسين تستخدم الآن كسجن."
وترجح منظمات خيرية ومنظمات إغاثة مسيحية تراجع عدد مسيحيي العراق إلى أقل من 300 ألف فقط. ويقول ميرفي توماس، المدير التنفيذي لمنظمة التضامن المسيحية في لندن، أن "هجرة الاقليات العرقية في العراق قد تستمر طالما هناك آمال ضعيفة باسترجاع الاستقرار للبلد." ويقول بعض وجهاء الطائفة المسيحية أن عودة جميع مسيحيي الموصل إلى احيائهم وقراهم ماتزال غير متوقعة على المدى المنظور.
وقال سامر إلياس، وهو أكاديمي مسيحي هرب من الموصل إلى كردستان بعد دخول داعش، أن "الكنيسة الكلدانية لها اجندة سياسية حول هذا الموضوع، فهي ترحب بالذين عادوا وتستهجن الذين غادروا وهاجروا." وتعلق الطبيبة النفسية اوفون ايدواردـ من منطقة القوش في سهل نينوى، قائلة أن "زينة اعياد الميلاد والطقوس المألوفة في هذه المناسبة لا يمكن لها أن تهدئ من مخاوفي من المستقبل". وأضافت ايدوارد "نعم هناك أشجار مضيئة وناس يتحدثون عن استعداداتهم للاحتفال، ولكن طائفتنا المسيحية ماتزال متضررة من آثار الحرب، الناس يحتفلون من دوافع سلوكهم بمشاعر باردة ."
أرسل تعليقك